أمام القضايا الساخنة .. لا يجب دس الرأس في الرمال

> أحمد عمر بن فريد :

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
عادة ما تكمن الخطورة في تفادي الاقتراب من النقاط الساخنة في جسم الوطن المثخن بالجراح، وتحصل مثل هذه المحاذير في الدول التي تمارس العملية الديمقراطية (بالمشقلب)، فلا هي مقتنعة بها كنهج سياسي قادر على تنفيس الاحتقانات السياسية بوسائله المعتمدة على الشفافية وحرية الكلمة، ولا هي انقلبت على الديمقراطية وشطبتها من قاموسها السياسي جملة وتفصيلاً وإلى الأبد.

في أوطاننا العربية المنتشرة من المحيط إلى الخليج، توجد الكثير من الحالات السياسية التي تصنف من قبل الحكام، بأنها نوع من أنواع المحظورات، التي لا يجوز الحديث العلني عنها، ولا يجب حتى الهمس فيما يخصها في أذن عدو أو صديق، لأنها لا تصنف من منظورهم إلا من قبل الحالات السهلة المؤقتة التي لا تحمل في طياتها ما يمكن وصفه بحالات الاحتقان السياسي التي ينبغي حلها ومواجهتها بشجاعة ومسؤولية كبيرة، وذلك قبل أن تستفحل نتائجها وتبرز فروعها من جذورها التي كانت مدفونة تحت الأرض.

لماذا يا ترى تتهرب الحكومات العربية بشكل واضح من مواجهة مثل هذه الحالات؟ ولماذا تصنف كل من يحاول طرح هذه القضايا كما هي للحوار العلني، بأنه خائن أو عميل أو مخرب أو مدسوس أو حتى مضطرب نفسياً...إلخ من التهم الجاهزة التي لا تعكس إلا فشلنا القديم الحديث في مواجهة التحديات والقضايا الوطنية المهمة.

أحمد عبدالله الحسني، السفير اليمني في سوريا، لجأ قبل أيام إلى لندن طالباً اللجوء السياسي، وتحدث بما تحدث به إلى الإعلام العربي، فسمعه القاصي والداني في بقاع الأرض، ثم سمعنا بعد ذلك بياناً للخارجية اليمنية يخبرنا بأن الرجل مختل عقلياً؟!! حتى إذا ما سمع أي بني آدم يسكن هذا الكوكب الأخضر كلام الرجل وبيان الخارجية يجد أن سؤالاً جاهزاً يطن في ذهنه يسأله بشيء من المنطق .. إذا كان هذا الرجل غير مستقر نفسياً.. فلماذا يعمد اليمنيون إلى تقليد من هم على هذه الوضعية النفسية مراكز حساسة جداً كمنصب (سفير)؟! وهل يجد اليمنيون متعة في أن يكون سفراؤهم بالخارج مضطربين نفسياً؟ وهل يمكن معالجة المضطربين نفسياً في اليمن بتقليدهم مناصب السفراء مثلاً؟

هل يتفق معي أحد بأن مثل هذا الكلام يبعث على الضحك والبكاء في آن واحد، ألم يكن بمقدور أصحاب البيان البحث عن أسباب أخرى أكثر سلاسة وكياسة في مخاطبة العقل البشري خلافاً لتلك الأسباب المضحكة؟

إن القضايا الساخنة التي تطرح في هذه المناسبة أو تلك والتي يتحدث عنها هذا الرجل أو ذاك، تقتضي من وجهة نظري التعامل معها بما يفيد في حلها وفك تعقيداتها، من خلال مواجهتها والبحث عن واقعها إن كان له وجود كبير على الأرض أم لا؟ لا أن يتم الحديث عنها بما ينفي وجودها تماماً إلا في ذهنية من يتحدث عنها .. لأن الأورام السرطانية حتى وإن بدت صغيرة في بدايتها، إلا أن استئصالها من الجسد المريض هو الوسيلة الأنجع بدلاً من تجاهلها والحديث عنها بأنها نوع من أنواع الأورام البسيطة الحميدة، بينما الواقع يحكي خلاف ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى