نجوم عدن .. علي عبدالله العيسائي

> فضل النقيب

>
فضل النقيب
فضل النقيب
أختم بمقال اليوم حديثي عن هذه الشخصية الرائعة التي أقول بحق إنها مع توأمها الشيخ عمر قاسم العيسائي قد ألهمتا أجيالاً من أبناء يافع لاقتحام عالم الأعمال الحديثة بثقة وإقدام ومغامرات محسوبة أحياناً وغير محسوبة في أحايين أخرى «وبالنجم هم يهتدون»، وكان الشيخ علي ولا يزال وقد نيف على الثمانين التي قال عنها «لبيد»:

إن الثمانين وبُلّغتها

قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

أقول إن العم علي ما احتاج، وإن شاء الله لن يحتاج، إلى ترجمان لأنه يلتقطها وهي «طائرة»، ولن أعرف أنا ولن يعرف أحد كيف يدير إمبراطوريته، فأي شيء يضع يده أو رجله عليه يتحول إلى ذهب عيار 24 قيراط- اللهم لا حسد- وإذا كان هناك من يعرف فليقل لي، لأن عدن بحاجة ماسة إلى معرفة نجومها الذين رحلوا في الكون والفضاءات كما ترحل النجوم والمجرات.

ذات مرة، سألت مجلة سعودية الشيخ عمر قاسم العيسائي عن تقديره لثروته فقال: لا أدري .. ولكن .. عدة مئات من الملايين. أما الشيخ علي فهو لا يتعامل مع الصحافة والصحفيين ولا يحب أسئلة الأرقام، وقد اشتقت إلى أخباره مرة وأنا في العراق فوجدتها في مجلة وهو يفتتح مصفاة للبترول في الإسكندرية، ومرة أخرى رأيت صورته في خيمة بجانب بيته المصادر في يافع، لأنه يأبى السكن في مئات البيوت المفتوحة أمامه بالحب والترحاب، لأن له بيتاً وذكريات لن يأخذها منه أحد، ولم أر في حياتي محارباً في الحقوق مثله. أسأل عنه في صنعاء فيمنحني المانحون عنوان المستشفى اليمني الألماني، في تعز يحيلونني إلى الجامع الكبير الذي بناه، في عدن يقولون لي اسأل عنه في جامع البريقة، حيث تنتصب المآذن التي تشاهد من المنصورة ، اذهب للسلام عليه في جدة قبل 4 سنوات فأجده قد اشترى أحد القصور السابقة يستقبل المحبين فيه بمناسبة عرس أحد أبنائه، ولتواضعه الجم تشعر أنه يقول لكل ضيف: نحن الضيوف وأنت رب المنزل .. أسأل عنه في بيروت السبعينات من القرن الماضي فيجيبني لبناني يحرس عمارة له في الحمراء: هيدا شو يا عمي.. والله يعلّم اللبنانيين الشطارة. أراه في يافع وقد شرع في بناء بيت على ذروة جبل «الحقب» الذي يفكر النسر خمس مرات قبل أن يطير إلى هناك.. أسأل الشيخ محمد منصر العيسائي عنه فيقول لي: والله يعمل 18 ساعة في اليوم ثم يرتاح عندما يتعب على هواه. بالصدفة التقيته في مسجده بباب شريف في جدة وقد غبت عنه زهاء عشرين عاماً، تغيرت خلالها وزاد وزني ثلاثين كليو منذ آخر مرة شاهدته، ومع ذلك يقول لي فوراً: فضل علي، ثم يأخذني من يدي إلى الغداء كأنني فارقته منذ ساعة، يالها من ذاكرة لا تنسى. في القاهرة، كان يأتي في الستينات ويحجز في هيلتون النيل، ولكنه ينام مع الطلاب في شقة أخيه محمد وتكون بيجامته جاهزة تحت البدلة، ثم تأتي المشويات والحلويات إلينا من كل حدب وصوب، ويا ليتك يا عم علي لا تفارقنا أبداً، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه.

في ديسمبر الماضي همس الأخ محسن النقيب، وكيل محافظة لحج «أخي» في أذني أن محمد علي عبدالله العيسائي وافق على احتياجات الهيئة التعليمية في يافع كلها، فقلت له: «إن هذا الشبل من ذاك الأسد» وتذكرت احتياجات مدرسة قعطبة قبل خمسين عاماً، وقل للزمان ارجع يا زمان، وقد اكتشفت أن الشيخ علي بعدالته القاسية وقسوته العادلة يطبق بيت الشعر العربي القديم:

حسنٌ قولُ نعم من بعد لا وقبيحٌ قولُ لا بعد نعم

و.. حيا الله ذاك الزمان !

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى