قصة قصيرة بعنوان (ملعون أبو...)

> «الأيام» محمد حسين بيحاني:

> مضت السيارة تجري تهرول مسرعة على الطريق بين منطقتي الشيخ عثمان والمنصورة، وهي تحمل صاحبها الحاج سعد سعد مقبل، المجهد الذهن، بعد أن أخذ عمره يقترب من الستين. كانت وراءه في المقعد الخلفي «رزمة القات المطول» التي اشتراها هذه الظهيرة كعادته طوال السنوات الأخيرة. مسكين هذا السعد سعد مقبل، كما أنه طيب للغاية هذا السعد سعد مقبل! كان قد أجهد ذهنه طوال الطريق وهو يلعن ويشتم «أبو الذي» كان سبباً في تردده وعاداته اليومية على سوق القات في منطقته المنصورة، ويحمل السبب بذلك تارة رؤساءه في العمل، وتارة أخرى جيرانه وزوجته، بل وزملاءه وأصدقاءه أيضاً .. تهادى في السرعة.. يتوقف.. ثم ينطلق مسرعاً.. يلطم خديه.. وكان هذا أقصى ما وصل إليه ذهنياً: «في الحقيقة أن هذا الموضوع هام جداً يا سعد سعد مقبل، وأنت يا سعد سعد مقبل مشارف ومقبل كمان وكمان على الانتهاء من عمر الستين، وهذا الموضوع لا بد وبحاجة إلى دراسة نفسية في الواقع».

ومن هنا ومن هذا المنطلق الذهني المباغت للحاج سعد سعد مقبل في التهادي والتوقف ثم الانطلاق هواء مسرعاً، جاءت الفكرة والخبارة له، فكرة كيف للإنسان أن يتغير. قال بمرح عجيب كعادته والمتزامن مع رياح (الغوبة) والغبار لمنطقتي الشيخ عثمان والمنصورة، المواكبة والمتسارعة منها مع رياحين رياح المتغيرات:

- هذا صحيح.. إن هناك الكثير والكثير، بل آلاف، بل مئات بل عشرات من البشر ذكورا وإناثا من مختلف الجنسيات من مختلف الدنيا، يأتون إلى العيادات النفسية، يعانون اضطرابات ضنك نفسيه.

فجأة وبأقصى الحالة الذهنية اللا إرادية مع النفاد كالعادة للحاج سعد سعد مقبل، ونهاية البداية كالعادة للحاج سعد سعد مقبل للسيارة والهرولة والطريق بين منطقتي الشيخ عثمان والمنصورة كالعادة والرزمة للقات.. فجأة يخفف من سرعة السيارة.. ينظر بلمحة سريعة إلى المرايا الصغيرة التي أمامه وقد أخذت السيارة تقترب من منزله.

قال بمرح: «ولكن يبدو أن الموضوع متشابك»!

توقفت السيارة أمام منزله وأزاح اندهاشه جانباً، مد عينيه بصلف داخل السيارة متناولاً رزمة القات التي كانت وراءه في المقعد الخلفي، ثم انطلق إلى منزله مترجلاً غاضباً وهو يلعن «أبو الذي» كان السبب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى