سالم علي حجيري..شاعر كبير في تجربة ابداعية قصيرة

> «الأيام» عبدالرحمن ابراهيم:

> هذه مقدمة للمجموعة الشعرية الثانية الموسومة «ودّ مفقود» للشاعر الرقيق الشهيد سالم علي حجيري، أكتبها حباً ووفاء لما قدمه من قصائد ونصوص شعرية أثارت الإعجاب واشتهر بها كما اشتهر عدد من المطربين من خلالها.

وفي الحق أن سالم حجيري شاعر متمكن ومتميز، إنه شاعر رغم تجربته القصيرة التي كنا نتمنى أن تطول، ويطول عمره ليقدم المزيد من الإبداع الشعري الجميل، لكنه غادر الحياة وهو في عز تألقه الشعري نتيجة الصراع القبلي المتخلف، ولكن هذا قدره وهذه إرادة الله عز وجل فلا اعتراض عليها. وشاعرنا حجيري يمتاز بحذاقة في أدواته الشعرية، فهو شاعر جاد، حاول على مدار تجربته أن ينمي ملكاته، ويرتفع بقدارته في زمن قياسي عبر القراءة المستمرة والانفتاح على تجارب سابقيه ومن الطبيعي أن تكبر موهبته، ويصبح من أعلام الشعر العامي والغنائي في اليمن، وخير دليل مجموعته الأولى« قد نلتقي بكره وقد لا نلتقي» التي تنم قصائدها عن تطور رفيع في عالم النص الغنائي وحساسية عميقة:

ياللذي في الحُسن آيه

فيك للهاوي هوايه

ولهذا القلب غايه

يا ترى كيف النهايه

بالرضى كانت بداية حبنا

وبلا ميعاد يجمع بيننا

وعرفتك وابتدت أفراحنا

وانت أدرى بالحكاية

يا ترى كيف النهاية
يعجبني أن شاعرنا سالم حجيري - رحمه الله - يوظف بحوراً ذات صخب نغمي تصلح للغناء وتسهل للمطربين عملية تلحين النصوص دون تعب، فهي القلب والوجدان على الرغم من طبيعة نفسيته الهادئة.

ولعل أكثر البحور الشعرية دوراناً واستخداماً هي: الرمل، الهزج، الرجز وهي من أكثر البحور التي يوظفها شعراء النص الغنائي يمنياً وعربياً.. وإذا كانت قصائد المجموعة الأولى «قد نلتقي بكره وقد لا نلتقي» تتميز بأدائية عالية على المستوى الفني، فإن مجموعته الثانية- في بعض قصائدها - أقل توهجاً، على أن ذلك لا يعيب المجموعة ولا يعني التقليل من قصائدها أقصد قصائد «ود مفقود» ففي هذه المجموعة هناك قصائد لا تقل ألقاً وتوهجاً:

عبر الأسلاك دائماً ألقاك

واعيش أحيا على ذكراك

أفلا تدري ياللذي أهواك

بأني أنا مشتاق إلى رؤياك

وأسأل نفسي أغداً ألقاك؟

أجميل وجهك أم صوتك الأجمل؟

لا تستغرب أنني أسال

وخيالي عاجز ماذا أفعل

اتراك تحدد ما هو الأفضل

ام تلك طريقتك مع أسراك

معجب قلت بأنك معجب

والمعجب من يراعي من حب

فلم تتركني أنحب او استناك

عبر الأسلاك
من يتابع تجربة الشاعر سالم حجيري الذي فقدناه صديقاً وفقدته حركة الشعرية الغنائية العامة .. أنه كان يكبر في نفوسنا كما كان يكبر ويتطور في شعره، وكان يتمتع بحب أصدقائه ويتواضع فهو كإنسان لا يعرف الكبر والتعالي على الآخرين، إنه كالشجرة المثمرة دائماً ما تكون أغصانها منحنية.

وكم كنت سعيداً كثيراً وأنا أتابع وثباته الشعرية وتطوره الإيجابي منذ فواتح السبعينات، وحينها كنت طالباً في المرحلة الثانوية واليوم أجدني أسعد حين طلب ابنه الشاعر جمال أن أكتب مقدمة مجموعته الثانية «ود مفقود» وأعتقد أن الشاعر جمال لو استبدل بعنوان المجموعة عنوانا أكثر إثارة، فمثلاً لو اختار عنوان نص القصيدة الرائجة أو الشهيرة «غلط بدينا غلط» فهي ذات انتشار واسع أكثر من

غير قصائد المجموعة الأخرى، وظلت تردد كثيراً على المستوى الشعبي لأنها مغناة من قبل الفنان فيصل علوي .. هذا مجرد رأي ليس إلا.

يقول الشاعر سالم حجيري في قصيدة ذائعة الصيت «غلط بدينا غلط وانتهينا غلط

كنت احسبه يمزح

وظنيته صفط

مديت له يدي

وفي غفلة ربط

وشفت في وجهه

علامات انبسط

وقبل ماقله

على نفسه شرط

وقا ل لي إنته

لآمالي محط

وبك وضعت الحرف

من تحت النقط

وهرج ما أحلاه

من هذا النمط

ودق لي صدره

وشل نفسه وحط

وهمت به وحده

وبه وحدي فقط

وفيت له وحدي

وما ظنيت قط

لكن مع الأيام

من عيني سقط

غلط بدينا غلط
هنا أجدني أكرر رأيي بأن يكون عنوان هذه القصيدة التي تتسم بألفاظ بسيطة، معبرة في جملها وتعابيرها الشعرية التي تجسد معاناة الشاعر وتجربته الحيوية، وتعكس قدرته وحنكة أدائه على توظيف السهل دون أن يسقط في الإسفاف والركاكة العجة.. أخيراً لا يسعني، هنا إلا أن أترحم للشاعر الشهيد سالم علي حجيري، وندعو له بأن يسكنه الله جلت قدرته أوسع جنانه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى