بين الواقع وأكاذيب حكومتها.. هل تبتلع إسرائيل الطعم الذي أعدته حماس؟

> «الأيام» القدس العربي:

> التصريحات العالية في جهة والواقع على الأرض في جهة أخرى. وثمة شك يتسلل إلى القلب، وفي واقع الأمر ليس هذا مجرد شك، بل انطباع آخذ يتعاظم في أن جولة المواجهة الحالية بين إسرائيل وحماس، التي بدأت عقب حملة القتل التي قام بها مخربو المنظمة في 7 أكتوبر، تقترب من نهايتها، ورغم استئناف النار في نهاية الهدنة، يدور الحديث عن لحظة نهاية رمزية ومحدودة وليس خطوة تستهدف الوصول إلى الحسم.

المفاوضات الجارية حول الهدن ووقف النار تدل على حل تطرحه علينا حماس وفقا لخطة مرتبة مسبقاً، أساسها – بعد جر إسرائيل لإنهاء القتال ووقف نار دائم وطويل يجلب لها النصر – استمرار حكمها في القطاع بينما يتمتع قادتها بالحصانة من ضربة إسرائيلية. هذا ما حصل في ختام كل جولة خضناها مع منظمة القتلة هذه. كما أن التقارير تفيد، رغم النفي الجارف، بأن إسرائيل تفكر بابتلاع الطعم.

وبينما تعانقنا الولايات المتحدة عناقاً حاراً ومحباً، تلعب وتقيد أيضاً كتلك المطالب التي تأتي من الرئيس بايدن لإسرائيل بأن “تمتنع عن اقتلاع السكان من بيوتهم في المعركة التي تخطط لها في القطاع”. معنى الطلب هو الامتناع عن عملية برية ذات مغزى في جنوب القطاع، حيث لا تزال حماس مسيطرة. كما أن الأمريكيين يريدون أن نخرج من شمال القطاع ونكتفي بعمليات خاصة موضعية ومحدودة ضد أهداف حماس. يدور الحديث عن “مشورات” وفق ثمرة “نجاحات” الأمريكيين في المعارك مع طالبان والعراق، البعيدتين عن واشنطن آلاف الكيلومترات. لكن الأمريكيين يعرفون أيضاً، ولسبب ما يفضلون أن يَنسوا ويُنسوا الآخرين بأن القتال البري وفقط احتلال أهداف العدو، أدت إلى تصفية “داعش”.

الرسائل القادمة من الولايات المتحدة تقع على آذان مصغية عندنا، خصوصاً لدى أولئك الذين يعتقدون بأن من الأفضل التوقف قبل الغرق في الوحل الغزي، مع حلول الأمطار وفي ضوء قتال متوقع في الأزقة وفي مخيمات اللاجئين ضد مخربي حماس. وفضلاً عن ذلك، الحرب موضوع باهظ الثمن، ويتعين تحرير رجال الاحتياط وإعادة المرافق الاجتماعية والاقتصاد إلى مسارها. لا غرو أن ثمة من يمهد التربة الآن من خلال “قصص” عن الضربة التي وجهناها لحماس (وهي بالفعل ضربت ضربة قاسية، وإن لم تكن كافية) بل وحتى عن الضربة التي تعرض لها “حزب الله”. هذه، كما يزعم الآن، كفيلة بحمل المنظمة على إبداء مرونة والموافقة على تغيير في الواقع الأمني على طول الحدود الشمالية في اليوم التالي.

السياسيون منصتون لدقات قلب الجمهور، وهذا تواق للعودة إلى الحياة الطبيعية وروتين الحياة ويدمن على الهدن الآخذة في الاستطالة في الحرب. إن إعادة المخطوفين تملأ القلب بالدفء والرضى، بمثابة انتصار للروح الإسرائيلية على العدو. بالفعل، جدير وضروري أن نبذل كل جهد لنعيد المخطوفين إلى الديار ولو بثمن أليم. غير أنه يجب أن نتذكر ونُذكر المخطوفين الذين عادوا إلى بيوتهم وأولئك الذين نتطلع ونصلي لعودتهم وأولئك الذين ستختطفهم حماس في جولات المواجهة التالية، إذا ما تركناها تواصل السيطرة في غزة. فكل نهاية لا تؤدي إلى هزيمة حماس هي بداية العد التنازلي للحرب التالية.

إذا ما وصلت الأمور إلى هذا، فبانتظارنا حالة أليمة. لماذا غرست القيادة الإسرائيلية في الجمهور أوهاماً عابثة عن أهداف المعركة، والآن تهدئه وتنيّمه قبل النهاية. من الأفضل أن تقول الحقيقة للجمهور، ما هو الممكن وما هو غير الممكن برأيها أن تحققه في عملية عسكرية، نظراً للظروف الدولية والاضطرارات الاقتصادية والأمنية. وعلى هذا يجدر إجراء نقاش جماهيري ثاقب. وفي كل الأحوال، الحقيقة والثقة هما الأساس الذي لن نتمكن بدونه من ترميم نسيج حياتنا ونعيد سكان الجنوب والشمال إلى بيوتهم.

 إسرائيل اليوم

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى