إن تضاؤل فرص الحصول على السلع الأساسية يشير إلى نقص أو صعوبة توافر المواد الضرورية مثل الغذاء والوقود والدواء التي يحتاجها الناس بشكل يومي. هذا الوضع ينجم عن عدة عوامل مثل الأزمات الاقتصادية، التضخم في ارتفاع الأسعار، سوء إدارة الموارد، الأزمات السياسية والنزاعات المسلحة، بالإضافة إلى مشاكل سلاسل التوريد.
ولعلّ تناقص فرص الحصول على الغذاء في عدن خير مثال، حيث تسببت كل تلك العوامل مجتمعة في تدهور الوضع المعيشي والإنساني في مدينة عدن.
ونتيجة لاستمرار الحرب والاضطرابات السياسية والأمنية وتدهور الأوضاع الاقتصادية منذ عام 2015، فقد أدى إلى زيادة الفقر والجوع وتأزم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بشكل حاد ومريع بحيث أصبحت البلاد ومنها عدن تمر في أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم في القرن الحادي والعشرين ولم يستطع كل العالم حل تلك الأزمة ولا زالت في حالة تدهور مستمر.
إن أهم عوامل تضاؤل فرص الحصول على السلع في مدينة عدن يعود إلى:
1. الحرب في اليمن والذي أثرت بشكل مباشر على حركة التجارة والنقل وأعاقت وصول السلع إلى الأسواق.
2. التضخم وارتفاع الأسعار وتدهور العملة المحلية قد أدى إلى زيادة تكلفة السلع وقلل بشكل حاد من القدرة الشرائية للمواطنين.
3. الاعتماد على الخارج بشكل كبير في تلبية حاجات السكان من السلع الغذائية الأساسية وما رافق ذلك من عوامل مثل، الحرب الروسية الأوكرانية والحرب في غزة والحرب في البحر الاحمر وتعطل النقل البحري وتأثير كل ذلك على توفير السلع الأساسية وارتفاع أسعارها مثل الغذاء والوقود.
5. الفساد واحتكار بعض التجار أو الجهات للسلع الذين يستغلون الأوضاع ويحتكرون السلع أو يرفعون الأسعار لتحقيق أرباح أكبر.
هذه العوامل تؤدي إلى نقص في السلع الأساسية وصعوبة الوصول إليها بالنسبة للكثير من سكان عدن.
يتأثر دخل السكان في عدن بعوامل متعددة تتعلق بالتنمية الاقتصادية والظروف الاجتماعية والسياسية في المدينة كونهم في الغالب من فئة الموظفين الحكوميين والعسكريين والمتقاعدين الذين يعانون من ضعف الدخل وانتشار البطالة بشكل واسع وغياب فرص العمل، كما أن اضطراب التحويلات الخارجية من المغتربين التي يعتمد عليها فئة من السكان والاعتماد على العمل في القطاع غير الرسمي والذي تأثرتا كثيرا في الظروف الراهنة هي عوامل أثرت على قدرة السكان في تلبية متطلبات المعيشة.
ومما ضاعف المشكلة اعتماد شريحة واسعة من السكان على الرواتب الحكومية الضئيلة التي تأثرت أيضا بتأخر صرفها في بعض الأحيان، إضافة إلى ثبات الأجور وعدم تحريكها مع ارتفاع نسبة التضخم، مما أدى إلى ضعف القدرة الشرائية للدخول وضعف قدرة الأسرة على تلبية حاجات المعيشة التي تبقي على الحياة.
هذه الخصائص تشير إلى أن الأوضاع الاقتصادية للسكان في عدن تعاني من تحديات كبيرة مما يؤثر على مستوى معيشتهم واستقرارهم المالي.
فإذا أخذنا تكلفة السلة الغذائية في اليمن والتي هي عبارة عن مجموعة من المواد الغذائية الأساسية التي يحتاجها الأفراد والأسر لتلبية احتياجاتهم الغذائية اليومية، فإننا ندرك عمق الأزمة التي يعانيها سكان عدن في مجال الغذاء. تتكون السلة الغذائية التقليدية من:
• الدقيق الذي يستخدم بشكل رئيسي لصنع الخبز وهو جزء لا يتجزأ من الغذاء اليومي.
• البقوليات مثل الفاصوليا والعدس وهي مصدر رئيسي للبروتين النباتي.
• زيوت الطبخ المستخدمة في إعداد الطعام.
• السكر الذي يستخدم كمحلي.
• الملح مكون أساسي في إعداد الأطعمة.
• الحليب المجفف أو المنتجات اللبنية كمصدر للكالسيوم والبروتين.
ونعرض هنا تكلفة سلة غذائية بكميات محدودة وبأسعار السوق حاليا لأسرة متوسطة كالتالي:
1. 20 كيلو أرز 52000 ريال.
2. 20 كيلو دقيق 19000 ريال.
3. 3 كيلو عدس 7500 ريال.
4. 5 كيلو فاصوليا الرقشاء 12000 ريال.
5. دبة زيت 8 لتر 20000 ريال.
6. 10 كيلو سكر 16500 ريال.
7. كيس ملح صغير 500 ريال.
8. قصعة حليب دانو 38000 ريال.
إجمالي سعر مكونات السلة الغذائية 165000 ريال.
ضف إلى ذلك أسعار الخضار والفواكه والتي ارتفعت أسعارها حاليا بشكل جنوني وغير مسبوق وهنا نعرض أسعار أهمها للكيلو وبالريال: الطماطم 3000 والبصل 2500 والبطاطس 1800 وهي أعلى أسعار تسجل لهذه المواد الأساسية، كما أن تكاليف اللحوم والدجاج والأسماك عالية بشكل غير معقول.
وعند الأخذ بالحسبان تكاليف متطلبات الأسرة من نفقات التعليم والتطبيب والسكن ومتطلباته وأيضا نفقات المواصلات وغيرها من متطلبات الحياة في صورتها البسيطة نجد فجوة هائلة بين دخل الأسرة وتكلفة الحياة ومنها ندرك عدم مقدرة السكان على تلبية متطلبات الحياة، وبالتالي الوقوع في براثن الفقر والجوع والعوز واللجوء إلى الأكل من المخلفات المنتشرة في الشوارع.
تؤدي الأوضاع المعيشية المتردية إلى انحلال الأخلاق والقيم والتماسك الأسري وبالتالي انهيار قيم المجتمع.
* رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية /عدن