المجلس الانتقالي الجنوبي ومعين عبدالملك

> تصاعدت مؤخرًا وتيرة شكوى المجلس الانتقالي الجنوبي من بقاء معين عبدالملك على رأس الحكومة، بعد أن تعزز الاعتقاد بأن الرجُل سيحتفظ بموقعه لعدة أشهر قادمة. الانتقالي يعرف جيدًا أن معينًا أتى برغبة خليجية، ولن يتركها إلّا برغبة خليجية مثله مثل مجلس الرئاسة تماما، وبالتالي فأي لوم أو تخاطب لإزاحة معين يجب أن يكون مع الرأس لا مع الذنب، أي مع التحالف.. فالانتقالي يتحاشى هذه الحقيقة، لئلا يصطدم بالتحالف وبالسعودية، ويفضل إرسال رسائله للتحالف بطريقة غير مباشرة، ليفهم المَعني بالأمر، وإلا لكان بوسعه أي الانتقالي مخاطبة التحالف مباشرة، إن كان قد حسم أمره بالإطاحة بالحكومة، أو يسحب وزراءه منها وستنهار تلقائيًا، خصوصًا وإنها تشكلت وفق مبدأ المناصفة والتوافق.

فبقاء الانتقالي في حكومة يصفها -وهو محق في ذلك -بأنها فاسدة فاشلة ورئيسها فاسد وفاشل، وتتعمد حرب الخدمات ضد عدن وعموم الجنوب. يعني بالضرورة أن الانتقالي شريك بالفساد والفشل وبحرب الخدمات.

الانتقالي وإزاء هكذا أوضاع خدمية ومعيشية مروعة، معني باتخاذ قرارات ترتقي لمستوى هذا التحدي، ولا نعني هنا تجاه حكومة معين فحسب بل تجاه الوضع برمته، فالإطاحة بمعين والبقاء في الشراكة مع باقي المؤسسات الاخرى ليس أكثر من ذر الرماد على العيون وحيلة للتحلل من المسؤولية، فمعين عبدالملك بكل فساده وفشله إلا أنه لا يشكل سوى فرد ونتف صغيرة من كومة مؤسسة فساد عتيقة ضخمة. والانتقالي بهكذا إصرار على البقاء في شراكة سياسية مع هذه القوى، واختزال المأساة بمعين، فإنه يشاركها فشلها وفسادها، كامتداد لمؤسسة ومنظومة فساد تشد بعضها بعضًا، وليس حالة طارئة أتت قبل بضعة سنوات. ويعرف الانتقالي جيدًا أن الأموال التي ينهبها معين وغير معين تأتي من مؤسسات وموارد وبنود وحسابات بنكية يسيطر عليها التحالف، وهذا يؤكد صحة القول بأن معين وغير معين ليسوا أكثر من محللين لعملية النهب، فقطع المورد من مصدره كفيل بتجفيف مصباته. فالعلة تكمن هناك في الرياض وفي قوى الفساد التي تعيد إنتاجها عند كل مرحلة، ومنها مرحلة ما بعد اتفاق ومشاورات الرياض.

ربما يقول أحدهم أنه من الصعوبة بمكان على الانتقالي أن يدير ظهره للتحالف وينسحب من الشراكة السياسية. ولكن مع ذلك نقول إنه حتى لو افترضنا جدلًا صحة هذا القول إلا أن اتخاذ الانتقالي قرارات أقل حدة وتلبي مطالب الناس، من قبيل قرار رفضه توريد الإيرادات المالية الى البنك المركزي، وتسخيرها عوضًا عن ذلك لتوفير الخدمات وبالذات الكهرباء والمياه والطرقات والخدمات الضرورية، فلن يجد أحد بصحة هذا الطرح أو بوسعه التذرع بصولجان التحالف. فلا يعقل أن يظل الانتقالي يورد الإيرادات للبنك المركزي، فيما عدن والمحافظات الأخرى تتوجع وتعاني الويل والبؤس، وباقي المحافظات الأخرى مثل مأرب والمهرة تحتفظ بإيراداتها لها وللسلطات التي تحكمها، فضلًا عن الأموال التي تورد إلى الحساب البنكي للحكومة اليمنية في البنك الأهلي السعودي، ومنها عائدات النفط والغازات منذ مطلع 2016م وحتى منتصف 2023م تقريبًا.

ومثل هذه خطوة من الانتقالي لن تكون ذات بُعد سياسي، يتحرج منه بل فيها من المنطق والمبرر السياسي والأخلاقي ما يكفيها وزيادة، وهي الحد الأدنى من المطلوب.. فالأوضاع بلغت مبلغًا مروعًا، السكوت عنه معيب، بل ومُضر على الانتقالي وعلى حضوره الجماهيري.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى