أهم معوِّقات حل الأزمة اليمنية

> كان المفترض أن تكون الأزمة اليمنية قد تم حلها كاملة قبل نحو 11 عامًا، أي بانتهاء البرنامج الزمني للمرحلة الانتقالية التي حددتها المبادرة الخليجية؛ غير أن ذلك لم يحدث. الأسباب لذلك كثيرة وسنأتي عليها في القادم من الكتابات، غير أن المتضرر الأكبر خلال ال14 عامًا الماضية هو المواطن اليمني، 14 عامًا عجافًا مورست خلالها على هذا المواطن اليمني الذي يعيش في ظروف اقتصادية ومعيشية وبمؤشرات اقتصادية وخدماتية هي الأسوأ في العالم حسب التقارير الدولية، مورست عليه كل أنواع التعذيب تجويعًا وإفقارًا وتدنيًا مهولًا في قيمة دخله وغلاءً متوحشًا أكل الأخضر واليابس، ولا يزال منتظرًا لإنهاء الأزمة التي تستطيل زمنًا.

وحده الله من يعلم متى تنتهي هذه المرحلة القاتلة للحياة، وفي الوقت الذي يحق لنا أن نسأل لماذا استمرت الأزمة اليمنية كل هذه الفترة الزمنية الطويلة، خلافًا لكل المعطيات والاتفاقيات المزمنة الموقعة؟ سنحاول أن نقرأ ما حدث خلال هذه الفترة الزمنية من قبل الأطراف المناط بها تنفيذ الحلول لنعرف ما الذي حدث، وسنستخلص نتيجة واحدة هو أن الحل لا يمكن أن يأتي إلا على يد هذا المواطن اليمني صاحب المصلحة الحقيقية في إنهاء هذا الوضع المأزوم.

كاتب هذه الكلمات أجرى تحليلًا لما حدث حسبما لديه من معلومات وقدرات متواضعة واستخلص الحقائق التالية:

الحقيقة الأولى تتمثل في فشل المنظومة الأممية والمنظومة الخليجية على مدى نحو ما يزيد عن 12 عامًا، في تشخيص مكونات الأزمة اليمنية حسب الأهمية السياسية والتاريخية والمنطقية للمشكلات التي كبرت وتنامت خلال مسيرة الأحداث المتلاحقة في البلد. هذا الفشل هو فشل مقصود ومسيس ومتعمد ليس نتيجة لعجز قدراتي لدى المنظومتين المذكورتين أعلاه، بقدر ما هو فشل ناتج عن توالي الأحداث السياسية والعسكرية في اليمن والمنطقة العربية، وخروجها عن خط السير الذي رسمته لها المبادرة الخليجية نفسها وما تلاها من ملحقات، بما فيها تلك المزمنة التي كانت قد حددت فترة لا تزيد عن عامين أو ما يزيد عليها قليلًا يتم فيها إعداد دستور جديد، وانتخابات رئاسية وبرلمانية وتجاوز كل الأخطار المتعلقة بالصراعات العسكرية المحتمل حدوثها نتيجة تفكك القوات العسكرية خاصة الشمالية المنشأ منها (قوات نظام علي عبدالله صالح).

• إن مرد ذلك الفشل المقصود المتعمد، يعود في تقديرنا المتواضع، جزئيًا لتقاطع المصالح بين المنظومتين المذكورتين أعلاه (الأممية الخليجية) وربما الأممية/ الأممية.

• وفي جزء آخر منه يعود إلى تقاطع المصالح البينية الخليجية / الخليجية فيما تراه لها من استحقاقات ونفوذ وقدرات اقتصادية ولوجستية واعدة يمكن السيطرة عليها في اليمن شماله و جنوبه (إذا سقط البعير كثرت السكاكين).

• سقوط صنعاء بيد الحوثيين في 21 سبتمبر 2014 وما تلا ذلك من سقوط للمحافظات الشمالية الأخرى حتى السيطرة على أكثر من 95 ٪ تقريبًا من مساحة ما كان يسمى الجمهورية العربية اليمنية. وتميز علاقة منظومة الحوثي بالنظام الإيراني على كافة المستويات (من وجهة النظر الغربية / العربية (التابعين العرب)، هذا التميز في العلاقات الحوثية(وحلفائه) مع الدولة الإيرانية أمر لا ترغب فيه لا القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وترى فيه الدول الخليجية خطر يهدد مصالحها الاقتصادية وأمنها القومي وهذا يؤثر على رؤيتها وقراراتها بالنسبة للوضع باليمن وللحل السياسي لأزمته.

بالنسبة للأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية التي يعيشها المواطن في المناطق والمحافظات الشمالية فهي كما نقرأ ونسمع، فليست أفضل حالًا مما يعيشه المواطن في المحافظات المحررة مع بعض التمايزات الطفيفة بين هنا وهناك.

• على الرغم من انتصار المقاومة الجنوبية فيما سميت لاحقًا المحافظات المحررة وطرد القوات الحوثعفاشية الغازية في 2015 منها بمساعدة عسكرية ولوجستية خليجية (إماراتية / سعودية) مباشرة، ورغم الامتنان السياسي والشعبي الجنوبي لذلكم الموقف الأخوي الداعم لهم، إلا أن حسابات القوى الأممية الخليجية قد أظهرت أن ذلكم الدعم كان دعمًا تكتيكيًّا أكثر منه استراتيجي. وقد تبدّى ذلك فيما لحقت ذلك من أمور. فقد تبين أن الدعم الخليجي للجنوبيين لم يكن هدفه النهائي، نصرة القضية الجنوبية وإيصالها إلى الهدف النهائي الذي ترتجيه القوى الجنوبية المتمثل في استعادة دولتهم الجنوبية، بل كان مجرد ورقة تكتيكية الغرض منها:

1) احتواء القوى السياسية والعسكرية الجنوبية والتحكم في بنية قوتها واستخدامها سياسيًّا وعسكريًّا في تنفيذ البرامج والرؤى السياسية لها، التي تطمح في تنفيذها في اليمن.

2) إبقاء القضية الجنوبية كورقة سياسية للمساومة ثنائية الجوانب، فيمكن استخدامها للمساومة مع الجنوبيين أنفسهم، مقابل الحصول على مصالح سياسية واقتصادية وعسكرية في الجنوب، من جانب، وأيضا يمكن استخدامها كورقة للمساومة مع سلطة أنصار الله الحاكمة في الشمال.

• التقلّب في المواقف السياسية مع الأطراف السياسية الفاعلة وعدم الثبات السياسي، وغياب الرؤية الاستراتيجية لدى قوى التحالف العربي، لما تريد تحقيقه في اليمن شماله وجنوبه، وتحوّل قوى التحالف العربي من قوة عسكرية جاءت لإعادة منظومة الشرعية للحكم في صنعاء وتحوّلها إلى قوى (طرف) تدافع عن مصالحها المختلفة كدول، مع أطراف الأزمة اليمنية من جهة. وفي الوقت نفسه تمارس دورها كوسيط لا ينسى مصالحه وهو يمارس دور الوسيط لإصلاح ذات البين بين اليمنيين. علمًا أنها كانت قوة مناوئة بالمطلق للقوات الحوثية المدعومة إيرانيًّا كما يردد الوسيط أو هكذا كانت تدعي.

• حدوث الحرب الروسية/ الأوكرانية (الغربية) وظهور مستجدات سياسية واقتصادية وعسكرية في أكثر من منطقة في العالم، وتداعيات تلك الحرب على الوضع في اليمن.

• حدوث الحرب الغزاوية الإسرائيلية واستمرارها حتى يومنا هذا، مع ما أصاب المنطقة العربية من تداعيات وانقسامات مازالت تترك آثارها على مجمل الأحوال السياسية والاقتصادية في المنطقة العربية، ودخول أنصار الله كطرف في الحرب مناهض لإسرائيل وحلفائها الغربيين والمطبعين مع إسرائيل من الدول العربية.

• وأخيرًا المستجدات الناشئة في المنطقة نتيجة الصراع بين إسرائيل وحلفائها من جهة، وإيران وحلفائها من الجهة الأخرى، ومن المؤكد تأثير تلك الثورات على ما يحدث وربما سيحدث من تداعيات لاحقة في اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى