> ابو ظبي «الأيام» عن رويترز :

اطفال الهجن
اطفال الهجن
كان ذو الفقار يبلغ من العمر ثمانية أعوام عندما أرسله والده من لاهور للامارات للعمل في قيادة الهجن,وانتهت مسيرة عمله هذه في نوفمبر تشرين الثاني الماضي عندما أودع في ملجأ خاص أقامته الشرطة الاماراتية لاعادة تأهيل وترحيل الصغار تحت السن القانونية الذين يشاركون في سباقات الهجن.

قال الصبي الباكستاني الهاديء البالغ من العمر الان 15 عاما بنظرة فارغة حزينة في عينيه "لقد عوملنا بطريقة سيئة في بعض الاحيان. أشعر بالسعادة لاني خرجت .

الان أريد العودة الى وطني. آمل في أن يعيدونا."

وذو الفقار واحد من 46 صبيا تتراوح أعمارهم بين سبعة أعوام و15 عاما في هذا المعسكر الصحراوي الذي يعد جزءا من اجراءات بادرت اليها الامارات بعد انتقادات دولية تقول إن اطفالا عمر بعضهم أربعة أعوام يوضعون على ظهور الهجن لقيادتها في مسابقات بدوية تقليدية تحولت الى رياضة شعبية في البلاد.

ومنذ اقامة المركز في نوفمبر تشرين الثاني أعيد 60 طفلا الى عائلاتهم في الخارج ويتبقى 46 يعيشون داخل المركز حيث يستطيعون لأول مرة لعب كرة القدم بحرية ومشاهدة برامج التلفزيون أو تمضية بعض الوقت مع أقرانهم.

ويقول مسؤولون ان معظم الاطفال يأتون من باكستان وعدد أقل يأتي من السودان وبنجلادش وموريتانيا.

وشددت السلطات الاماراتية من القوانين في مارس اذار الماضي لمنع مواطني الامارات من استخدام اطفال دون السادسة عشر أو ممن يقل وزنهم عن 45 كيلوجراما.

وقالت منظمة مناهضة العبودية من مقرها بلندن في العام الماضي إن لديها صورا تثبت أن قليلا من الاطفال مازالوا يشاركون في السباقات رغم قرار حظر أصدرته الحكومة في 2002. ودعت المنظمة الى اجراءات رقابة ملائمة وملاحقة اولئك الذين يقومون بالاتجار في الصبية وتشغيلهم.

ويثور جدل بشأن كيفية وصولهم الى مزارع تربية الجمال.

وتقول جماعات حقوق الانسان إنهم يباعون لاصحاب الهجن عن طريق وسطاء فيما تقول السلطات الاماراتية إن اباءهم هم الذين يحضرونهم الى البلاد للعثور لهم على فرصة عمل في مزارع الهجن ثم يتركونهم.

وتنفي السلطات في الامارات أي مزاعم بشان التهريب قائلة إن عائلات الاطفال هي التي تستخرج لهم جوازات سفر بها مغالطة في اعمارهم.

وقال فاضل محمد مسؤول الشرطة في ابوظبي الذي يتولى تنفيذ القوانين الجديدة "تعطي الام أو الاب اطفالهما للمزارع من أجل المال لكنهم ينبغي الا يغادروا بلادهم من الاساس."

وأضاف أن أربع باكستانيات تواجهن الان المحاكمة بشان تهم تزوير جوازات سفر كي يتاح لأطفالهن فرصة المشاركة في السباقات.

وتحدثت الامارات وقطر عن خطط لاستخدام اطفال اليون تعمل بأجهزة للتحكم عن بعد لقيادة الهجن . ويقولون إنه تم اختبار هذه التكنولوجيا الا أن هواة هذه الرياضة يشكون في انتشار استخدامها او أنها ستكون عملية.

وفي سياق التقاليد البدوية لا غضاضة على الاطلاق في قيادة الاطفال للهجن.

ويقول ذو الفقار إن والديه سلماه لقريب من بعيد تعامل بدوره كوالده في الامارات.

وتابع الصبي "قال إنه والدي وهو لم يكن كذلك. إنه شيطان." مشيرا الى أن الرجل كان يأخذ راتبه الشهري وقدره الف درهم (273 دولارا) دون أن يرسل شيئا الى والديه.

الا أن أنصار برني النشط في مجال حقوق الانسان والذي يقيم بلندن ويناضل لوقف هذه الممارسات اتهم الشرطة وأصحاب الهجن بعدم الجدية فيما يتعلق باعادة تأهيل الصبية الذين يقول أغلبهم إن سماسرة في باكستان اقتادوهم مباشرة الى أصحاب الجمال.

وتابع بيرني الموجود حاليا في الامارات "كان هناك نحو خمسة الاف صبي يعملون في العام الماضي. الان هناك مئة ذهبوا للملجأ اذن أين ذهب الباقون. في حدود علمي انهم يرسلونهم الى بلدان مجاورة."

وطلبت الامارات من بيرني المشورة في العام الماضي بعدما بثت قناة تلفزيونية امريكية برنامجا عن هؤلاء الصبية.

وقال "هؤلاء الاطفال فقدوا طفولتهم. إنهم يعيشون في الجحيم." واصفا بذلك ممارسات من نوع تجويع اولئك الاطفال ليخف وزنهم من أجل سرعة اكبر وزيادة القدرة على التحمل لساعات أطول كما أنهم قد يتعرضون لانتهاكات جنسية.

وأضاف أن الملجأ هو بمثابة الفردوس لكنه يشك في أن الشرطة قادرة على الوصول لاباء معظم الاطفال. وقال "هؤلاء الاطفال لابد أن يحصلوا على تعويضات."وأشار الى أنه وجد طفلا عمره ثلاثة أعوام.

وقال بعض أفراد الطاقم الطبي في المعسكر الصحراوي بمنطقة عسكرية خارج ابوظبي إن معظم الاطفال عانوا كثيرا.

وقالت الممرضة فاطمة هاشم "انهم يكونون عادة في حالة نفسية وبدنية سيئة عندما يأتون أول مرة. بعضهم كان لا يأكل سوى كسرة من الخبز في الافطار أو بعض العدس. تخيل.."

وتابعت أن "البعض كان يحب ركوب الهجن لكن اخرين كانوا يتعرضون للضرب. الان لديهم حياة لطيفة هنا ومعظمهم لا يريد أن يغادر."

وقال سويلم (12 عاما) من السودان إن اصحاب المزرعة التي كان يعمل بها أطعموه جيدا وإنه كان لديه خبرة في امتطاء الهجن لكونه ينحدر من قبيلة الرشيدية السودانية. وأشار الى أن والده هو الذي جلبه الى الامارات قبل ثلاثة أعوام مقابل الف درهم شهريا.

وقال الصبي "كان العمل شاقا لكن والدي قال لي اصبر."