المكلا عليائها : حاضنة الجبل في شموخه .. والبحر في هدوئه وزمجرته

> سند بايعشوت :

>
المكلا القديمة .. جوار وحوار مدني رائع
المكلا القديمة .. جوار وحوار مدني رائع
كانت يداه تتحركان بصورة آلية، يمينا .. شمالا .. شمالا .. يمينا .. الجميع هنا في المكلا الوديعة الهادئة يعرف تماماً العم سالم بامسعود، رجل المرور القديم في مدينة المكلا، الذي يحمل وجهه طيبة وصرامة في آن معاً .. الطيبة في أنه يأخذ بخاطر السائق إذا بدر منه خطأ غير مقصود، والصرامة في معاملة السائق المخالف وفقاً للنظام والقانون.

كان رجال المرور في تلك الفترة يعدون بأصابع اليدين، لأن عدد المركبات كان محدوداً، ولم تكن المكلا بهذا الاتساع الكبير .. كل شيء معروف في المكلا كانت هذه المدينة صغيرة ، ولم يكن يعلم سكانها أن سعر أرضها سيصل إلى الملايين.

وتنمو المكلا مع الزمن، فهي مدينة مفتوحة تستوعب كافة التطورات والمتغيرات تتأثر وتؤثر بما يحدث من أحداث كلية وعلى مستوى الوطن.

اليوم أصبحت المكلا عروساً تنتظر تتويجها في أفراح الوطن بلبس حلتها الجديدة، وكأنها خرجت من القمقم لتلعب دورها على مستوى الساحة اليمنية باعتبارها العاصمة المالية للجمهورية، ومنطقة محاطة بسياج من الأمن والأمان والنظام والقانون.

هنا القلق أصبح ظاهرة جماعية لكل ساكنيها بغية الخروج من الامتحان الوطني لتقدم ما لديها من ثقافة وأدب وفن ومعمار، فليس القلق على نجاح احتفالات الوطن اليمني في 22 مايو المقبل يسيطر على عقل السياسي والرسمي فحسب، بل يسيطر أيضاً على قلوب البسطاء من أهاليها بغية الألق والتألق والإبداع والإمتاع وهي تستقبل ضيوفها بفرحة وابتسامة وزهرة، فهي قادرة على ذلك لأنها قادمة من أعماق حضارية.


من عليائها
الناظر من علو للمكلا -كما هو واضح في الصور - يرى أن هذه المدينة ذات ضفائر والأخيرة هي شوارعها وأزقتها التي لم تعد كما كانت في السابق، بل ازدانت بالرصف والطلاء.

بعد المكلا شاق في جول الديسبرع السدة -حي السلام.. فسيفساء المكان في ذاكرة المكلا
بعد المكلا شاق في جول الديسبرع السدة -حي السلام.. فسيفساء المكان في ذاكرة المكلا
وأسطح المنازل تبدو بيضاء، هذا اللون احتفظت به المدينة منذ عهد السلطنة الكسادية وما قبلها، فقد ارتبط اللون الأبيض بقلوب أهاليها ونقاء سريرتهم، إذ أن إنسان المكلا ببساطته وطيبته وعمرته (عمامته) يزين هذه المدينة حين يصحو كل صباح بمجدافه وقاربه الذي يمخر عباب البحر.


المكلا من فوق
كما أشرنا.. تبدو أسطح المنازل بيضاء، وتلك المصفوفة من المنازل المتراصة مع بعضها البعض لتشكل جواراً وحواراً مدنياً رائعاً .. جارة أو جار يطلب من جاره حق المجورة، التي يستجاب لها على الفور حتى ولو في أحلك الظروف، إذن فالناظر للمكلا من علو سيرى أنها تتمدد من الجبل إلى البحر، فهي حاضنة البحر والجبل معاً .. الأخير في شموخه .. والبحر في هدوئه وزمجرته، لهذا أطلت شامخة بالطرز المعمارية التي تتشابه كثيراً مع بعض المدن العربية، ومع هذا أليست المكلا مدينة عربية؟

المكلا من عليائها .. طائر سنونو فارد جناحيه، وهنا تبدو الطبيعة جميلة أخاذة .. بسيطة بساطة هذا الإنسان المكلاوي العاشق لطبخة الصيادية والبرياني والخبز المدهور.


يا زهرة في الربيع
المكلا من عليائها طراز معماري فريد يحكي قصة الإنسان مع الحجر، هذا الحجر الذي بنيت به هذه الأطواد من العمارات المكلاوية المؤلفة من أربعة إلى خمسة طوابق بمواد بناء محلية بسيطة، لكنها معمولة بإحكام، لهذا ظلت صامدة لعقود طويلة، ولأن المدينة بحر وجبل وطائر نورس، فقد جاء بنيانها هكذا أفقياً مما حدا بطائر النورس أن يشقشق في أسطحها قبل أن تعرف هذه الريوم (السطوح) أجهزة (الستلايت) المتناثرة.

المكلا من عليائها .. زهرة في الربيع، لهذا قال عنها البار حسين بن محمد البار المحامي: يا زهرة في الربيع .. كانت هي زهرة اللوتس والبنفسج.

المكلا من عليائها تبدو كفتاة تجلس القرفصاء، وقد فردت شعرها تعلوها قطرات ندى الصباح لتغسل عشقاً من بعده عشق آخر يتجدد كل يوم ومع إشراقة كل يوم جديد.


شموخ نحو الشمس
واليوم .. وخور المكلا تزدان به المدينة كلوحة بانورامية سيعطي المدينة وجهاً آخر وهي تستقبل ضيوفها من بلاد العرب والعجم في احتفالات الوحدة اليمنية بعيدها الـ 15 التي تحتضنها هذه المدينة من عليائها.

واليوم .. المكلا تعلو بشموخ نحو الشمس لتلامس الأفق البعيد ، لتعانق طائراً يرفرف بجناحيه في أجواز الفضاء، ومن عليائها تشرق الشمس لتعانق البحر والجبل، ويشتد الحنين إليها شوقاً من أبناء اليمن في بلد الاغتراب لاحتضانها، وتشد إليها الرحال هذه الأيام ولو على ( صنبوق مشعوق).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى