في مشهدٍ مهيب يعكس عظمة التاريخ وعمق الانتماء، اجتمع أبناء حضرموت والمحافظات المجاورة في مدينة سيؤن ، ليحتفلوا بالذكرى الحادية والستين لثورة 14 أكتوبر 1963 المجيدة. كانت المليونية التي أُقيمت بمناسبة هذه الذكرى، تجسيدًا حيًا للعزم والإرادة، واكدت على أن النضال ضد الاحتلال اليمني للجنوب مستمر، وأن الجنوب من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا، هو جسد واحد وقلب واحد وهوية واحدة لا تقبل التجزئة.

لقد كانت سيؤن اليوم شاهدةً على كلمة واحدة، صادقة ومدوية، أطلقها أبناء الجنوب: "نحن لا نركع ولا ننكسر". لقد أظهر الشعب الجنوبي في حضرموت للعالم أجمع أنه رغم كل الضغوط والمحن، فإن إرادته لا تُقهر، وأنه لن يستسلم مهما حاول الأعداء محاربته في لقمة عيشه ومعيشته.

في ساحة المليونية، تردد صدى الأصوات من كل حدب وصوب، معلنا أن شعب حضرموت هو شعب عدن ولحج وأبين وشبوة والمهرة. وإن المصير واحد، والدم واحد، والحزن واحد، والفرح واحد. وان ما يؤلم عدن يؤلم حضرموت، وما يؤلم حضرموت يؤلم عدن بالضرورة.

اليوم، كانت الكلمة واضحة وصريحة ومدوية: بان شعب الجنوب في كل شبر من جغرافيته لا يقبل بأنصاف الحلول. ولا تعنيه الأهداف الصغيرة، ولا يأبه للألاعيب التي تُحاك ضد قضيته العادلة. لقد قال الشعب كلمته كشعب حي وكريم وحر: نحن لا نعرف العبودية، ولا نستسيغ الظلم، ولا يمكن أن نعيش إلا بكرامة وعزة وشرف.

وفي هذه اللحظة التاريخية، جدد أبناء الجنوب التفويض للمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي، مؤكدين أنه ممثلهم وحامل قضيتهم وقائد ثورتهم حتى النصر. وإنهم لن يتوقفوا إلا باستعادة دولتهم ما قبل عام 1990م.

إن نجاح هذه المليونية لم يكن مجرد احتفال بذكرى ثورة عريقة، بل كان تجديدًا للعهد مع التاريخ، ودعوة للالتفاف حول القضايا الوطنية الكبرى. حيث أثبت أبناء الجنوب أنهم قادرون على الوقوف صفًا واحدًا أمام التحديات، وأنهم ماضون في طريق النضال حتى تحقيق الأهداف المنشودة.

فلتكن ذكرى 14 أكتوبر 1963 نقطة انطلاق جديدة نحو مستقبل مشرق، حيث يعيش أبناء الجنوب في كرامة وعزة، ويستعيدون هويتهم الوطنية ويحققون أحلامهم في دولة حرة مستقلة. إنهم اليوم أكثر قوة وإصرارًا من أي وقت مضى، ولن يتراجعوا عن حقوقهم المشروعة حتى تتحقق العدالة ويعود الحق إلى نصابه.