> "الأيام" غرفة الأخبار:

كشفت "مجلة الحروب الصغيرة" في تقرير حديث، أن إيران وجماعة الحوثي تبنتا استراتيجية جديدة ضمن تصعيدهما في الحرب ضد إسرائيل، تقوم على تعطيل المجال الجوي التجاري عبر استهداف المطارات وتهديد الملاحة الجوية. وتُعد هذه المقاربة امتدادًا لصراع أوسع تستخدم فيه طهران ووكلاؤها وسائل غير تقليدية بهدف إنهاك الخصوم دون الدخول في مواجهات شاملة.
  • صاروخ الحوثي يهز مطار بن غوريون
في 4 مايو 2025، تمكن الحوثيون من إطلاق صاروخ – بمكونات إيرانية – أصاب منطقة قريبة من مطار بن غوريون الدولي، بعد أن أفلت من أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية والأمريكية. تسبب الهجوم في شلل مؤقت لحركة الطيران، وأجبر شركات دولية على تعليق رحلاتها إلى إسرائيل، مما أدى إلى عرقلة السياحة وسفر الأعمال، وترك المئات من الإسرائيليين عالقين في الخارج.

هذا الحادث أعاد إلى الأذهان تكتيك الحوثيين في استهداف المطارات السعودية بين 2015 و2022، عندما نفّذوا نحو ألف هجوم صاروخي و350 هجومًا بالطائرات المسيّرة على المملكة، أبرزها ضربات طالت مطار أبها.
  • الحرب الجوية... تهديد أكثر من ضربة
اندلاع المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل في 13 يونيو 2025، إثر الهجوم الإسرائيلي على منشآت نووية إيرانية، كشف عن تطور في العقيدة القتالية لطهران. فبينما بدأت الردود الإيرانية باستهداف منشآت عسكرية، سرعان ما انتقلت إلى ضرب مراكز مدنية، في إشارة إلى تكيّف تكتيكي يستهدف إثارة الضغط الشعبي داخل إسرائيل.

أدركت إيران ووكلاؤها، حسب المجلة، أن تعطيل الطيران المدني أكثر فاعلية من توجيه ضربات مباشرة، لا سيما أن التهديدات وحدها قادرة على إحداث اضطراب اقتصادي وسياحي واسع النطاق.
  • شركات الطيران تتراجع
رغم نجاح إسرائيل في استئناف عمليات مطار بن غوريون بسرعة بعد الهجوم الحوثي، واصلت معظم شركات الطيران الغربية الكبرى تعليق رحلاتها إلى تل أبيب. في المقابل، حافظت شركات إسرائيلية وعربية وآسيوية على الحد الأدنى من التشغيل، وسط إجراءات أمنية مشددة.

وفي حين عادت شركة "دلتا" الأمريكية لتسيير رحلاتها في 20 مايو، مددت شركات أخرى مثل "لوفتهانزا" و"يونايتد" و"بريتيش إيرويز" و"إير كندا" تعليق خدماتها، ما عمّق عزلة إسرائيل الجوية.
  • الحوثيون يتبنون نهج "الحصار الجوي"
تبنى الحوثيون نهجًا إعلاميًا ودعائيًا موازيًا لتكتيكهم العسكري، معلنين عبر منصاتهم الرسمية نيتهم فرض "حصار جوي شامل" على إسرائيل. ووجّهوا تحذيرات إلى شركات الطيران الدولية من مغبة مواصلة رحلاتها إلى إسرائيل.

المتحدث باسم الجماعة، يحيى سريع، أعلن مسؤولية الحوثيين عن الهجمات، مكررًا نمطًا بدأ منذ تدخلهم في الحرب دعمًا لحماس بعد 7 أكتوبر 2023، حيث نقلوا تركيزهم من المطارات السعودية والإماراتية إلى أهداف اقتصادية إسرائيلية.
  • إيران تسلّح الاضطراب
أدركت طهران منذ أكتوبر 2024 أن مجرّد التهديدات بشن هجمات على المطارات كفيل بخلق حالة من الشلل. ويستدل التقرير بالاستجابة الدولية عقب اغتيال إسماعيل هنية في طهران في يوليو 2024، حيث أدت التهديدات الإيرانية إلى موجة من إلغاء الرحلات الجوية، رغم تأخر تنفيذ الهجوم حتى أكتوبر من نفس العام.

وعند وقوع الهجوم في 1 أكتوبر، تم إغلاق أجواء عدة دول في المنطقة، فيما تعاونت قوات متعددة، بينها السعودية والإمارات والأردن وقطر، مع الولايات المتحدة في اعتراض مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية، ضمن مظلة الدفاع الجوي الإقليمي.
  • الحرب الجوية كأداة استراتيجية
ترى المجلة أن إيران، نتيجة ضعف قدرتها العسكرية المباشرة مقارنة بإسرائيل، اختارت نهج "الحرب غير المتكافئة" عبر أذرعها في اليمن ولبنان والعراق. وتشير إلى أن الضغوط الاقتصادية والسياسية الناتجة عن تعليق الطيران تُعد أكثر تأثيرًا على المدى البعيد من الضربات العسكرية المكلفة وغير المضمونة.

فشركات الطيران تواجه ضغوطًا مركبة: مخاطر أمنية، مطالبات تأمينية مرتفعة، اعتراضات نقابية، ومسؤوليات قانونية تجاه الركاب، مما يجعل عودتها للعمل محفوفة بالمخاطر.
  • نقلة نوعية في أدوات الصراع
تؤكد التطورات الأخيرة على أن استهداف المطارات المدنية لم يعد محصورًا بالأضرار المباشرة، بل أصبح سلاحًا استراتيجيًا يُستخدم لإرباك الدولة المستهدفة اقتصاديًا ونفسيًا. فبمجرد إطلاق تهديدات صاروخية، تُجبر شركات الطيران العالمية على تعليق نشاطها، مما يعمّق عزلة إسرائيل ويزيد الضغط على مؤسساتها.

في هذا السياق، يُفهم تعطيل المجال الجوي الإسرائيلي ليس فقط كتكتيك عسكري، بل كجزء من حرب نفسية واقتصادية شاملة تقودها إيران ووكلاؤها في المنطقة، عبر أدوات غير تقليدية تحوّل "المجال الجوي" إلى ساحة قتال حاسمة في صراع الشرق الأوسط.