حكومة ائتلافية

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
في باحات الفضاء السياسي اليمني لا بد من رصد حالات قياسية للتأسيس لقادم نتوخاه، يكون مغايراً لا بالانفصال عن واقعه، وإنما بالاقتدار على هذا الواقع زحزحةً وتغييراً بأدوات إرادوية وطنية جديدة في الخطاب والممارسة، تستنهض قدرات كامنة في الأمة أصابها التهميش جراء السياسات المتعاقبة. أما الحالات القياسية المرجوة للتأسيس لسياسي قادم ففي مقدمتها: رصد حالة الجماهير على مختلف نوازعها السياسية ومواقعها الاجتماعية لنصل إلى قراءة تفنيدية لحال الرضا من عدمه، الرسوخ في الثقة من انتفائها لديها مع السياسة الحكومية، موصولاً بحال الشارع اليمني يوم أفصحت الحكومة عن بعض إصلاحاتها المفترضة وردة الفعل التي تجاوزت توقعات الكثيرين. ومن هذه الخاصية قد نكتشف أن وفاض الحكومة خال تماماً من جديد يستهوي الحاجات الجماهيرية الملحة (ولا أقول المزاج الجماهيري) بعد فشل مشروعات الإصلاح الإداري والاقتصادي طوال السنوات الماضية، إلا أن تأتي حكومة الأخ عبدالقادر باجمال بمعجزة تعينها على شل يد المفسدين الكبار من الداخل الإداري والمالي والحكومي وخارجه، لتحظى بمصداقية جماهيرية عند حديثها عن الإصلاح، وتوائم بين مطالب البنك الدولي وحالة السكان الذين تعدى نصفهم خط الفقر (بمعنى أنهم لم يعودوا فقراء والحمد لله، بل هم في مرتبة دون الفقر والعياذ بالله).

والحالة الثانية التي نحن بصدد رصدها ونزعم أنها أحق بالرصد والتوقف للتأسيس منها لقادم نرجوه ونتوخاه، فهي تصطبغ بصبغة ثنائية تجمع في طرفيها (المفترضين) الحكم والمعارضة معاً، بقراءة المفردات الجديدة في فلسفة الحكم كما وردت في الرغبة الرئاسية المفصح عنها في خطاب فخامة الأخ الرئيس عدم الترشح لدورة رئاسية ثانية، وبالمرور دون اكتراث على مباخر ملكيين أكثر من الملك أو مظاهر الحب الذي تفصح عنه دموع التماسيح، إلى ما هو ثابت في فكر الرجل تأصيلاً لنهج في الديمقراطية يضعه تاريخياً في مصاف أعلى من مجرد رئيس تزول فترته مهما طالت إما بالموت أو بالانقلاب، إلى رئيس أرسى فكره السياسي للأجيال في حاضنة ديمقراطية لا يمسّها الأذى من خلاف ومن رؤية ثاقبة للتبدلات الكونية وتفاعل الخاص في العام واستباقه المسنود على الخبرة والتجربة لحوادث السنين. أما الطرف الآخر (المفترض) في الثنائية، وهو المعارضة فليس أجدى من أن تُسرّع خطى الديمقراطية الداخلية في أحزابها، مع تحديث الخطاب السياسي الموجه إلى الحكم أو الجماهير يستوعب فصولاً جديدة من التشارك في إيجاد حلول وطنية للواقع اليمني، واستنهاض القوى الاجتماعية والسياسية للتفاعل إيجاباً مع مبادرة فخامة الأخ الرئيس برؤى تستقرئ المستقبل ومتطلبات التغيير المرتقب لصالح المواطنين (ليس كل تغيير لصالح الجماهير)، ولعلني أرقب بعين الرضا نتائج المؤتمر العام الخامس للحزب الاشتراكي اليمني ووصول الأخ د. ياسين سعيد نعمان إلى أمانة الحزب، دون أن يعني ذلك غض ذات العين عن بقية القوى السياسية الحزبية عن التشارك في ذات الأهداف المستقبلية المطلوبة (الآن) بإلحاح للوصول إلى شراكة سياسية حقة بين الجميع، بما في ذلك قوى المجتمع المدنية والأهلية والصف العريض من الكفاءات والقدرات ممن لا تضمهم قوائم الأحزاب.

إن فعلاً سياسياً منسقاً ومنظماً يستوعب مهام اليوم ويؤسس للغد عليه أن يبدأ الآن منبثقاً من إرادات حرة داخل السلطة وخارجها، وقد يكون ملائماً الاستعانة بحكومة وطنية ائتلافية تمهد الطريق لفصل آخر من فصول الديمقراطية والإصلاح الحقيقي في اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى