«الأيام» في بضة وادي دوعن...دموع النخيل وانتظار مشروعي الكهرباء والطريق

> «الأيام»علوي بن سميط :

> وصلت «الأيام» الى بضة المدينة المعروفة بوادي دوعن الأيمن وتعد الزيارة الثانية فيما الأولى كانت في يونيو 2000م وقد تضمنت الإشارة تاريخياً لها ونقلنا فيها أحاديث الدواعنة الوافدين اليها لغرض التسوق وسوقها المشهور (بالربوع) وفي ذلك العام لم تكن بضة قد افتتحت مشفاها الذي بناه فاعل خير كغيرها من مدن وقرى الأيسر والأيمن الذي يحتضن مستشفيات ومدارس ومشاريع مياه بنى معظهما رجال الخير والأعمال من أبناء دوعن في الخارج، واليوم زرنا المستشفى كما زرنا المدرسة ومبناها القائم منذ ستينات القرن الماضي، فماذا يقول أهل بضة في الإستطلاع الآتي نتعرف على حاجتهم.

مشروع الطريق عام 2000م لم يصل بعد حتى الى قيدون أو صيف العاصمة الإدارية لدوعن وهذه المرة تجاوزت صيف على طريق اسفلتي وبوسط الأيمن ما تزال الحجارة ببطن الوادي تزعج السيارة وتزعج ركابها أكثر ومع هذا فالمشروع جار على قدم وساق ويمثل تحد لأنه يخترق وادي من أكبر وديان حضرموت عموماً ومجرى للسيول عن يمنيه ويساره جبال كجدران طبيعية تلتصق بها مناطق دوعن، وبدت من بعد بضة من تحت الجبل وحتى أسفله ببيوتها كلوحة جدارية كبيرة وأمامها (النخيل المدامع) باكياً من الوباء الغريب الذي هزم القامات على طول وعرض وادي حضرموت الرئيس ووديان دوعن ووادي العين (دوباس النخيل) الذي يصيب النخيل فتشاهده يلمع وتهطل من جوانبه مادة لزجة يسميها المهندسون الزراعيون (مادة عسلية) وتبدو كذلك لتغالط عسل دوعن المشهور.. الأهالي في بضة يطلبون المزيد من حملات المكافحة لهذا الوباء والسلطات ومكاتب الزراعة تعمل في اكثر من منطقة بوادي حضرموت وبدوعن أيضاً ومن بين صفي نخيل باك تشعر بالهدوء بين منازل بضة الطينية التي يسكنها نحو (5) آلاف نسمة بحسب قول الأستاذ محمد احمد عمرالعمودي مدير مدرسة بضة للتعليم الاساسي، الذي تحدثنا معه عن المدرسة وتعليم الفتاة في بضة وأهم الاحتياجات فأجاب مشكوراً:

«من المعروف أن التعليم في بضة قديم وهي مدينة علمية، ومرت مراحل التعليم بعدة طرق في الجوامع والكتاتيب وبدأ التفكير في بناء مدرسة من قبل الأعيان والأهالي عموماً لتدريس ابنائهم وفق التعليم النظامي والحديث، وتأسست المدرسة التي نحن فيها من 1962-1965م وهي من أقدم المدارس وحتى اليوم يسيرالعمل التربوي فيها ، وعلى الرغم من قدم المبنى إلاّ أن التفكير حالياً بإيجاد مبنى جديد حديث وبالفعل تم حجز موقع وأعدت التصاميم وإن شاء الله عند الانتهاء من التنفيذ سوف يستوعب اكثر الفصول، لأن خلال العام الدراسي الجاري وفي هذه المدرسة يدرس 380 طالبا و245 طالبة وعدد الشعب 18 شعبة (8) أولاد و(6) شعب بنات، ويواصل ابناء بضة التعليم الثانوي في عاصمة المديرية صيف، اما مواصلة البنات للثانوية، كما تعلم، فغير متوفرة كما هو الحال بدوعن ككل، ولكن في رأيي إذا توفرت مدرسة ثانوية خاصة بالبنات مع توفير المواصلات سوف تتجه الفتاة للتعليم الثانوي، وإجابة على سؤالك فإن الاهالي يدفعون بأولادهم للتعليم بمن فيهم الفتاة ولكن الدراسة تقتصر حتى الآن على التعليم الاساسي»

زيادة الحملات على الدوباس
سألت أ. محمد العمودي، وهو تربوي منذ 28 عاما وكرم في يوم المعلم نظير جهوده، عن الكهرباء والمياه وأهم الاحتياجات فأجاب :« الكهرباء في بضة هي لمدة ست ساعات تبدأ مع حلول الظلام وهي مشروع أهلي ولكننا ننتظرالمشروع العام الخاص بكهرباء دوعن، والمياه فإن بئر واحدة تغذي المنطقة وايضاً يعتمد على السدود والصهاريج، الطريق أهم المشاريع وكما شاهدت أثناء مجيئك فنحن ننتظر وصوله وسيصل ما دام العمل جاريا فيه، خدمة الهاتف موجودة سواء الشبكة الارضية اوشبكة الهاتف المحمول وهذا المشروع الحكومي ساعد كثيراً على التواصل سواء داخل دوعن أو محافظات الوطن أو الخارج».

وكان موجودا أثناء الحديث مع الأخ المدير عدد من المعلمين وهم من أبناء بضة ودرسوا في المدرسة التي يدرسون الآن فيها وواصلوا تعليمهم الجامعي في المكلا، يؤكد خالد بامعروف ما طرحه الاستاذ العمودي ولأنه مهتماً بالرياضة أجاب بامعروف على سؤالنا :«يشارك أبناء بضة في الفعاليات الرياضية بتمثيل فريق الاحقاف في كل المناشط الذي ينظمها نادي دوعن وكذا مشاركتنا في الدورة الرياضية المدرسية». أما الأستاذان عمر عبدالله العمودي، واحمد حسين خرد فيقولان:« من المهم زيادة وتكثيف حملات الرش لمكافحة الدوباس فالنخيل ثروة ودوعن ككل تتميز به، أيضاً هناك حاجة أن تعطى أهمية من الصناديق المختصة لحماية التربة من الانجراف خصوصاً وأن المنطقة تقع على مجرى السيول».

في المدرسة يوجد أيضاً معلمون من ابناء مديريات ساحل حضرموت ومن وادي حضرموت، فمن القطن الاستاذ عمر سالم عوض بن سلم ولبعد منطقته عن بضة فإنه فضل الاستقرار فيها مع أسرته ومنذ عامين وأضحى في تقديري من سكان بضة، حيث أثنى على مستوى الاحترام المتبادل وشعوره بما يشعرون من احتياجات وانه قبل كل هذا يؤدي رسالة نبيلة وهي التعليم، أهالي بضة متفائلون بتوفير المشاريع الخدمية التي بدأت ويشعرون بالفرق بين الاعوام الماضية وهذين العامين، فالجهات المسؤولة بالمديرية زارت المناطق ووصل المسؤولون الى معظم مناطق وادي دوعن بشقيه كالأخ عبدالقادر باجمال، رئيس الوزراء، والمحافظ عبدالقادر هلال وعدد من الوزراء في فترات متفاوتة.. الأساتذة بالمدرسة من المتابعين لصحيفة «الأيام» حيث قالوا إنهم كغيرهم من أبناء دوعن عموماً يشترون الصحيفة من المكلا أو يرسلون لطلبها من هناك لأن بدوعن عموماً لا توجد اكشاك او مكتبات لبيع الصحف عموماً.

من المدرسة إلى المستشفى
كما أشرت أن أول زيارة في عام 2000م إلى بضة أضأنا شيئاً من تاريخها في استطلاع شامل عن دوعن الأيمن نشرفي «الأيام» في (5) حلقات متتالية، ويمكن الرجوع إلى عدد الأربعاء 21/6/2000م رقم 748 ص 3، الحلقة بعنوان (من سوق الربوع في بضة إلى السؤال عن حال وأوضاع الصحة في القويرة)، حلقة (4) وأشار الباحث المؤرخ إبراهيم أحمد المقحفي في كتابه معجم البلدان والقبائل اليمنية ج1 ص 177 طبعة 2002م بتعريفة عن بضة بأن عرض ما كتبناه تاريخياًِ بقوله : وللكاتب علوي بن سميط بحث ممتازعن مدينة بضة وشهرتها منشور في صحيفة «الأيام». واسترسل في كتابه باعتماده لأهم ما ورد في الاستطلاع عن تعريف بضة ومقدم الشيخ معروف باجمال إليها.

انتقلت من بضة حتى الضفة المقابلة لها حيث مبنى المستشفى الخيري وكان في الزيارة الأولى قبل ثلاث سنوات لم يبدأ به العمل بعد ، واليوم في أبريل 2005م دخلت إليه وممراته النظيفة تكتظ بالباحثين عن العلاج، وتجولت فيه حتى وصلت مكتب مدير المستشفى د. عبدالله سالم باوزير الذي أجاب عما طرحته قائلا :«مستشفى بضة الخيري أنشئ وجهزعلى نفقة المرحوم حسين عبدالله سكلوع وأولاده، وبدأ العمل فيه فعلياً في يناير 2002م ويتسع لـ 40 سريرا والقادمين إليه لتلقي العلاج هم من مختلف المناطق بوادي دوعن ومن مديريات أخرى كعمد ومن وادي حضرموت ومن محافظة شبوة ومن مديريات حجر ويبعث، والطاقم الطبي والفني يمنيون 100% وتعمل المستشفى على دوامين صباحا ومساء، وقسم طوارئ على مدار 24 ساعة والتخصصات الموجودة منها نساء وولادة، باطني، طب أطفال، عيون، جراحة عامة ومسالك إلى جانب المختبر والأشعة والخدمات الأخرى».

عرفت أن القادمين من محافظات أخرى إلى هذا المستشفى أولاً للخدمات الطبية الموجودة ثم أن بضة وعبر عقبة تصلها بالجول كالضليعة وشبوة أقرب، ولذا تعتبر المستشفى أقرب نقطة لهم وتستلم المستشفى مبالغ رمزية للفحص أو العمليات لتغظية النفقات (لا يذهب أي منها للمتصدق فالمتصدق بنى المستشفى وجهزها، وجزاه الله خيرا.

الطاقم الطبي وبحسب مشاهداتي يعمل دون كلل وتحتفظ إدارة المستشفى بعدد لا بأس به من نتائج العمليات التي أجريت وقبلها كانت في عداد الحالات الصعبة، ففي مواد طبية في حافظة وضع كيس ورم يزن 4 كيلو من طفل عمره 7 سنوات قدم من الهضبة البعيدة فوق دوعن وطحال استؤصل من طفلة عمرها 14 عاماً من مديرية حجر، ويذكرد. باوزير أن جميع العمليات يتم أجراؤها بحسب الأجهزة الخاصة الموجودة بغرفة العمليات وأنه وحتى 5 مايو من اليوم فإن عمليات مختلفة سيتم إجراؤه، وسألت الجراح د. نصر محمد حيدرة عن العمليات التي ستجرى هذا اليوم فأجاب: اليوم (10 إبريل) سيتم إجراء عمليات بين نوعية متوسطة وصغرى أما سؤالكم عن الأورام فمنها الحميد والخطير وتنتج مثلاً عن أمراض أصابت هذا العضو أو ذاك فمثلاً في اليمن المعروف أن الطحال يتضخم نتيجة الملاريا أو ليفيما البحر المتوسط وكذا سرطانات ليمفاوية، وهنا فإن (الأكياس) التي يصاب بها الأطفال ناتجة عن السل.

ظهر لي أثناء الحديث مع الأطباء ولفت نظري أن حالات سرطانية ظهرت في الجول الهضبة على الرغم من البيئة الصحية النظيفة ومن بينها حالات سرطان دم في أطفال. أو سرطان بالثدي وحالات مصابة بالبنكرياس فكان الرد من د. باوزير: بشكل أولي ممكن القول أنه لا بد من دراسة هذه الحالات القادمة من منطقة واحدة وبحسب علمي الشخصي أن مخلفات سابقة تركتها إحدى الشركات العاملة في مجال النفط ربما أثرت بشكل أوبآخر.

ساعتها كان أحد المواطنين القادمين من على بعد ساعة ونصف بالسيارة إلى مستشفى بضة وهو المعلم محمد علي بامسدوس جاء مصاحباً لوالده الذي أصيب بضمور في إحدى كليتيه.. سألت بامسدود ليس عن حالة والده وإنما عن المخلفات التي بقيت بعد رحيل الشركة من الموقع باعتباره من سكان السيطان، الهضاب، فقال: «الناس هناك تتناقل أن مخلفات تتسبب في بعض الأمراض السرطانية ولا أجزم لك بذلك ولكن الناس تطالب بإزالتها نهائياً» ونحن نرى في «الأيام» إن كان تلك المخلفات ينتج عنها إشعاع بالرياح أو بالاختلاط بالتربة فتتسرب إلى المياه الجوفية، وإن صح ذلك فهناك حاجة إلى دفنها وفق المقاييس العلمية المتبعة دولياً وأن تتم دراسة الحالات التي أصيبت بالسرطان إن كان نتائجها من ذلك أم سبب آخر.

ويرى د. عبدالله باوزير أن يتم رفع التوعية الصحية وبمشاركة المجتمع مشيراً في إجابته الى أبرز الحالات التي ترد إلى العيادات الخارجية بقوله: الأمراض الشائعة في كبار السن الضغط والسكري والقلب، والإسهالات بين الأطفال وعدد من حالات البلهارسيا التي يعتقد أنها نتيجة الغسل في المياه الراكدة أو الشرب منها والموجودة في عدد من الكرفان. (وهي حفر تخزن فيها مياه الأمطار في المناطق النائية وتستخدم لعدة شهور وربما لعام كامل)

حرارة الجو تشتد وفي مطعم بالقرب من المستشفى يطل على حافة الوادي مقابلاً لبضة تناولت طعام الغداء تم اتجهت إلى المقبرة المدفون بها أحد أشهر علماء وأولياء حضرموت في القرن العاشر الهجري المولود بمدينة شبام والمدفون ببضة العالم الزاهد الشيخ معروف بن عبدالله باجمال الذي نفته السلطات حينذاك من شبام إلى دوعن سنة 949هـ فاستقبله الشيخ السلطان صاحب بضة عثمان بن أحمد العمودي واستقر باجمال في بضة وتوفي بها سنة 969هـ وعلى ضريحه المتواضع تغطيه قبة صغيرة متواضعة توقفت أمام هذا العلم الشهير الذي انتفعت حضرموت بعلمه، وقرأت الفاتحة عليه وعلى جميع أموات المسلمين وهممت بالعودة إلى شبام وكي أصل إليها علي أن أقطع أكثر من 100 كيلو من هنا. وقبل التحرك تذكرت الزيارة إلى بضة قبل ثلاث سنوات وزيارة اليوم، وللمقارنة كانت الحاجة بالأمس القريب للهاتف والمواصلات فجاء الهاتف والخط الأسفلتي قادم وكانت بحاجة لمنشأة صحية واليوم تعمل مستشفى يرتادها المراجعون والباحثون عن العلاج من مديريات تجاوز دوعن، لم تعد الحاجة لتوسعة المدرسة القديمة بل اليوم يهدفون الى التعجيل ببناء مدرسة جديدة ولم يتبق أمامهم إلا التمويل والشروع في التنفيذ، ولأن الكهرباء عندهم ست ساعات فهناك وعود بمد التيار إلى بضة من شبكة دوعن قريباً، وهكذا فإن دوعن بكل قراها ومناطقها الواقعة تحت جناحي الخير والرافدين (الواديين الأيسر والأيمن) ما زالت بخير وبصمات أهلها الخيرين الذين يقدمون المشاريع بالملايين وعلى كلفتهم لأهلهم ابتغاء مرضاة الله جنباً إلى جنب مع المشاريع الحكومية ما هو إلاّ تاكيد على نقاء وأصالة الدواعنة للأرض التي أنجبتهم ودفعت بهم حتى وصلوا أعلى المراتب العلمية (علماء أدباء،شعراء، أطباء، صحفيين مهندسين، رجال أعمال) وكل هذه العلوم تجدهم الأوائل فيها، لذلك فهم يعيدون لهذا الوادي دين الطفولة أو الجذور.. ولأنني جئت يوم الأحد هذه المرة. و المرة الأولى يوم أربعاء حيث سوق (الربوع) في بضة الذي يجتمع فيه أهل دوعن عموماً ويباع فيه كل شيء حتى السلاح إلا أن هذه المرة واليوم أحد فقد أكد لي الأهالي أنه لم يعد يباع السلاح في سوق(الربوع) لأنه لا حاجة إليه اليوم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى