إن مسرح عمليات إرهاب الفساد شفط الدولار على صورة مرتبات وما في حكمها للقيادات العليا وما دونها وبقية الهيئات الأخرى وعلى صورة إعاشة لمن هم في الخارج أيضاً وبأرقام مهولة وهناك العبث بأموال المرتكزات الاقتصادية الإيرادية والخدمية تحت غطاء مشاريع وهمية، كذلك شبهات عن فساد في عدد من المؤسسات والمصالح العامة، تفاصيل أوفر تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الصحف الأهلية وآخره ما ورد في الصفحة الأولى من صحيفة "الأيام" الغراء المواكبة للحدث أبداً في عددها يوم الأربعاء الماضي 13 نوفمبر تحت عنوان "فاسدون يبدَّدون أموال مصافي عدن بمشروع محطة كهرباء وهمية" تُحقَّق فيها نيابة الأموال العامة، وما ورد أيضا حول تقارير الجهاز المركزي للمحاسبة لرئيس الحكومة بنتائج تفتيشه على المؤسسات والمصالح العامة وإحالة تقارير إليه من رئاسة الحكومة أيضا.
لقد أنتج وضع هكذا تدهوراً في الحياه المعيشية والخدمية كتدهور قيمة العملة المحلية مقابل ارتفاع قيمة عملة الدولار ومعه ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتموينية والدوائية والملابس والوقود والمحروقات بصورة غير مسبوقة وإيصال الناس إلى كارثة المجاعة.
هناك من يبحثون في القمامات عن بقايا فتات طعام يسدون به رمق جوعهم فضلاً عن خروج طاقة الكهرباء عن الخدمة لعدم توافر الديزل بصورة مستمرة.. التفاصيل عَامة يطول شرحها بما هي أكثر من مؤلمة ويكفي القول إن الطماطم والبصل والبطاطس والبسباس الأخضر يتم استيراده من الخارج بالعملة الصعبة.
أيام دولة الجنوب كان الأمن الغذائي والبسباس متوفر وفي متناول العامة وبأسعار تتناسب مع دخولهم وكان الدينار الجنوبي يساوي 3 دولارات وعند الدخول في الوحدة عام 1990م كان الدينار يساوي 26 ريالاً يمنياً أي أن الدولار يساوي 8 ريالات. اليوم تجاوز حاجز الـ 200 ريال وعليه يقاس وحدث لا حرج، والغريب العجيب أن يتم الفساد في ظل شكوى الجهات الحكومية عن جفاف في توافر الدولار في البنك المركزي وأثره على تغطية الاستيراد وعلى بقية متطلبات الحياه الأخرى وفي ظل شكواها أيضا من جفاف في السيولة وأثره على دفع المرتبات وعلى نفقات الخدمات العامة فضلاً عن مناشدتها الجهات المانحة.
إن مسرح عمليات إرهاب قوى العدوان والظلام حالياً وادي عومران شرق أبين وقد وصل تخادم تلك القوى حد الإفراج عن قيادات وعناصر إرهابية كانت محتجزة في سجون صنعاء والدفع بهم للتوجّه جنوبا مترافقاً مع دعم عسكري ولوجستي وتدريب على المسيرَّات والأسلحة الثقيلة.. تفاصيل أوفر نشرتها "الأيام" في صفحتها الأولى سالفة الذكر تحت عنوان "صفقة جديدة بين الحوثيين والقاعدة تنسق لهجمات في الجنوب" متزامناً ذلك أيضا مع اكتشاف عناصر مُتَحَوَّثة في بعض مديريات الجنوب وخلايا في العاصمة عدن للتخريب وإرسال الإحداثيات.
إن القاسم المشترك بين إرهاب الفساد وإرهاب قوى الظلام هو استهداف أبناء شعب الجنوب وإرهاق أرواحهم وإذا كان هناك من فارق بينهما فهو أن الفساد يستهدف إزهاقها بالموت البطيء من خلال فَرْض واقع الإفقار والعوز والتجويع والمعاناه، فيما إرهاب قوم الظلام يستهدف إزهاقها بالموت السريع من خلال الصواريخ والطائرات المسيرة والعمليات الإرهابية الانتحارية بالسيارات المفخَخَّة والأحزمة الناسفة وبالتفجيرات وزرع العبوات الناسفة، وحاصل الجمع بين إرهاب الفساد وإرهاب قوى الظلام إبادة النفس البشرية وكل الطرق تؤدي إلى المقبرة.