تحتفل بعيد استقلالها الوطني : تونس زمردة أفريقيا وجوهرة المغرب العربي

> «الأيام» فؤاد العوسجي :

>
تونس زمردة افريقيا وجوهرة المغرب العربي
تونس زمردة افريقيا وجوهرة المغرب العربي
أيا تونس الخضراء جئتك عاشقا، وفي جبيني وردة وكتاب .. هكذا وصف الشاعر الكبير المرحوم نزار قباني تونس في أبسط كلمات وأعمق معنى .. فتونس الخضراء التي ازدادت اخضرارا وجمالاً وهي تستعد للاحتفال بعيد استقلالها، تطل علينا وهى في أبهى وأجمل الصور التي تكون عليها العروس في ليلة زفافها. في هذا العدد ندعوك عزيزي القارئ إلى رحلة شيقة في المكان والزمان للتعرف على المآثر التي خلفتها الطبيعة .. ندعوك للتعرف على «تونس»، ذلك الوطن المسنود بحضارة تجاوزت الآف السنين وتغطت بالعظمة والثراء والصفاء، وكان مهد حضارة وأداة وصل بين المشرق والمغرب وبين الشرق والغرب وكذلك بين أفريقيا وأوروبا.. وطن همته التوحيد والوحدة والجمع في أطر تحترم الحق .. وتقر بالاختلاف.
تونس الجديدة

مليحة تتأمل حسنها في بحيرة، ماؤها زمردي وزوارقها لقالق مسافرها زادها الزمان وحطت رحالها بين الهضاب الخضراء وسفوح الجبال .. هي تونس التي تحكي عن الماضي الغابر وتتحدث عن المستقبل الزاهر .. تونس المتطلعة لكل ما هو عصري حديث المتشبثة بتراثها الزاخر .. هي تونس الثقافة واللقاء والكرم، في ربوعها ترعرع مشاهير العلماء وفي مقدمتهم عبدالرحمن بن خلدون الذي ولد عام 1332م ليجسم بمفرده ذلك التلاقح الخصب الدائم بين الذاكرة الحية والحاضر المتجدد. هي تونس النور، تونس الناصعة وتونس الخضراء .. إنها رياض غناء تتناغم فيها زمرد الحقول مع بنفسج الشرق الأزلي.

تونس تتطور .. لكن حمى التغيير إن تغلغلت في الجسد فإنها لا تؤثر على الروح، وهذه الروح يلمسها الزائر لشارع الحبيب بورقيبة الرئيسي تحت أشجار الساج المزقزقة بحناجر آلاف العصافير، الفائحة بطيب الأزهار المعروضة على المارة.. يلمسها الزائر بكل جوارحه في هندسة المباني التي تارة تتذكر ماضيها فتحكي، وتارة تحلم بالمستقبل فتلهم، إن تونس لا تزال وستبقى على موعد مع التظاهرات الثقافية العديدة .. ينشرح صدرك لمشهد الأغصان المتشابكة التي تتمسح على خد الغروب بمرأى من الأسود والطيور والغزلان المتعايشة بحديقة الحيوانات، ويدعوك المتحف الوطني للاستمتاع بحكايات الماضي التي ترويها لك مجموعة رائعة من لوحات الفسيفساء.


تونس معزوفة شرقية
الأشكال والأحجام والألوان تتناغم في المدينة العتيقة كألحان معزوفة شرقية رائعة .. فالقباب إيقاع، والسطوح تقاسيم.. والظلال سكون واستراحة، وعطور الماضي طرب وانتشاء .. إنها تركيبة حية من الحجارة التي تحكي، والأصوات التي تنادي ، والحركات التي تخلد ذكرى الأجداد.. إنها كنوز دفينة يعثر عليها الزائر في كل ركن من أركان مدينة تونس العتيقة، فلا يسعه إلا أن يدفع بابا من تلك الأبواب التي تعلوها شبابيك مقوسة، وتزين صفحتها مسامير نحاسية، ليدخل داراً من الديار التي حافظت على شيء من روح سكانها السابقين .. ولئن كانوا هجروها من زمان ، فإن دار ابن عبدالله (القرن 18 و19) يزخر بالأواني المنزلية والملابس والأثاث القديم المعروضة في إطارها الأصيل .. وفي تونس العتيقة أماكن أخرى كثيرة للزيارة كدار الأحرم وجامع الزيتونة ودكاكين تونس وبالأخص دكاكين المدينة العتيقة .. إنها عبارة عن شحنة من التاريخ تتفجر في أحاسيس الزائر كما تنفجر شحنة النور، فهي نموذج متكرر من مغارة علي بابا .. وتحت أسقف تلك الدكاكين تتراكم الكنوز البراقة، ومن داخلها تتهادى إلى مسمعك نداءات الباعة المتجولين .. ولا مفر للزائر المتجول من التعريج على دكاكين المنتوجات العتيقة .. إن هذه الزيارة لهذه الأماكن تشبه رحلة شيقة في متاهات ألف ليلة وليلة.


تونس الريف
ما إن يهب نسيم الربيع حتى يخرج أهالي تونس إلى الأرياف المجاورة .. لأن تونس ليست المدينة فقط بل هي الطبيعة كذلك (زغوان) تقترح على ضيوفها زيارة ضريح سيدي علي عزوز وحنفيتها المزخرفة ومعبد المياه بسفح الجبل، الذي بقي دهرا طويلا مشربا لتونس بعد أن كان مشربها قرطاج وأقواسها الأثرية الشاهدة على ماضيها المجيد .. وجبل الوسط المحطة الشافية بمياهها المعدنية .. كلاهما يزخر بالمفاجآت، أما قربص فإنها آثرت أن تتربع بين أحضان منخفض جبلي لتدر مياهها الساخنة على طالبي الشفاء .. وعلى بعد بضع كيلومترات من العاصمة يشرف جبل بوقرنين على سلسلة من الشواطئ الرملية الساحرة والفنادق الفاخرة ومراكز الاصطياف الرائعة.


سوسة.. جوهرة تونس
قرابة ساعتين تمضيهما انطلاقا من العاصمة حتى تصل إلى سوسة (جوهرة تونس) عبر طريق أخضر تتوارد طواله المناظر الخلابة وتتوالى معه الخواطر الطيبة .. تتربع سوسة على ضفاف تونس الشرقية التي تفرش للزائر بساطا زمرديا تداعبه زرقة البحر .. فمن كروم جرمبالية إلى الحمامات وصولا إلى زياتين الساحل التي يلازمك سلامها حتى مشارف الصحراء تحتل سوسة المرتبة الثالثة بعد العاصمة وصفاقس، ولا تزال محافظة على مجدها «الحضرمي» الأصيل الذي عرفت به سوسة وكان اسمها الاسبق، وهي تمتد على مساحة 000.250 هكتار، وتشتهر بمينائها الذي لم تهدأ به حركة منذ آمد العصور ومدينتها العتيقة التي تحتضن أسوارها في كبرياء ورفق أمجادها العريقة .. تاركة المدينة الحديثة لمتطلبات العصر من لهو وزهو وألوان .. ويشكل ميناؤها مع مجمع القنطاوي واحداً من ألمع وأشهر الأقطاب السياحية في الأقطار المتوسطة.


مع تونس سريعا
تقع الجمهورية التونسية في أقصى شمال القارة الأفريقية، وبمساحتها تعد أصغر بلدان المغرب العربي وأكثرها جذبا فهي أرض اللقاء ومفترق الحضارات حيث تهديك طبيعتها. تبلغ مساحتها 163000كم2 ويبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، أهم مدنها تونس العاصمة ويسكنها 600 ألف نسمة، وصفاقس وسوسة وبنزرت وقابص، عملتها الدينار تعتبر الأولى في أفريقيا في مجال المردودية وهي من أهم 80 بلدا على الأكثر تطورا في العالم.


علامات تاريخية
عام 850 قبل الميلاد أسس ديوان قرطاج.

عام 146م نهاية الحرب البونية وهدم قرطاج والاستيلاء عليها من قبل الرومان.

عام 670م وصول العرب إلى أفريقيا وقيام عقبة بن نافع بتأسيس القيروان.

في 20 مارس 1956م إعلان استقلال تونس، ويوم 25 يوليو 1957م أعلن الزعيم الحبيب بورقيبة نهاية النظام الملكي وإعلان الجمهورية وأصبح أول رئيس للجمهورية.

في 7 نوفمبر 1987م أصبح الرئيس زين العابدين بن علي رئيسا للجمهورية.


في الختام
17 عاما استطاعت أن تغير وجه تونس بكثافة إيقاع التحولات التي أنجزت تغييراً شاملاً وكاملاً يراه المتطلع حيثما يولي وجهه .. وإن كانت الإنجازات تقاس بالمسافات المقطوعة فهي اليوم بطول البلاد وعرضها .. فالبناء في كل مكان جامعات ومدارس ومصالح حكومية ومستشفيات ودور الثقافة والرياضة.. اليوم عاد البناه أكثر همة، وأكثر قدرة على الخلق .. وأعلى هرم السلطة قلب ينبض من أجل التطوير والتعمير.. هنا وليس بعيدا تجتمع أسباب التهذيب والدفع بتاريخ هذا البلد الطيب، وكل عام وتونس في تطور وازدهار ونماء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى