مع الأيام...لا تفرغوا الإصلاحات من محتواها

> محفوظ سالم شماخ:

> ليس هناك ما هو أشد ضرراً على الأوطان من اختلاف وتعدد حكامها.. ولا من تكالب المسؤولين وأصحاب الثراء على مصالحهم الخاصة.. ولا من تنازع الاختصاصات أو عدم الإلمام بها والتقيد بها كل في موضعه.. ولا من تعدد وتنوع مراكز القوى المتهافتة على تقاسم الغنيمة حتى أنها أصبحت مافيات لها نظامها وأربابها.. ولا من مواطنين لم يصلوا بعد إلى مستوى الشعوب بل مازالوا خلقاً من خلق الله في نظر حكامهم.

في خضم هذا البحر اللجّي يحاول البعض رفع شعار الإصلاحات الإدارية والمالية ووضع البلد على أول طريق التنمية واللحاق بقطار الدول النامية على الأقل .. فماذا حصل؟

تجرعنا جميعاً جرعات معالجات أظهرت النتائج بأنها أشد وطأ وألماً بل وضرراً من الداء نفسه .. لماذا؟ لأن الكثير ممن أنيط بهم وضع القوانين وإجراءات التنفيذ انطلقوا من مفاهيم ترسخت في عقولهم كلها مغلوطة، وانهارت كل الدول التي اتبعتها، أو أنهم جهلة تربعوا على كراسي الحكم بالوساطة والمحسوبية وليس بالكفاءة، لذا فإن مراكز القوى تجاذبت تلك القرارات والقوانين فأفرغتها من محتواها.

وهكذا نجد أن الأوطان بأمثال هؤلاء توضع في مهب الرياح تتناوشها يمنة ويسرة، وكلما رفع شعار إصلاح ما نجد أنه يتدحرج من سيئ إلى أسوأ.. علاوة على ذلك فإن كل الإصلاحات لم يسبقها تطهير شامل للعناصر الموبوءة، إذ لا يمكن أن تتم معالجات إصلاحية تصب في أوعية غير صالحة .. وهذا ما لم يحصل.. إذن ما المخرج؟ قد يكون المخرج في انتهاج سياسة واضحة شاملة ترتكز على:

1- توحيد السلطة. 2- وضع ضوابط لصيغة الأوامر ومن يصدرها ومن ثم متابعة تنفيذها. 3- التوصيف الوظيفي الدقيق.

وقبل هذا وذاك غربلة الكوادر لا من حيث الشكليات (سنة التقاعد - أحد الأجلين- الإعجاب من عدمه) بل لا بد من أخذ الكفاءة العلمية والعملية بالدرجة الأولى .. ثم بعد ذلك وهو المهم أن نختط لأنفسنا سياسة واضحة في كل مناحي حياتنا، إذ أن لكل سياسة أسساً وضوابط وقواعد ترتكز عليها، وعلينا أن نتبع تلك الأسس بدلاً من أن نتخبط بين مختلف السياسات بل واللا سياسات فنتوه ونتوه.

إن الأمر جد .. ولم يعد في الليل طويل مسمر.. ولا جديد تحت الشمس فالعواقب التي تعرضت لها أمم قبلنا لن نفلت منها إن نحن سلكنا سلوكها نفسه. والله الموفق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى