يــوم من الأيــام...اللهم فاشهد

> علي عمر الهيج :

> حالة الحراك التي تجتاح الدول والشعوب، وتحقيق مراحل جديدة من الاستفاقة والنهوض، جاءت نتاجاً لرصانة مثلى في العمل والقرار والتخلص من الاتكالية والتمييع وتجاوز ذلك النمط البليد الذي يتعامل مع قضايا ومصالح الناس بتلكؤ مرير ومماطلات مؤذية.

ذلك الحراك الواسع رسخ بروز الأفكار والأطروحات السلمية الثائرة والخروج عن المألوف والتقليد وإطلاق روح المبادرات ومن ثم اللحاق بالركب ودخول العالم من أوسع أبوابه.

ففي خضم تزاحم العالم وتسابقه بضراوة على التفوق والعمران.. وفي خضم منافسة «العالم النامي» أيضاً ونجاحه المذهل في تحقيق طفرات اقتصادية، أكان ذلك بتفعيل المناطق الحرة العملاقة وتشجيع نظام السوق والاستثمار وتعزيز روافد الدخل القومي، أو إنعاش نسق الحياة وتحقيق رفاهية المواطن ودفن رواسب العقلية الراكدة وتعزيز الديمقراطية ورفع رايات الكلمة والنقد والصحافة وإطلاق الحريات والآراء والاهتمام بقضايا المرأة والطفل والعجزة.

في خضم ذلك الاحتفال البهيج والتصفيق الحار الذي أجراه بعض الأطباء والممرضات في أحد مستشفيات الدول المتطورة بسبب نجاح عملية جراحية لـ «قطة» صغيرة سوداء أحضرتها صاحبتها بسبب تعرضها لحادث سيارة، لتُهيأ لها الرعاية والحفاوة ومعدات العلاج من تخدير وقطن وغطاء ومناشف، ومن ثم إحضار الحليب والموز والكعك والورود لها لتنام معافاة هادئة.. في خضم ذلك الانتصار الساحق لحقوق الانسان والحيوان والبيئة والشجر والحجر، ترى أين نحن من قائمة الانضباط والهدوء المعيشي وثبات «حجم الرغيف»؟ أين نحن من إصلاح سراج «إشارة» السير الخاربة من كل الاتجاهات؟ أين نحن من الخطوط البدائية الأولى لترتيب حياة الناس؟

في خضم كل ذلك أين هي قضيتنا؟ وهل يا ترى هناك قضية حقيقية يبحث ويعالج فيها ذوو الشأن والمصلحون؟ أم أن الأمر لم يتجاوز مسلسلاً روتينياً مملاً يبدأ باعتلاء الكرسي ثم السيارة الفارهة ثم بروتكولات ومؤتمرات ورحلات لإجراء «الفحوصات الطبية والنقاهة» والمحافظة على مستويات الرشاقة؟.. قضيتنا هذه هل تؤرقهم وتحرك بداخلهم إشراقات للعمل والمراجعة أم أنهم تائهون عنا؟

قضيتنا أيها السادة موضوعة على تراب الأرض والوطن.. هي الإجابة عن سؤال طفل حائر يسأل أباه بعفوية مريرة قائلاً: وعدتني يا أبي عند الراتب بشراء كرة لي .. لماذا خلفت وعدك؟

قضيتنا هي أمهات وآباء متقاعدون يتجرعون المرارات والصعاب في رحلات مكوكية شاقة لنيل حفنة من الريالات.. يتساقطون في الأزقة والطرقات بسبب أمراض الضغط والسكر والشيخوخة.

قضيتنا.. ظواهر المرض والفقر والتسول والبطالة وتكوم جموع هائلة من الشباب والشابات مرتكنين في زاوية الإهمال والنسيان.

مصانعنا عاطلة، ومزارعنا قاحلة، ومناطقنا الحرة نائمة وغير فاعلة.

زادت الجراح، وبحت حناجرنا من شدة الصياح، وغاب عنا تفاؤل الصباح.

قضيتنا معركة الحيرة هذه .. فهل تطول؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى