أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 05:38 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • التسامح بين السطور

    إلهام محمد زارعي




    في زحام الحياة، نصادف أرواحًا تحمل بين طياتها حكايات لم تُروَ، وأماني تسكن زوايا القلب، وتجارب خطّها الزمن على صفحات العمر. لكل إنسان رواية، ولكل لقاء فصل جديد يُضاف إلى كتاب الأيام.

    لكن ما قيمة هذه الكتب؟! إن بقينا أسرى أغلفتها؛ إن لم نفتح صفحاتها ونقرأها بعيون التسامح، ونشارك فصولها بروح التعايش. إنما نحن انعكاسات لبعضنا، نكبر بحكايات غيرنا، ونضيء دروبنا بتجاربهم.

    العنوان ليس القصة.. التسامح يقودنا إلى فهم أعمق لما بين السطور؛ ويوسع القلوب، والتعايش هو المكبر الذي يساعدنا على فهم الآخر، ويكبر في أنظارنا تلك النقاط المشتركة في حكاية حياتنا ويمنحنا فرصةً التعاون معًا لنكون أفضل من نسختنا السابقة، ونمنح العالم فرصةً ليكون أكثر إشراقًا و سلامًا.

    ولعلنا في رحلتنا هذه، نتساءل..!

    هل ما زالت مقولة "الكتاب يُعرف من عنوانه" صالحة اليوم؟ ربما كان العنوان كافيًا للحكم يومًا، لكن في عالمٍ تداخلت فيه الحكايات وتشابكت فيه التجارب، بات العنوان مجرد نافذة، لا مرآة. فكم من كتابٍ بدا بسيطًا بغلافه، لكنه حمل بين صفحاته دررًا من الحكمة؟ وكم من عنوانٍ زُيّن ليخفي خواءً في الداخل؟

    الحكمة اليوم ليست في الاكتفاء بالعناوين، بل في فضيلة القراءة العميقة، في التريث قبل الحكم، في منح كل كتاب فرصته ليكشف عن جوهره. فربما في الصفحة التالية، تكمن القصة التي تغير نظرتنا إلى الحياة و تجعلنا ننفتح أكثر فأكثر على المجتمع، لنرى الخير في كل نفس فتشتعل قلوبنا حبًا ومودة لكل من نصادفهم في طريق الحياة.

    ولكن كيف نصل إلى هذا العمق في القراءة والتعايش، بينما العالم من حولنا يحكم بسرعة ويتسرع في إصدار الأحكام..!

    كل منا لديه جوابه حسب سطور حكايته وفي كتابي ومن خلال قصص أيامي سأجيب بأننا سنصل إليه بالصبر، وبالقدرة على الإصغاء لا السماع فقط، وبأن نضع أنفسنا موضع الآخر قبل أن نطلق أحكامنا. ليس المطلوب أن نُصدق كل ما نقرأ، ولكن أن نمنح كل قصة حقها في الفهم. فكما أن للحياة إيقاعًا سريعًا، فإن للحكمة إيقاعها الخاص، وهو إيقاع لا يُلتقط إلا بالهدوء والتأمل. قد يبدو العالم مندفعًا، لكن التغيير يبدأ بالفرد، ويبدأ حين نقرر أن نكون مختلفين، أن نكون أول من يقرأ ما وراء العنوان، وأول من يمنح الفرصة قبل الحكم.

    ودمتم سالمين

المزيد من مقالات (إلهام محمد زارعي)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال