صحف أمريكية وبريطانية: اغتيال إسرائيل للرجل الثاني في “حماس” قد يجبرها على فتح جبهة ثانية

> «الأيام» القدس العربي:

> تناول عددٌ من الصحف الأمريكية والبريطانية اغتيال الرجل الثاني بالمكتب السياسي لحركة “حماس”، صالح العاروري، مع ستة عناصر في الحركة بطائرة مسيّرة في بيروت، مساء الثلاثاء.

وربما جاء الاغتيال في إطار توسيع إسرائيل الحملة ضد “حماس”، أو استمراراً لسياسة الاغتيالات التي تمارسها إسرائيل كجزء من إستراتيجية “دفاعية”. وتحدثت الصحف عن التداعيات السلبية لاستهداف العاروري في هذا الوقت، وموقف الولايات المتحدة، التي كشف موقع “أكسيوس” أنها لم تعرف بالهجوم مسبقاً.

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً لمراسلها ديون نيسباوم قال فيه إن استهداف إسرائيل لنائب رئيس  المكتب السياسي لحركة “حماس” العاروري سيترك آثاره على مصير الرهائن الإسرائيليين لدى “حماس”، وقد يفتح جبهة جديدة في الشمال مع “حزب الله”.

وجاء اغتيال العاروري، الشخصية المؤثرة في حركة “حماس”، وأحد مؤسسي الجناح العسكري للحركة “كتائب القسام” بعدما ضربت طائرة مسيّرة اجتماعاً في الضاحية الجنوبية ببيروت، وقتلته مع ستة أعضاء في حركة “حماس” بلبنان.

ولم تعلن إسرائيل المسؤولية، إلا أن تقارير عبرية وأمريكية رجّحت وقوف إسرائيل وراء عملية القتل، في ضوء تصريحات قادتها، منذ هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر على إسرائيل، بملاحقة قادة “حماس” في داخل غزة والخارج، سواء في بيروت أو الدوحة أو تركيا.

ورأت الصحيفة أن اغتيال العاروري هو أول تحرك لإسرائيل في حملة ملاحقة قادة “حماس” خارج غزة، التي زاد عدد القتلى فيها عن 22.000، منذ بداية العملية الإسرائيلية، قبل ثلاثة أشهر، ومعظمهم من الأطفال والنساء.

 وفي الوقت الذي رفضت فيه إسرائيل التعليق على الهجوم، إلا أن داني دانون، الذي عمل سفيراً لإسرائيل في الأمم المتحدة، امتدح الهجوم، وأثنى على الموساد لقيامه بالعملية. وفي الوقت نفسه نَسبَ راديو الجيش الإسرائيلي الهجوم  لإسرائيل. وقال دانون على منصة إكس: “أي شخص متورط في مذبحة  7 أكتوبر سنصل إليهم، و نتعادل”.

وترى الصحيفة أن الهجوم تركَ تداعيات مباشرة على جهود الإفراج عن أكثر من 100 رهينة تحتجزهم “حماس” منذ تشرين الأول/أكتوبر، وأعلنت الحركة عن وقف المفاوضات الجارية في القاهرة، ولأجل غير مسمى، حسب المسؤولين المصريين.

وقال المسؤولون الإسرائيليون إنهم يتوقعون رداً انتقامياً من “حزب الله”، حيث تحدث مواجهات شبه يومية على الحدود الإسرائيلية- اللبنانية. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانيال هغاري: “نحن على أهبة الاستعداد”، و”الشيء المهم الواجب قوله هذا المساء إننا لا نزال نركز على قتال حماس”.

وترى الصحيفة أن هجوم بيروت قد يعقّد الجهود الأمريكية للتوصل لحل دبلوماسي ووقف القتال بين إسرائيل و”حزب الله”.

وتحاول إدارة بايدن تأمين اتفاق مع “حزب الله” يسحب بموجبه قواته من الحدود، حيث نفذت أكثر من 200 هجوم، قتلت على الأقل ستة جنود إسرائيليين وأربعة آخرين. وهدد قادة إسرائيل بهجمات انتقامية في لبنان إن لم يوقف “حزب الله” هجماته.

ويزيد هجوم الثلاثاء من مظاهر القلق، ورد الحزب برشقات صاروخية في داخل إسرائيل. ووصف “حزب الله” الهجوم الذي قتل العاروري ومن كانوا معه في الاجتماع بالهجوم الخطير على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته والمقاومة، وتعهد الحزب بالرد الانتقامي.

وفي الوقت الذي قالت فيه إدارة بايدن إنها تراقب التقارير بشأن مقتل العاروري، إلا أنها ستواصل جهودها الدبلوماسية، وعبّرت عن أمل ألا تؤدي العملية لرد من “حزب الله”.

ونقلت الصحيفة عن بول سالم، من معهد الشرق الأوسط في واشنطن، قوله إن الهجوم هو تصعيد إسرائيلي للحرب ضد “حماس”، لكنه لن يقود بالضرورة إلى توسيع الحرب مع “حزب الله”، و”في الوقت الذي سيزيد من التوتر نوعاً ما، ولكني لا أعتقد أنه سيدفع حزب الله إلى التصعيد الواسع”، و”لأن هذا الهجوم طال مسؤولاً فلسطينياً، وليس زعيماً في حزب الله، فمن الصعب أن يدفعهم للحرب بسبب شخص آخر”.

 ويبدو أن هجوم الثلاثاء بداية لتوسيع الحملة ضد أي شخص تعتقد أنه متورط في هجمات تشرين الأول/أكتوبر، حيث ركزت في الأشهر الثلاثة الأخيرة على قيادة “حماس” في غزة. وحتى الآن لم تكن قادرة على تحديد مكان أو قتل زعيم “حماس” في غزة، يحيى السنوار، ولا القائد العسكري لـ “كتائب عز الدين القسام”، محمد الضيف.

وفي الشهر الماضي، انتقد حسام بدران، عضو المكتب السياسي لـ “حماس”، خطط إسرائيل لقتل قادة “حماس” معتبراً أنها تنم عن تناقضات، فالحكومة الإسرائيلية “تطلب من الموساد قتل [قادة حماس] والتفاوض معهم بطريقة غير مباشرة” في تركيا وقطر.

ويعتبر العاروري من أهم القيادات المعروفة بقربها من إيران التي تدعم ما يعرف بـ “محور المقاومة”، وعمل بشكل وثيق مع قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، الذي قتل في غارة جوية عام 2020، وتتهمه الولايات المتحدة بالتخطيط لمقتل إسرائيليين من حملة الجنسية الأمريكية. كما اتهمته إسرائيل بمحاولة  توثيق الصلات مع “حزب الله”، والقيام بعمليات مشتركة ضد إسرائيل.

وعلق العاروري، في مقابلة مع قناة “الميادين”، أجريت معه في أيلول/سبتمبر، على احتمال تعرّضه للاغتيال، فقال إن حياته ليست أقل أهمية من القيادات التي قتلت من قبل، و”أي شهيد سبقنا هو أفضل منا”.

 وجاء اغتيال العاروري في وقت اجتمع فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع أعضاء حكومته لمناقشة طرق التعامل مع تهديد “حماس”، حيث طالب وزيران بإفراغ غزة من سكانها الفلسطينيين. ودعا وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش لإخراج الفلسطينيين من غزة، في خرق للقانون الدولي. ووبّخ المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، الوزيرين: “أخبرتنا الحكومة الإسرائيلية مراراً وتكراراً أن هذه التصريحات لا تعكس سياسة الحكومة الإسرائيلية”، و”يجب أن تتوقف حالاً”.

وفي تقرير منفصل لصحيفة “الغارديان” أعده جيسون بيرك قال إن الهدف تم اختياره بعناية، أي ثاني أهم مسؤول سياسي في حركة “حماس” ورابطتها مع إيران.

وكان العاروري مؤثراً في الضفة الغربية، حيث ولد وتصاعد العنف هناك في السنوات الأخيرة.

ويقول بعض المسؤولين الإسرائيليين إن القيادي، البالغ من العمر 57 عاماً، ربما كان يعرف مقدماً بهجمات تشرين الأول/أكتوبر. وذكر الكاتب جذور العاروري في النشاط الإسلامي أثناء دراسته في الجامعة الإسلامية بالخليل، ودوره في إنشاء “كتائب عز الدين القسام”. وتحول العاروري لأهم شخصية في الحركة، ولديه علاقات واسعة في الشرق الأوسط، وبالتحديد مع إيران. وأصبح بعد انتخابه في المكتب السياسي، ونائباً لرئيسه، المبعوث المفضل للحركة، والمتحدث الرئيسي باسمها. وأشارت الصحيفة لتصريحات مدير الشين بيت رونين بيت، في كانون الأول/ديسمبر، بأن قادة “حماس” سيقتلون، سواء كانوا في غزة، في لبنان وتركيا وقطر.

 ويرى الكاتب أن سياسة الملاحقة، التي قُورنت بملاحقة منفذي الهجمات في ميونيخ، عام 1972، قد تكون محاولة لتطمين الرأي العام الإسرائيلي وزيادة الدعم للحكومة المتهمة بالفشل الأمني.

لكن هناك قلقاً من ارتداد السياسة هذه سلباً، فقد أخبر  أشخاص استهدفتهم إسرائيل سابقاً أن المحاولات لم تردعهم، بل وجعلتهم أكثر تصميماً.

واقترح آخرون أن أي ضرر يصيب حركات متطرفة هو مؤقت. ويقول محللون إن تداعيات الاغتيالات لا يمكن التكهن بها. فمقتل زعيم قد يدفع حركة لتغيير إستراتيجيتها، بل والتخلي عن العنف. وبشكل متساو قد يقود إلى صعود زعيم آخر  أكثر ميلاً للحرب.

وربما أدى مقتل العاروري لخوض إسرائيل حرباً على جبهتين، وهو سيناريو حاولت تجنبه.

وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” إن مقتل العاروري في قلب الضاحية الجنوبية، معقل “حزب الله” سيزيد من الضغوط عليه للرد.

وأشارت الصحيفة إلى دور العاروري في تعزيز قوة “حماس” العسكرية، وهو ما منحنه موقعاً بارزاً على قائمة القتل الإسرائيلية “الجوكر” حسب أوراق اللعب.

 وفي مقابلة مع المسؤول البارز السابق في شين بيت، شالوم بن حنان، قال إن العاروري رجل يدعو للاحترام والمقت في الوقت نفسه. ولعب دوراً في إنشاء فرع للحركة في لبنان، ووثّق العلاقة مع “حزب الله”. وقال بن حنان إن موت العاروري “حلقة مهمة ستضر بلا شك بعمليات حماس”. وفي مقابلة، الشهر الماضي، مع “الجزيرة”، قال إن إسرائيل فشلت في كسر المقاومة وإرادة الشعب في غزة، وهي تقوم بارتكاب جرائم وانتقام عوضاً عن هذا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى