مع القرآن

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> يقول الله جل وعلا في الآية 155 من سورة الأنعام {هذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم تُرحمون} لقد وصف الله كتابه الحبيب القرآن بأنه (مبارك) وأمرنا باتباعه واقتفاء أحكامه، وإقامة أركانه وعمارة بنيانه، ثم قال {واتقوا} ولم يبين (المفعول به) لكن السياق دال عليه ومشير إليه أي: اتقوا الله الذي أنزله، واتقوا الظلم واتقوا البغي، واتقوا الفساد والشح والطغيان والأنانية.. اتقوا كل شيء يكون حجاباً حاجزاً بينكم وبين هذا الكتاب المبارك .. ثم قال {لعلكم ترحمون} إذ ببركة هذا الكتاب واتباعه وببركة التقوى ستنالون الرحمة الإلهية الشاملة التي قال عنها الله: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون} الأعراف 156 . يقول الراغب الأصفهاني في كتابه المفردات في غريب القرآن صفحة 44: «البركة هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء وسمي بذلك لثبوت الخير فيه، ثبوت الماء في البركة (بكسر الباء وتسكين الراء) والمبارك ما فيه ذلك الخير، على ذلك {هذا ذكر مبارك أنزلناه} الأنبياء 50، تنبيهاً على ما يفيض في القرآن من الخيرات الإلهية..

والملاحظ أن الآيات التي وصفت القرآن بأنه (مبارك) جاءت على النحو التالي: أولاً: الآية 155 من سورة الأنعام التي افتتحنا بها المقال.. ثانياً: الآية 92 من سورة الانعام أيضاً وهي {وهذا كتاب أنزلناه مبارك مُصدِّق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون} ثالثاً: الآية 29 من سورة (ص) وهي {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبّروا آياته وليتذكر أولو الألباب} رابعاً: الآية 50 من سورة الأنبياء التي ذكرها الراغب الأصفهاني سابقاً. ونلاحظ أيضاً أن هناك تداخلاً وتكاملاً في معاني ومدلولات البركة مرتبطة مع (أم القرى: مكة) بصفتها قبلة الصلاة وفيها البيت الأول الذي وضع للناس {مباركاً وهدى للعالمين} آل عمران 96 وليكون هذا البيت {مثابة للناس وأمناً} البقرة 125 لكل الذين {هم على صلاتهم يحافظون} الأنعام 92 . ولأننا في شهر القرآن شهر الصلوات والقيام نحتاج إلى الاستفادة من بركات العبادات من خلال الاستزادة من قراءة القرآن بتدبر وتفكر وعمق وإخبات ويقين وبواسطة الاستمداد من الصلاة التي هي الفرق بين المؤمن والكافر والتي يجب المحافظة عليها في رمضان وغير رمضان، لأن من قام رمضان بالصلاة إيماناً واحتساباً غفر الله ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه.. وهذه بركات رمضان الذي أنزل فيه الكتاب المبارك القرآن.. يقول د. صلاح عبدالفتاح الخالدي في كتابه (تصويبات في فهم بعض الآيات) صفحة 12: «فالقرآن كتاب مبارك والبركة هي النماء والزيادة وبركة القرآن شاملة لكل الجوانب والمجالات، فهو مبارك في مصدره وفي حامله وفي من نزل عليه ومبارك في مهمته ورسالته ووظيفته ومبارك في حجمه، وفي معانيه ودلالاته وفي علومه ومعارفه، مبارك بركة دائمة شاملة حتى قيام الساعة». اللهم اجعل هذا الشهر المبارك شاهداً لنا لا شاهداً علينا، واجعل هذا القرآن المبارك شاهداً لنا لا شاهداًَ علينا واجعله قائدنا إلى الجنة، ولا تجعله سائقاً لنا إلى النار، واحشرنا إلى جنات تجري من تحتها الأنهار، مع النبي المختار وآله الأطهار وأصحابه الأخيار، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى