حكايتي مع المفردات

> هل تكون أحيانًا مثل الضرير الذي لا يهتدي إلى الطريق إلا بمن يمسك بخطامه ويقوده؟ أحيانًا بالفعل أجد نفسي مثل ذاك الضرير، ألتمس الطريق، أبحث عن المفردات، وأطلب منها أن تقودني نحو ذاك النور الذي يشع من بعيد، نحو كل تلك المعرفة، حتى أرى وأسمع وأتعلم من جديد، فالمعرفة لا يكتفي من نورها إلا جاهل، فهي ذاك الشغف الذي يرفعك إلى الثريا، يجعلك مثل ذاك الطائر تحلق وحيدًا في السماء، تحمل على ظهرك عبء تلك الرسالة، و تحمل في عقلك كل ذاك النور، وتطلق من العدم كل تلك المفردات، لتقدمك إلى الناس بكل تلك البلاغة، وبذات الثوب البسيط.

قد تكون حياتك عبارة عن حكاية مليئة بالسعادة، ومليئة بالأحزان، أغلقت صفحاتها في صدرك بكل ذلك الإحكام، لترمي عليك المفردات بتلك التعويذة، تذيب بسحرها صلابة ومتانة كل تلك الأقفال، لتجعل من حكايتك قصة، ومن دمعتك عبرة، ومن سكوتك حكمة، تطير بها بين مرارة الواقع وحلاوة الخيال، ليعرف الناس كل تلك الروعة، وكل ذاك الجمال الذي حبسته ظلمًا في داخلك.

قد تكون تلك المفردات قد صيغت بتلك البساطة، ولكنها قرعت على طبول أبجديات تلك اللغة، وحملت في ثناياها كل فن عزفت به البلاغة، وكل نغمة كتبت على نوتة التعبير، وكل معنى تغنى به الجمال، ليخبر الناس عن ذاك الإنسان، وتجعل من قصتك تحمل ذاك العنوان البارز، الذي يضيء، ليحمل إلى العالم اسمك، وإلى كل تلك القلوب قصتك.

* قاضي في محكمة صيرة الابتدائية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى