نحو قانون جديد للصحافة اليمنية

> د. هشام محسن السقاف

>
د.هشام محسن السقاف
د.هشام محسن السقاف
بالإمكان تأدية تعظيم سلام لقانون الصحافة اليمني بعد خمسة عشرعاما من الخدمة، أدى وظيفته بكثير من القمع وقليل من الحرية، حرية الكلمة، لكنه في كل الأحوال كان مثاليا في نظر البعض إذا قيس بانعدام الحريات العامة قبل الوحدة.

وقد تكون حالات الضيق من هكذا صحافة، خرجت من القمقم المسحور عشية الوحدة المباركة، مقبولة إذا قيست الأوضاع اليمنية بمثيلاتها في أرض العروبة.

فمع الحبس ومحاكمة الصحف والتغريم، كانت الكلمة أحد أبرز تجليات الديمقراطية اليمنية، تنهض بأعباء تقديم الآخر المغاير على حبر وورق وعناء، في ظل تقهقر بعض قوالب التعبير الديمقراطي الأخرى من الأحزاب إلى مؤسسات مدنية في المجتمع، ذيلية البعض وافتقار البعض الآخر لممارسة الديمقراطية الداخلية (وفاقد الشيء لا يعطيه)، إلى ما هنالك من انشداد في المؤسسات الرسمية لقوة العادة مما يعوق من التقدم في سلم الديمقراطية وتمثلها كمنظومة قانونية متكاملة تدخل في صلب الممارسة الإدارية اليومية، مع ما وفرته الصحافة بتنوعاتها المختلفة في ظل القانون الجائر - قانون الصحافة الحالي- من مصدر مثالي من مصادر التنفيس الشعبي كنوع من التعويض في ظل أوضاع حياتية قاسية نسبيا، مما يؤدي بدوره إلى رصد الحالة وتدارك انحدارات معينة، واستقاء نبض الشارع منها، والأهم الترويج للتجربة واستثمارها خارجيا - وهذا حق مشروع - في عالم بات فيه الداخلي يتقاطع بشكل بيّن مع الخارجي والعكس.

بكل المثالب والمساوئ يمكننا إحالة القانون الحالي للصحافة اليمنية إلى رف الخبرة الإنسانية المكتسبة في مجال الحريات الديمقراطية، وسوف ننظر إليه كأحد مصادرنا القانونية التي هيأت السبيل لأن نرتقي إلى قانون أفضل وأنجع في حل علاقة الصحافي بالدولة والمجتمع، بما يعزز من الحريات الممنوحة، إذ لا مجال لأن يكون تقدمنا يتم عن طريق الدوران في الحلقة نفسها، أو بوهم السير إلى الأمام عن طريق الخلف وبالارتداد عن ما تحقق، كما بينت بعض التجارب المؤسفة في بعض التشريعات والقوانين.

قد يكون لدى بعض المغالين من قوى الحرس القديم في مختلف المفاصل داخل ما هو حكومي أو خارجه رؤيً مغايرة أو معارضة لتغيير أو تعديل القانون الحالي، بينما يقف البعض ملكيا أكثرمن الملك لمآرب في نفس يعقوب، لكننا سوف ننشدّ تلقائيا إلى العصر الذي لا يقبل التراجع أو أنصاف الحلول بالبحث عن تكاملات إنسانية من خلال القانون البديل يعوض التعثر الذي رافق سيرنا في ملكوت صاحبة الجلالة طوال الخمسة عشر عاما المنصرمة، ولن نجترح معجزة بقدر ما نتساوى نفسيا وأخلاقيا مع ذواتنا التائقة للتجديد والتطوير والخروج من أزماتنا عن طريق المسالك الديمقراطية.

وفي هذا سوف نجد في كثير من كلمات وتوجيهات فخامة الأخ رئيس الجمهورية انحيازاً للديمقراطية ولقانون يحفظ للصحفي كرامته وآدميته ويحرره من الخوف والتوجس لتنطلق إبداعاته من دون قيود لصالح وطنه وأمته في رحابة مبرأة من الشك والريبة.

إن تحرير الكلمة من أولويات الحياة الليبرالية المنشودة في وطننا اليمني، وليس من الحكمة الإبقاء على قانون يكبل هذه الحرية، وقد أصبح مناسبا التفكير في قانون جديد للصحافة اليمنية يلائم الطبيعة الإنسانية والعصر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى