قرار مرن من محكمة العدل الدولية يرضي إسرائيل ويسعد خصومها

> "الأيام" العرب:

> ​سعت محكمة العدل الدولية لإرضاء طرفي الأزمة بإصدار قرار مرن يرضي إسرائيل، التي ترفض أي قرار يقضي بوقف الحرب، ويستجيب لرغبة جنوب أفريقيا التي قدمت الدعوى ومن ورائها حركة حماس وداعموها.

وبدا أن القرار، الذي انتظره الكثيرون وأثار مخاوف إسرائيل، كان موجها سياسيّا للحفاظ على صورة المحكمة ومصداقيتها أكثر من مراعاة البعد القانوني وحيثيات الملف والأدلة المقدمة بشأن قضية “الإبادة الجماعية”.

وأمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل الجمعة بمنع أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين وبذل المزيد من الجهود لمساعدة المدنيين، رغم أنها لم تصل إلى حد الأمر بوقف إطلاق النار كما طلبت دولة جنوب أفريقيا.

وقضى القرار على أمل الفلسطينيين في إصدار أمر ملزم بوقف الحرب في غزة، لكنه يمثل أيضا انتكاسة قانونية لإسرائيل التي كانت تأمل في إسقاط القضية المرفوعة بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية التي تأسست بعد المحرقة (الهولوكوست).

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان "مثل كل دولة، لإسرائيل حق أصيل في الدفاع عن نفسها… المحكمة الدولية في لاهاي محقة في رفضها الطلب الشائن بحرماننا من هذا الحق". وأضاف "لكن مجرد الادعاء بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين ليس زائفا فحسب، بل هو شائن، ومجرد استعداد المحكمة لمناقشة هذا الأمر هو عار لن تمحوه أجيال".

من جانبها قالت الولايات المتحدة إن القرار يتسق مع رؤيتها أن إسرائيل لها الحق في اتخاذ إجراء وفقا للقانون الدولي لضمان عدم تكرار هجوم السابع من أكتوبر الماضي.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية "لا نزال نؤمن بأن مزاعم الإبادة الجماعية بلا أساس ونلاحظ أن المحكمة لم تخلص إلى نتيجة حول الإبادة الجماعية ولم تدع إلى وقف إطلاق النار في حكمها وأنها دعت إلى الإفراج غير المشروط والفوري لجميع الرهائن الذين تحتجزهم (حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية) حماس".

وتوصلت المحكمة إلى أن الفلسطينيين تشملهم الحماية بموجب الاتفاقية وأن هناك قضية يجب الاستماع إليها حول مدى حرمانهم من حقوقهم في حرب قالت المحكمة إنها تسببت في ضرر إنساني جسيم. كما دعت المحكمة الفصائل الفلسطينية المسلحة إلى إطلاق سراح الرهائن الذين تم أسرهم في هجمات السابع من أكتوبر التي عجلت باندلاع الصراع.

وأشاد مسؤولون فلسطينيون إلى حد كبير بالقرار. وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن القرار تذكير بأنه “لا توجد دولة فوق القانون”، وهو تذكير مرحب به، وفق الخارجية الفلسطينية. وقال سامي أبوزهري، رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس في الخارج، إن “القرار سيسهم في عزل الاحتلال وكشف جرائمه في غزة”.

ورفعت دولة جنوب أفريقيا الدعوى أمام محكمة العدل الدولية في وقت سابق من الشهر الجاري، وطلبت منها فرض إجراءات طارئة لوقف القتال الذي أودى بحياة أكثر من 26 ألف فلسطيني.

واتهمت جنوب أفريقيا إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية بقيادة الدولة في هجومها على قطاع غزة الذي شنته ردا على اجتياح مقاتلي حماس لجنوب إسرائيل مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 240 رهينة. وسعت إسرائيل إلى إلغاء القضية.

وأمر القضاة إسرائيل باتخاذ كل ما في وسعها من إجراءات لمنع قواتها من ارتكاب أعمال إبادة جماعية، ومعاقبة المحرضين، واتخاذ خطوات لتحسين الوضع الإنساني وتقديم تقرير عن التقدم الذي تحرزه في غضون شهر.

ولم تبت المحكمة في مزاعم الإبادة الجماعية، وهو الأمر الذي قد يستغرق سنوات. وقرارات المحكمة غير قابلة للاستئناف، لكن المحكمة ليست لديها آلية لتنفيذ قراراتها.

وطالبت إسرائيل بإلغاء القضية ووصفت مزاعم جنوب أفريقيا بأنها كاذبة و”مشوهة بشكل صارخ”. وتقول إنها تحركت في غزة دفاعا عن النفس ضد عدو هاجمها أولا، وتلوم حماس محملة إياها مسؤولية الإضرار بالمدنيين بسبب الأعمال التي تقوم بها وسطهم، وهو ما ينفيه المسلحون.

وأشادت حكومة جنوب أفريقيا بقرار المحكمة ووصفته بأنه “نصر حاسم” لسيادة القانون الدولي. واستطاعت جنوب أفريقيا التقدم بالقضية بموجب المبدأ القانوني الذي مفاده أن الإبادة الجماعية جريمة خطيرة يتعين على جميع الدول منعها.

وقالت وزارة الخارجية “جنوب أفريقيا تأمل بصدق ألا تعمل إسرائيل على إحباط تنفيذ هذا الأمر، كما هددت علنا بذلك، بل تعمل بدلا من ذلك على الالتزام به بالكامل، كما هي ملزمة بذلك”. وشوهد نائب رئيس البلاد بول ماشاتيل ووزير العدل رونالد لامولا وهما يهتفان ويرقصان في تجمع لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم عقب صدور قرار المحكمة الذي تم بثه على الهواء مباشرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى