> د. هشام محسن السقاف

د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
العبث بالأرض أيسر الطرق لتهميش القاطنين عليها، ويغدو الأمر أشبه بزوابع تقتلع الأرض دون وجه حق من أصحابها، سواء أكانوا أفراداً في المجتمع أو الدولة نفسها، فيتعطل حق الإنسان على المستوى الشخصي، وتتعطل خطط التنمية التي يأملها الجميع لصالح النماء والإعمار والاستثمار وتحصين المستقبل من مخاطر محتملة. فلا تنمية بدون أرض ولا إنسان مستقر نفسياً واجتماعياً بدون أرض، ولذلك يبدو للوهلة الأولى أن إرث الفوضى كبير، تلك التي شهدتها مناطق في الوطن غداة الوحدة المباركة وكان مجالها الحيوي الأراضي وفرسانها سماسرة وإداريين مرتشين وسياسيين فاسدين، مما غيب العقل الوطني الجمعي المتطلع إلى استثمار حقيقي، ليصبح اللهات وراء المال من وراء المضاربة بالأراضي والربح السريع والسكني التجاري أحد ملامح فترة من الزمان لا تظهر في ثناياه ملامح حقيقية للبناء الحقيقي الذي يمس الأرض ومن عليها بخطط مدروسة ومقروءة في الواقع. وإذا كان هذا الموروث قد ظل باقياً بسحنة أصحابه المغبرة وبالأدوات ذاتها غير القانونية، وللاهداف الأنانية التي لا تضع للوطن اعتباراً، فإن تباشير الأمل لم تغب من حدقات عيون المواطنين والمستثمرين الناصحين الحقيقيين أو من بال المسؤولين المقتدرين الذين يضعون اعتباراً لله وللوطن وللشعب.

وقد سر الكثيرون كما سررت جداً بالإجراءات التي اتخذتها لجنة الادعاء بالملكية للأراضي برئاسة الأخ عبدالكريم شائف، نائب المحافظ الأمين العام للمجلس المحلي لمحافظة عدن، بإحالة حالات التزوير في أصول ووثائق الملكية إلى نيابة الأموال العامة، مع النزول الميداني لأعضاء اللجنة إلى الأراضي المعنية، وبخاصة في مدينة الشعب وبير أحمد للمطابقة على الواقع. وهذا بحد ذاته إجراء جريء انتظره المواطنون طويلاً، وينبغي اتباع خطة منهجية متكاملة من قبل قيادة محافظة عدن لمنع التلاعب بالأراضي، واتخاذ إجراءات قانونية رادعة تجاه أولئك النفر الذين يعطلون إمكانات وطنية واعدة لصالح المواطنين والتطوير الموعود لعدن الكبرى، لأنه بدون هذه الإجراءات ستظل الأوضاع بائسة لا تبشر بخير والعياذ بالله، يتحكم في مصائر الناس حفنة من المرابين والسماسرة والفاسدين.

إن هذا الإجراء القانوني الذي تضطلع به لجنة إدعاء ملكية الأراضي بجهود القائمين عليها، وبتوجيه من قيادة المحافظة، ينبغي أن يكون بمثابة بوابة العبور للمعالجة الشاملة لموضوع الأراضي والاستثمار والمعوقات في محافظة عدن، بنفس الكفاءة المعهودة والجرأة المطلوبة، ليضاف ذلك إلى رصيد هذه المحافظة وقيادتها في ميزان الثواب الوطني.