تصريح الرئيس وما يترتب عليه بالتحديد

> الشيخ طارق محمد عبدالله، المحامي:

> هناك ابتهاج من قبل الساسة وأهل الفكر، وهو ما عبر عنه بالتصفيق والهتاف تأييداً لإعلان الرئيس بعدم ترشيح نفسه كرئيس للجمهورية لولاية جديدة.. حيث أظهرت بعض الشوارع عدم الإرتياح لذلك، وأصبح الأغلبية في حالة قلق وتشوش.. فتحت هذه الظروف، كان هناك ما يبرر موقف الجميع.. حيث يجد أهل الفكر عموماً في هذا التصريح خطوة كبيرة إلى الأمام لطرح العملية الديمقراطية من الناحية العملية في وضعها الصحيح.. وإضافة إلى ذلك ينظر الساسة في الحزب الحاكم وخارجه إلى هذا الأمر برضى وارتياح، لأن من شأن ذلك خلق الفرص لهم تجاه تقلد المناصب التي ستترتب على هذا التغيير.. أما بالنسبة لعامة الناس فإنهم يخشون من أن تطبيق الديمقراطية بهذا الصدد في وضع اليمن الحالي وما يترتب عليها من تغيير قد تجعل حياتهم أسوأ مما هي الآن.

وبالنسبة للأغلبية التي في حالة قلق وتشوش، فهي لا تدرك ماهية ذلك.. فهي أشبه بقطيع من الماشية التي قد تتخذ اتجاهات مختلفة وتتبع راعيها على نحو أعمى بحسن نية، وليس أدل على ذلك مما حدث عندما كانت هذه الأغلبية في السعودية أثناء حرب الخليج وعادت إلى اليمن رغم أن ذلك يتنافى مع مصلحتها، أو قد تراقب الأحداث بهدوء وتظل في حالة تشوش ومن ثم ترضخ لهذا الوضع، وتلك هي تركيبة مجتمعنا حالياً.

ومن الناحية القانونية فإن أسلوب التغيير في الدستور اليمني أسلوب بسيط جداً، وقد ورد بوضوح في البند 108 ويقرأ كالتالي:

«يكون الترشيح والانتخاب لرئيس الجمهورية كما يلي:

(أ) تقدم الترشيحات إلى رئيس مجلس النواب.

(ب) يتم فحص الترشيحات للتأكد من انطباق الشروط الدستورية على المرشحين في اجتماع مشترك لهيئتي رئاسة مجلس النواب ومجلس الشورى.

(ج) تعرض أسماء المرشحين الذين تتوفر فيهم الشروط في اجتماع مشترك لمجلسي النواب والشورى للتزكية، ويعتبر مرشحاً لمنصب رئيس الجمهورية من يحصل على تزكية نسبة خمسة في المائة (5%) من مجموع عدد الأعضاء الحاضرين للمجلسين وتكون التزكية بالاقتراع السري المباشر.

(د) يكون الاجتماع المشترك ملزماً أن يزكي لمنصب رئيس الجمهورية ثلاثة أشخاص على الأقل تمهيداً لعرض المرشحين على الشعب في انتخابات تنافسية لا يقل عدد المرشحين فيها عن اثنين.

(هـ) يتم انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب في انتخابات تنافسية.

(و) يعتبر رئيساً للجمهورية من يحصل على الأغلبية المطلقة للذين شاركوا في الانتخابات، وإذا لم يحصل أي من المرشحين على هذه الأغلبية أعيد الانتخاب بنفس الإجراءات السابقة للمرشحين الذين حصلا على أكثر عدد من أصوات الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم.

التطبيق العملي
ومن الناحية العملية وبكل سهولة يمكن الموافقة على ترشيح ثلاثة مرشحين أو أكثر وأيضاً تزكيتهم من خلال اجتماع مشترك لمجلس النواب والشورى.. حيث أن للحزب الأغلبية في المجلسين، وبالتالي سيكون لديه الفرصة المؤكدة لتأييد مرشحه، ومن غير أدنى شك أيضاً سوف يفوز في الانتخابات التي يتنافس فيها كافة المرشحين.. وطبقاً للإحصائيات الحالية وبنية المجتمع كما هي في وضعها الحالي سوف يكون مرشح حزب المؤتمر المختار أياً كان هو الرئيس القادم للبلاد.. وإن شاء الله من المرجح أن يكون هناك نقل هادئ للسلطة، فحينئذ سوف لن يكون لأهل الفكر مبررات للنقد اللاذع، وكذلك بالمثل بالنسبة للساسة خارج الحزب الفائز. وبوجه عام لن تظل الشريحة القلقة من الشعب قلقة ومشوشة بعد ذلك، وسوف تستمر مواشي المجتمع في الانصياع للسلطة الجديدة انطلاقاً من العادة المألوفة.. وسوف تكون الشريحة الأخرى من بنية المجتمع - وهي من تراقب الأحداث بهدوء - مستمرة بدرجة أقل في مجرى حياتها الهادئ مهما كانت الظروف.. وبالتالي سوف يكون للعالم التصفيق والهتاف تأييداً للرئيس واليمن كونها أول دولة عربية بادرت بتحقيق نقل هادئ للسلطة في إطار العملية الديمقراطية.

هل يترتب على هذا النجاح حل للمشاكل؟
تعاني البلاد من مشاكل عديدة، ومع ذلك فهناك مشكلة أساسية واحدة فحسب وهي استياء الناس في بعض المناطق من اليمن - المحافظات الجنوبية بدرجات متفاوتة وبعض المحافظات الشمالية، حيث تتفاوت أسباب هذا الاستياء بين المحافظات الجنوبية والشمالية - ونحن هنا قلقون بشأن المازق المؤسف بالنسبة للمحافظات الجنوبية.. حيث إن الحكم سوف يظل دستوريا وديمقراطيا في أيدي حزب المؤتمر، فإذا استمر المؤتمر في القيادة والحكم بنفس الأسلوب كما كان ومازال يمارسه حالياً، فعندئذ سوف تظل الحالة الراهنة كما هي و من غير فارق، الأمر الذي لن يخدم مصالح المؤتمر في ذاك الوقت، ومن ناحية أخرى فإن الرئيس يتميز بموهبة الفطنة ومقدرة خاصة في أداء العمل والمهمات التي تتطلب اللباقة والبراعة، كما أن لديه الحنكة والخبرة في القيادة، في حين قد لا تكون للرجل الجديد المقدرة على معالجة الأوضاع الحساسة وبالذات الأمور التي تتعلق بالقبائل أسوة بما يقوم به الرئيس حالياً.. ومن المحتمل أن يكون الوضع في حالة أسوأ.

ما ينبغي على الرئيس القيام به
ولأن الرئيس قد قرر عدم الدخول في الدورة الانتخابية القادمة لولاية جديدة، فإنه يتعين عليه الشروع بأسلوب يتسم بعقد النية والتصميم لتهيئة تسليم العملية للرئيس الجديد للاضطلاع بها بحيث تكون أسهل له وكذا للحكومة، وذلك لتسيير دفة أمور البلاد.. ومن البديهي أن يقر المرء وذلك من قبيل الأمور المسلم بها بأن قدرة الحكام الجدد على إدارة بعض المسائل المعقدة المتعددة لن يكون بمثل ما يقوم به الرئيس، حتى وإن كانوا من بين أوساط المجموعات المعروفة، ومن قبيل العزاء والمؤاساة فسوف يكون الرئيس متواجداً لتقديم المشورة وتوجيه الرئيس الجديد.. في هذه الحالة سيكون هو أشبه بالخميني في إيران، بالرغم من أنه ليس من رجال الدين وإنما شخصية عصرية مناسبة لظروفنا.. وأتوقع في تلك الظروف سوف يتمكن الرئيس من إنجاز ماكان ينبغي عليه أن ينجزه ولسبب سياسي فحسب أو آخر لم يقم به، أو إنجاز ما لم يرد إنجازه آنذاك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى