وباء الكوليرا عائد إلى اليمن لاستكمال أضلاع الكارثة المتربصة بسكانه

> "الأيام" وكالات:

> ​عاد وباء الكوليرا للانتشار في مناطق واسعة من اليمن كأحد تداعيات الحرب المستمرة في البلد منذ نحو عشر سنوات، والتي اشتدت آثارها في الآونة الأخيرة مع تعمّق الأزمة الاقتصادية والمالية التي ألقت بظلالها على معظم سكان مناطق البلاد وأثّرت بشكل واضح على مختلف القطاعات لاسيما القطاع الصحّي، فضلا عن تهديدها الكبير للأمن الغذائي.

ومنذ بداية العام الجاري تشهد البلاد موجة جديدة من الكوليرا أصابت عشرات الآلاف من السكان وأودت بحياة الكثيرين منهم. وسبق أن شهد اليمن منذ عام 2016 موجات انتشار عديدة للمرض ما أودى بحياة الآلاف على مدار سنوات.

ويأتي الانتشار الجديد للوباء في ظل الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمرافق الصحية جراء الحرب وبسبب الأزمة المالية، ما جعل من وصول السكان إلى حدّ أدنى من الخدمات الصحية المناسبة أمرا بالغ الصعوبة، فضلا عن ضعف الخدمات والمرافق ذات الصلة بحفظ الصحّة والوقاية من الأمراض والأوبئة من قبيل وفرة المياه النظيفة ووجود شبكات الصرف الصحّي، بالإضافة إلى مقاومة الحشرات الناقلة للعدوى مثل البعوض، والتي وفرت لها العوامل المناخية بيئة ملائمة للتكاثر والانتشار.

وقال المواطن أحمد عبدالله لوكالة لأناضول إنه أصيب مؤخرا بالكوليرا حيث تعرض لإسهال وتقيؤ مصحوبين بآلام شديدة. وذكر أنّه توجّه إلى أحد المراكز الصحية في مدينة تعز بجنوب غرب اليمن لتلقي العلاج حيث وصف له الأطباء مغذيات ومعوّض سوائل وبعض العلاجات.

لكنّ عبدالله استدرك بأنّ هناك العديد من المصابين بالكوليرا في مدينة تعز الذين لا يذهبون إلى المستشفيات نتيجة الفقر ما يؤدي إلى وفاة البعض منهم.

وعزا أبرز أسباب انتشار الأمراض والأوبئة إلى الحرب قائلا “لم نعرف هذه الأمراض إلا خلال فترة الحرب التي جلبت لنا كل الأوجاع”.

ويأتي انتشار مرض الكوليرا في وقت يواجه فيه القطاع الصحي تحديات كبيرة إذ لم تعد تعمل سوى قرابة نصف المرافق الطبية جراء تداعيات الحرب، وفق تقارير أممية سابقة.

ويوميا يستقبل مستشفى الجمهوري في تعز الواقعة تحت سلطة الحكومة المعترف بها دوليا حالات متعددة من المرضى، من بينهم مصابون بالكوليرا.

ويقول حسام إبراهيم، مسؤول الطوارئ في المستشفى، إنّ عدد حالات الكوليرا التي يستقبلها المستشفى في ازدياد وإن عدد المصابين يرتفع كل يوم، ويبيّن أنّ بعض الحالات المصابة تصل إلى المستشفى وهي في مستوى متقدم من التدهور وأنّ أغلب الحالات تأتي من المناطق المجاورة لمدينة تعز وريفها.

وأكّد تيسير السامعي، مسؤول الإعلام في مكتب وزارة الصحة العامة والسكان بتعز التي تعتبر أكثبر محافظات اليمن سكانا، انتشار وباء الكوليرا مؤخرا في عدد من المحافظات اليمنية، ومن بينها تعز.

وذكّر بأن هذه الموجة من الكوليرا سبقتها موجات أخرى منذ بدء انتشار المرض عام 2016، مقدّرا عدد حالات الإصابة بالمرض في تعز بأكثر من 820 حالة إصابة، من بينها 12 حالة وفاة تم رصدها منذ مطلع العام الجاري.

وحول الوضع الوبائي العام في اليمن أفاد المسؤول بأنه تم رصد أكثر من 30 ألف حالة إصابة بالكوليرا في البلاد منذ مطلع 2024، معظمها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

وما يعقّد الوضع الوبائي في تلك المناطق صعوبة الوصول إليها من قبل المنظمات الدولية، وعدم توفّر ما يكفي من المعلومات بشأنها بسبب سياسة التكتم والتعتيم الإعلامي التي غالبا ما تفرضها جماعة الحوثي.

وأرجع السامعي انتشار الكوليرا إلى وجود قصور في اتخاذ الإجراءات الاحترازية من هذا المرض القاتل. وحذر من أن انتشار المرض يجعل جميع المواطنين عرضة لخطر الإصابة به، داعيا الجميع إلى أخذ الاحتياطات الاحترازية لحماية أنفسهم من الوباء.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري أعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث عن قلقه العميق إزاء تفشي وباء الكوليرا الذي يتزايد بسرعة في اليمن. وقال غريفيث، ذو المعرفة الواسعة بالشأن اليمني بفعل عمله لسنوات مبعوثا أمميا إلى اليمن، في إحاطة لمجلس الأمن الدولي إنه يتم الإبلاغ عن المئات من الحالات الجديدة يوميا ليصل العدد الإجمالي إلى حوالي 40 ألفا بما في ذلك 160 حالة وفاة منذ مطلع العام الجاري.

وشدد على أنّ الأمم المتحدة وشركاءها يتخذون إجراءات عاجلة لمواجهة المشكلة، وتوقّع أن تؤدي الأمطار الغزيرة والفيضانات إلى تفاقم الوضع. وشهدت عدّة مناطق يمنية خلال الفترة الأخيرة هطول كميات كبيرة من الأمطار، وذلك بالتزامن مع دخول موسم الحرارة التي تشكّل مع الرطوبة عاملا مثاليا لانتشار الأمراض وتكاثر الحشرات الناقلة لها.

وذكَّر غريفيث مجلس الأمن بأن وباء الكوليرا سبق أن أودى بحياة نحو أربعة آلاف شخص معظمهم من الأطفال خلال موجتي انتشاره في اليمن في 2016 و2021.

وبدوره أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أوتشا بأن عدد الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا في اليمن يصل إلى ألف حالة يوميا. وتوقع المكتب الأممي في تقرير له أن يرتفع العدد الإجمالي للإصابات في البلد إلى 255 ألفا بحلول  شهر سبتمبر القادم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى