تعديلات دستورية في الصومال تدعم النظام الرئاسي

> ​مقديشو "الأيام" وكالات:

> وافق البرلمان الصومالي السبت على اعتماد نظام الاقتراع العام المباشر والانتقال إلى نظام رئاسي، رغم انتقادات رئيس سابق ندّد بـ”عملية غير قانونية”، وهو ما من شأنه أن يزيد من صلاحيات الرئيس الحالي حسن شيخ محمود ويقوي موقفه في الخلافات مع البرلمان.

لكن مراقبين يتساءلون إن كان تحويل النظام من برلماني إلى رئاسي سيتيح للرئيس حسن شيخ محمود أن ينفذ ما عجزه عنه في السابق من وعود خاصة في مواجهة حركة الشباب وقدرة مقديشو على السيطرة على مياهها الإقليمية في ضوء عودة نشاط القراصنة.

ويجسّد هذا التعديل الدستوري التعهّد الذي غالباً ما يتكرّر ولكن لم يتمّ تنفيذه حتى الآن، بالتصويت وفقاً لمبدأ “شخص واحد، صوت واحد” في الانتخابات المحلية المقرّر إجراؤها في 30 يونيو 2024.

وتمّ التخلّي عن مبدأ الاقتراع العام المباشر بعدما تولّى الرئيس السابق سياد بري السلطة في العام 1969 في البلد الواقع في القرن الإفريقي.

وبعد الفوضى التي أعقبت سقوطه في العام 1991، تمّت هيكلة النظام السياسي الصومالي حول عدد لا يُحصى من العشائر التي تشكّل المجتمع.

وتجرى الانتخابات حتّى الآن من خلال عملية معقّدة وغير مباشرة، تشكّل مصدر نزاع على السلطة ومصدراً لعدم الاستقرار، الأمر الذي يقول مراقبون إنّ حركة الشباب الإسلامية تستفيد منه، حيث تشنّ هجمات عنيفة منذ العام 2007.

وقال رئيس البرلمان الشيخ عدن محمد نور إنّ “المشرّعين في المجلسين وافقوا بالإجماع على الفصول المعدّلة في الدستور”.

من جهته، قال مهاد واسوجي المدير التنفيذي لمجموعة الأجندة العامة الصومالية وهي مؤسسة فكرية تتخذ من العاصمة الصومالية مقديشو مقراً، إنّ الدستور الحالي “مؤقت منذ أغسطس 2012 وبدأت عملية المراجعة والتعديل الدستوري قبل حوالي عشر سنوات”.

وأضاف مهاد واسوجي في حديث لوكالة فرانس برس أنّه تمّ تعديل أربعة فصول السبت، مشيراً إلى أنّه لا يزال هناك 11 فصلاً في حاجة إلى التعديل. وأكّد أنّ هذه الإصلاحات “يجب المصادقة عليها عن طريق إجراء استفتاء”.

غير أنّ هذا الإصلاح الدستوري يواجه انتقادات أيضاً.

وقال الرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو إنّ “هذا الدستور، الذي سيتم تنفيذه وفق عملية غير قانونية وغير مقبولة من قبل المجتمع، لن يتمّ الاعتراف به أبداً كدستوري وقانوني”، مؤكداً أنّ هذا “لا يمثّل الوضع السياسي الحالي في البلاد والركائز التي كانت في صلب المصالحة الصومالية وتقاسم السلطة”.

وفي الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرّر إجراؤها في مايو 2026، سيتمّ استبدال منصب رئيس الوزراء بنائب رئيس يُنتخب مع رئيس الدولة في اقتراع واحد.

وفي الأثناء، ستكون انتخابات المجالس المحلية بمثابة الأساس للانتخابات على المستوى الوطني التي ستجرى وفق “القائمة النسبية المغلقة” وسيتنافس فيها حزبان فقط.

واتُخذت الخطوة الأولى العام الماضي بمبادرة من ولاية بونتلاند (شمال) التي تتمتع بحكم شبه ذاتي والتي نظمت انتخاباتها لمجالس المقاطعات وفقاً لمبدأ “شخص واحد، صوت واحد”. وأشاد المجتمع الدولي بهذه الانتخابات كما استشهد بها كمثال.

وكان البرلمان الصومالي بمجلسيه الشعب والشيوخ قد ناقش في فبراير الماضي تعديل واستكمال الدستور المؤقت للبلاد لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات حيث تمت مناقشة إجراء تعديل في بعض البنود.

يذكر أن البرلمان الاتحادي شكل في أغسطس 2012، في العاصمة مقديشو وهو يتكون من مجلسين، مجلس الشيوخ ومجلس النواب وافتتح البرلمان الصومالي العاشر في 27 ديسمبر 2016.

ومنذ انتخابه، كثّف الرئيس حسن شيخ محمود مبادراته لمحاولة إخراج الصومال من حالة عدم الاستقرار المزمنة التي يشهدها منذ عقود. لكن من الصعب التكهن بأن هذا التعديل سيتيح للرئيس حرية أكبر لمواجهة حركة الشباب لأن الأمر وفق المراقبين أعقد من أيّ خطوات سياسية، خاصة أن الحركة توسع أنشطتها وباتت تتحدى الحكومة من خلال عملياتها

وقبل أيام، قُتل 17 شخصا على الأقل في الصومال في هجوم لحركة الشباب على قاعدة عسكرية.

وقالت الجماعة ومسؤولون أمنيون إن المهاجمين سيطروا لفترة وجيزة على قاعدة بوسلي في منطقة شبيلي السفلى بجنوب غرب البلاد.

وقال ضابط بالجيش الصومالي إن مقاتلين مسلحين من حركة الشباب شقوا طريقهم إلى المنشأة باستخدام سيارات انتحارية ملغومة.

وأضاف الضابط “هاجمت عدة سيارات انتحارية ملغومة القاعدة بعد قتال عنيف.. وسيطرت الشباب على القاعدة لفترة وجيزة”.

وتابع “بعد ذلك خاضت تعزيزات حكومية معارك ضارية مع الحركة وطردتها”، وأن سبعة جنود صوماليين، منهم قائد القاعدة، وعشرة من مقاتلي حركة الشباب قُتلوا خلال القتال.

وأصدرت حركة الشباب بيانا أعلنت فيه مسؤوليتها عن الهجوم. وقالت إنها قتلت 57 جنديا من الحكومة. وكثيرا ما تقدم الجماعة أرقاما للقتلى والجرحى أعلى من الأرقام التي تعلنها الحكومة.

وتقاتل الجماعة المتحالفة مع تنظيم القاعدة منذ ما يقرب من عقدين للإطاحة بالحكومة المركزية في الصومال وإقامة حكمها الخاص استنادا إلى تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية.

ويرى محللون أن مقديشو مقبلة على عام حاسم في ما يتعلق بحربها ضد حركة الشباب الجهادية التي تجتاح البلاد منذ عام 2007، فرغم النجاحات النسبية التي حققتها الحكومة الصومالية خلال النصف الثاني من عام 2022، وتعهداتها بالقضاء التام على الحركة، فإن هذا الهدف يبدو مستبعداً في ظل المعطيات الراهنة، بل على العكس يزداد القلق بشأن مستقبل الأوضاع الأمنية والسياسية في الصومال خلال الفترة المقبلة، ولاسيما مع استمرار عملية انسحاب قوات «الأتميس» الأفريقية من البلاد.

وجاء في تقرير نشره مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة أن مقديشو باتت تعول حالياً على الحصول على دعم أكبر من شركائها الإقليميين والدوليين لسد الفجوة الأمنية المحتملة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى