مدريد.. الماضي والحاضر
أن تكون مشجعا لريال مدريد ليس مجرد "هواية"، بل أسلوب حياة ورحلة لا تنتهي من الفرح والسعادة، فمنذُ اللحظة الأولى التي تعلن فيها عن تشجيعك للملكي، تصبح جزءًا من عائلة ضخمة تمتد عبر الزمان والمكان.
في ريال مدريد لا يرضون بديلًا عن إسعاد الجماهير العاشقة، ودوري أبطال أوروبا هو "عربون"، المحبة والود بين الميرنجي وجماهيره، ومساء السبت اتجهت أنظار الجميع إلى عاصمة الضباب، وتحديدًا استاد ويمبلي "قبلة"، عشاق المستديرة، حيث حجّت إليه أفئدة الحالمين ورقصت قلوبهم طربًا لهذا اليوم المشهود، كلٌ يبوح بعشقه وهيامه وغرامه بـ "الألوان" والهتافات وبالدموع في حب من جاءوا من أجله.
في ريال مدريد تُطبع الفرحة في "جبينك" وتُكتب المسارات بـ "اسمك"، أينما ارتحلوا وأينما لعبوا، (مدريد) هتافُ يُخلّد في ذاكرة التاريخ وعلامة فارقة في مسيرة العشق الأبدي.
في مسرح الأحلام الأوروبي وعلى مسرح ويمبلي الأسطوري، يقف فرسان مدريد البيضاء، مستعدين لخوض معركة من أجل المجد، حكاية عشق أبدي بين نادٍ وجماهيره، قصته تروى بالدموع والهتافات وحكاية تكتب بما الذهب في سجلات التاريخ.
تلوّنت مدرجات ويمبلي ببحر من الأبيض والأصفر، رايات ترفرف عاليا وقلوب تنبض عشقًا وصلوات بيضاء ترتفع ودعوات تهمس من كل حدب وصوب، كلها تنادي "نجوم"مكليين" بالمجد، صافرة المعركة تنطلق ويبدأ رقص الفرسان على أرض الملعب، عاصفة دورتموند تتحرك بقوة لكن أسوار مدريد بقيادة "كورتوا"، تظل صامدة، تتوالى الهجمات وتشتعل الاثارة، لكن الشباك ظلت عذراء، لينتهي الشوط الأول بتعادل سلبي، ومعه تزداد حدة التوتر والترقب.
في الحصة الثانية تحرّرت عقدة مدريد وينطلق كاربخال كالبرق لاستقبال كرة توني كروز ويسكنها الشباك، (هزة) مدوية تهزّ أرجاء الملعب وصرخات من الفرح تزلزل المدرجات، يتواصل الهجوم المدريدي وينهار دفاع دورتموند ويسجل المشاغب "فيني" الهدف الثاني، ليطلق رصاصة الرحمة على آمال الفريق الأصفر.
انتهت المباراة ولا جديد، غير دموع حزينة انسكبت على وجنتي "ماركوس رويس"، فكان وداعًا مؤثرًا للاعب عظيم، لكن مدريد لا تعرف الرحمة في سعيها لمعانقة المجد، فمن لم يحظى بفرصة قهر هذا المارد عليه الانصياع للواقع والاندماج في صفوف الضحايا، الكثيرين سقطوا أمام سطوة مدريد على الرغم من براءتهم.
"الملوك"، يملكون عرشهم قبيل بدء المعركة "ميزة" تغص بها حناجر الخصوم وتحبط آمالهم وتحطّم طموحاتهم، والحكمة ضالة (انشيلوتي)، فخبرة الأيام لم تخذله فخطف اللقب الـ (15) بكل برودة أعصاب متذوقًا طعم العلكة "الإيطالية"، ومدريد ملك كرة القدم يزّين صفحات التاريخ بألقابه ويرسل صرخة انتصار تهز أرجاء أوروبا.
لا عزاء لعشاق البلوجرانا وانا (منهم)، والسيتي والبايرن والريدز ومدينة العطور باريس، وروما، فالبطولات ليست مجرد أماني، ففي عالم الكبار الصعوبة هي المعيار والطريق إلى القمة يمر عبر التضحية والألم، كما لا يقطف العسل دون لدغات النحل، ولا تتحقق البطولات إلا بجهد وصبر.