> عبداللاه سُميح:
في وقت لم تندمل فيه جراح محافظة أبين، جنوبي اليمن، من آثار "فاتورة" تحريرها من تنظيم القاعدة، ثم من جماعة الحوثي قبل سنوات، يعود الطرفان المتناقضان فكريًا وعقائديًا، بعلاقة تكاملية، في مواجهة قوات الحكومة المعترف بها دوليًا.
ويتجلى حجم الأثر لهذا التحالف، في إحياء القدرات النوعية لتنظيم القاعدة الذي يعيش مرحلة ضعف غير مسبوقة، من خلال امتلاكه الطيران المسيّر كتقنية حديثه، تعزز من قدراته الاستطلاعية والعملياتية.
"إرم نيوز"
وتمثّل محافظة أبين الممتدة بسهولها وهضابها على ساحل البحر العربي، أهمية نابعة من موقعها كبوابة شرقية للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن، وخط دفاعها الأول؛ وهو ما يضعها كهدف دائم للتربّص بعدن واستقرارها، على مدى محطات الصراع في اليمن.
وعلى الرغم من تحرير أبين من القاعدة في العام 2011م واستعادتها من قبضة الحوثيين في العام 2015، إلا أن خطرهما مجتمعين لا يزال قائمًا، في ظل التحوّلات والتحالفات التي تشهدها العلاقة بينهما، واستمرار هشاشة الأوضاع الأمنية في المحافظة.
يقول الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية الأصولية، محمد بن فيصل، إن العلاقة بين الحوثيين وتنظيم القاعدة مرّت بعدة مراحل، إذ كانت منذ عهد أسامة بن لادن، في حالة من عدم العداء، "وهذا ما كشفت عنه وثائق (أبوت آباد) المسرّبة، التي يعطي فيها بن لادن توجيهات لناصر الوحيشي (زعيم القاعدة في جزيرة العرب) بعدم مواجهة الحوثيين، أو الانشغال بهم".
وذكر بن فيصل أن مرحلة قدوم قاسم الريمي خلفًا للوحيشي، شهدت تطورًا في العلاقة بين الطرفين، بدافع من سيف العدل (خليفة أيمن الظواهري) المقيم في إيران، الذي أرسل نجله خالد إلى اليمن، بالتنسيق مع الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية، لفتح خطوط التنسيق والتواصل بين الجماعتين، عن طريق وسطاء قبليين، وهو ما أسفر في 2016 و2017 عن إفراج الحوثيين المسيطرين على صنعاء، عن أبرز قيادات القاعدة المسجونين منذ عهد النظام السابق.
وأشار إلى المرحلة الثالثة من العلاقة، في عهد قيادة خالد باطرفي للتنظيم في جزيرة العرب، التي قال إنها "اتسمت بالتنسيق والدخول في حالة من التخادم بين الطرفين، انسحب خلالها التنظيم من مناطق عدة من محافظة البيضاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، دون مواجهة".
وبيّن أن التخادم الجليّ تحوّل خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إلى ما يشبه التحالف، "على عكس ما يظهره خطاب الطرفين من عداء عقدي وأيديولوجي؛ إذ حصل تنظيم القاعدة على طائرات مسيّرة من الحوثيين، والإفراج عن دفعات كبيرة من معتقليه في صنعاء، واستصدار جوازات سفر مزوّرة لقيادات في التنظيم، بعضهم تم القبض عليه في الحدود اليمنية العمانية".
وعلى الرغم من الحملة العسكرية والأمنية التي تشنّها قوات مشتركة من الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وتأثيرها على خسارة التنظيم لمعاقله التاريخية، شمال شرق أبين، إلا أن "القاعدة" لا يزال يتمتع بتكتيكاته المعتادة في الهجوم المنفرد والمباغت، ثم التخفّي في المناطق الوعرة بين أبين والبيضاء، في ظل بيئة الإيواء التي يوفرها الحوثيون.
وتأتي تطورات العلاقة بين الجانبين، في ظل بقاء ميليشيا الحوثي متمركزة في موقعها الاستراتيجي أعلى جبال "ثرة" التابعة لمحافظة البيضاء، ما يجعل الأجزاء الشمالية من أبين مكشوفة ومهددة أمام المليشيا التي استغلّت فترة الهدنة الأممية وما تلاها، في تطوير قدراتها الصاروخية.
"إرم نيوز"