مسلمون حول العالم.. المسلمين في إسبانيا

> ي القرن العاشر، وبالتحـديد في سنة 711م. بدأ الفتح الاسلامي لإسبـانيا بقيادة طارق بن زياد الذي هزم ملك القوط في معركة “وادي بكة”، وشتت شمل رجاله، وفي السنة التالية جنّد موسى بن نصير بما جرى حتى جنّد جيشاً، والتحق بطارق في سنة 93هـ، وأكملا فتح إسبانيا التي أسمـاها المسلمون “الأندلس”، ولكن المسلمين تعرضـوا لنكسة في 115هـ، 732م حيث انهزموا في معركة “بواتيه”على يد ملك الفرنج شارل مارتل، وبذلك أوقف الزحف الاسلامي داخل القارة الأوروبية

وحاليا تطلف لفظة الموروس على المسلمين في اسبانيا، فهي جمع لكلمة مورو التي تعني العربي أو المسلم الذي أتى من المغرب، وجاء هذا الاسم من اسم مراكش في المغرب. ويستعمل هذا اللقب بشكل خاطىء من قبل كثير من الإسبان إذ يُطلقون لفظ مورو على كلّ عربي موجود في إسبانيا أو خارجها سواء كان من المغرب أو من دول الشرق حتّى لو كان مسيحياً، ويستخدمون هذه التسمية للدلالة على شخص يقوم بعمل غير محبب عندهم، ولا يُنادون به العربي وجهاً لوجه من دون معرفة درجة تقبله له

أما المسلمين الذين كانوا يشتغلون بالزراعة ورعاية الماشية، ولـم يُسمح بتطبيق قانون الإبعاد عليهم لأنهم كانوا عبيداً لأصحابهم، فلقبوا بالموروس كورتادوس أو العرب المبتورين إن صحت الترجمة.

لم ينته أثر المسلمين وفضلهم على الإسبان بعد خروجهم منها، بل ما زالت بصماتهم في مجالات الحياة كافة شواهد أبدية على عظمتهم. وبرز كثير من المستعربين أو النصارى المعاصرين أو الأندلسيين المسيحيين، وغالبيتهم من المسيحيين الذين اختلطوا بالأندلسيين وتبنوا بعض العادات الإسلامية وتعلّموا اللغة العربية، وظلّوا في المناطق التي كان يحكمها العرب، وعاشوا في بيوت لها مخطط البيوت العربية.

تعتبر حركة الاستعراب الإسبانية من أقدم أنواع الاستشراق في الغرب كنتيجة طبيعية لحكم المسلمين الطويل لإسبانيا منذ بداية القرن الثامن الميلادي، وكانت دراسات المستعربين الإسبان للمواضيع العربية أكثر عمقاً وتأثراً من دراسات المستشرقين الغربيين للعالمين العربي والإسلامي. ولم تقتصر اهتمامات الاسبان في دراسة الاسلام بل نرى الكثير من المستعربين الإسبان الذين سخّروا كثيراً من وقتهم لتعلّم اللغة العربية لكي يُتاح لهم التعرّف جيّداً على حضارة العرب في إسبانيا وعلى تاريخ الإسلام، وليكون اتصالهم بهم أشدّ صلة، ومعلوماتهم أكثر دقة، ويأتي في مقدمة هؤلاء المستعربين أميليو غارثيا غوميز الذي لعب دوراً كبيراً في التعريف بالحضارة العربية الإسلامية في الأندلس من خلال أبحاثه ومحاضراته المتنوّعة.

على رغم ظهور بعض الجاليات والعائلات من أصول إسلامية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، إلاَّ أنَّ دورها وعددها كان ضئيلاً. وما زاد في أعدادهم، تلك السمعة الطيبة التي انتشرت في بداية النصف الثاني من القرن العشرين عن إسبانيا كواحدة من أجمل بلاد العالـم، لما تتمتع به من طقس لطيف وطبيعة خلابة وشواطئ جميلة وآثار معمارية عريقة، إضافة لما يتميّز به شعبها من حسن المعاشرة وكرم الضيافة وسهولة المخالطة… وهذا ما شجع السياح والطلاب في كثير من دول العالـم على زيارتها للدراسة أو للإقامة فيها وخصوصاً العرب والمسلمين الذين حنّوا إلى بلاد أجدادهم وإلى فترة من تاريخهم المشرق، فيقيم قسم منهم في مدريد العاصمة الإسبانية التي يعود الفضل في بنائها إلى الأمير الأندلسي محمَّد بن عبد الرحمن بن الحكم، وقسم آخر يقيم في برشلونة ثانية المدن الإسبانية وأهمها اقتصادياً. أمّا القسم الأكبر فاستقر في المدن الأندلسية قرطبة وإشبيلية وغرناطة وبلنسية وماربيا، وبنوا فيها القصور والفيلات الفخمة وشيدوا المساجد والمراكز الإسلامية وشجعوا جمعية الصداقة العربية ـ الإسبانية، كما عملوا على تشكيل النوادي العربية ـ الإسبانية، وجمعية الصحافيين، بهدف زيادة روابط الجاليات العربية بأوطانها، والإكثار من نشاطاتها في المناسبات الدينية والعربية ووضع الحلول المناسبة لأولاد الجاليات العربية الذين يعيشون في بيئة غربية مغايرة للبيئة العربية التي عاش فيها آباؤهم.

وعند التكلّم عن المسلمين في إسبانيا، يجب عدم نسيان المسلمين المقيمين في مدينتي سبته ومليلة المحتلتين من قبل الإسبان، ويشكلون نسبة جيّدة من عدد المسلمين في كامل إسبانيا الذي يُقدّر بحوالي 600 ألف مسلم، منهم 200 ألف شخص ولدوا وهم يحملون الجنسية الإسبانية، أو لأبوين مسلمين، أو اعتنقوا الإسلام خلال السنوات العشرين الأخيرة لأسباب مختلفة، مثل البحث عن أصولهم الأندلسية، أو التعب من الدين الكاثوليكي، أو لأسباب مالية( آخر الإحصائيات بلغ عدد المسلمين فى إسبانيا أكثر من مليون مسلم). هذا وتختلف أعمال المسلمين في إسبانيا بحسب وضعهم العلمي والاقتصادي، فبعضهم يعمل كرجال أعمال أو أطباء أو أصحاب مطاعم، بينما يعمل البعض الآخر، خصوصاً المسلمين المغاربة، بأعمال ذات مجهود عضلي نادراً ما يقوم بها الإسبان.

ويواجه المسلمون في إسبانيا، نتيجة الظروف التي تمرّ بها تلك البلاد، مشكلات متنوّعة، سواء لسوء تعامل بعض الإسبان معهم، وخصوصاً المتطرفين الذين يرون فيهم منافسين لهم ولأولادهم عند البحث عن عمل، أو لإهمالهم من قبل المجتمع الإسباني، أو لطبيعة حياتهم، وخصوصاً في ما يتعلّق بأسمائهم وصعوبة لفظها

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى