مشاكل دفع الزكاة والضرائب تحتاج لحلول جذرية

> عدنان غالب العامري:

> لمصلحة من نترك المواطن عرضة للابتزاز من قبل موظفي الزكاة والضرائب؟ هناك توجيهات عليا من الرئاسة ورئاسة الوزراء ورئاسة مصلحة الضرائب توضح الاجراءات التي يجب اتباعها من قبل مكاتب الواجبات والضرائب عند تحصيل مستحقات الدولة من الايرادات الزكوية المختلفة وإيرادات الضرائب عن الانشطة التجارية والضرائب العقارية وتقتضي هذه التوجيهات العليا بهذا الخصوص تحصيل هذه الايرادات المربوطة على المكلفين على غرار العام السابق بموجب السندات الرسمية المحفوظة طرف هذه الجهات والموجودة بحوزة المكلفين مضافا اليها ما نسبته 10% تنمية ايرادات.

وحددت اجراءات دفع واستلام هذه الايرادات بعدة طرق: إما عن طريق المكاتب الفرعية للواجبات والضرائب بمراكز المحافظات ومراكز المديريات أو عن طريق البنك اليمني للانشاء والتعمير او عن طريق مكاتب البريد، وتم اصدار هذه التوجهيات واتباع هذه الاجراءات لإبعاد المكلفين عن اساليب الابتزاز التي كانوا يلاقونها في السابق من قبل جباة الزكاة والضرائب. الى هنا والامر سليم وممتاز ولكن نسأل انفسنا هل تحقق الغرض المنشود من هذه التوجيهات وبهذه الاجراءات؟ للاجابة على ذلك نقول لا فالمكلفون بدفع هذه المستحقات مازالوا يجدون عراقيل كثيرة ويخضعون لاساليب ابتزازية مختلفة.. كيف يحدث ذلك؟

أولا : لتطبيق ما سبق الاشارة إليه يفترض ان يسبقه توعية مجتمعية وبصورة مستمرة اسبوعية أو شهرية وبمختلف وسائل التوعية الموجودة داخل المجتمع أهمها التلفزيون والاذاعة ثم الصحافة المقروءة وصولا الى التوعية الجماهيرية والشعبية في مراكز المحافظات ومراكز المديريات وفي الدوائر الانتخابية والاسواق.

فأغلب الناس مازالوا يجهلون هذا الأمر وموظفو الجباية للزكاة والضرائب يتعاملون مع المكلفين على اساس العلم المسبق بأن اكثر المكلفين لا يدركون شيئا من هذه التوجيهات والاجراءات المطلوب اتخاذها تجاههم.

وهنا يتضح بجلاء أن التقصير المتعمد في عدم توعية الناس من المكلفين في دفع الزكاة والضريبة يخلق مشكلة كبرى امامهم ويجعلهم عرضة للابتزاز من قبل اصحاب الضمائر الميتة من المفسدين بمكاتب الواجبات والضرائب،حتى وان وجد هناك بصيص من الامل أو نية في اصلاح هذا الوضع فالتعتيم على الآخرين وعدم ايجاد التوعية اللازمة عند المكلفين تفسد هذه النية ويبقى الوضع على ما هو عليه.

ثانيا : وجود ثغرات في القوانين المنظمة لهذه العملية

عدم توعية المكلفين بالقوانين التي تلزمهم بدفع هذه التوجيهات وكذلك عدم توعيتهم بالطرق التي يجب ان يسلكوها لسداد ما عليهم من زكاة وضرائب وكذلك عدم توعيتهم بالمستندات التي يجب ان يحصلوا عليها بعد السداد وتخلى مسؤوليتهم بعد ذلك من أي مطالبات أخرى لهذه الجهات. وجهل هؤلاء المكلفين بهذه الامور يجعلهم يقعون في مطبات ومزالق سبق نصبها كشراك لهؤلاء من قبل موظفي الجباية في الواجبات والضرائب، ومن خلال هذه الثغرات القانونية يستطيع موظفو الجباية إلزام المكلفين بدفع المعتاد والمعلوم دون نقص عن السنوات السابقة.

تاجر بالسوق رأس ماله الحقيقي الذي يزاول بموجبه نشاطه التجاري ثلاثون مليون ريال وبهذا المبلغ يستطيع ان يستدين عليه ثلاثين مليوناً في اطار حركة نشاطه التجاري المتعارف عليه المتمثل في الدائنين والمدينين وفي نهاية العام المالي يقوم هذا التاجر بعمل الحساب الختامي ليعرف ماذا حقق خلال سنة كاملة من العمل المتواصل، فاذا كانت النتيجة النهائية بأن مجمل ربحه بلغ عشرة مليون ريال وخصم كل المصاريف المتعلقة بنشاطه التجاري وكل ما يجب تنزيله من هذا المبلغ ليبقى الصافي الخاضع للضريبة مبلغ ستة مليون ريال وإذا عملنا حسبة دقيقة لما يجب على هذا التاجر أن يدفعه كزكاة وضرائب تكون النتيجة كالتالي :

الزكاة بواقع 5.2 % = رأس المال 30 مليون + 6 مليون صافي ربح = 36 مليون

مقدار الزكاة = 36.000.000*2.5 / 100 = 9.00.000 ريال.

بواقع خمسة وعشرون ألفاً عن كل مليون.

الضرائب على صافي الربح = 6.000.000*15 / 100 = 900.000 بواقع مائة وخمسين الف ريال عن كل مليون، لكن في الواقع هذا التاجر يدفع ثلاثين ألفاً بسند زكاة وفوقها سبعون الفاً حق ابن هادي.

ويدفع خمسة وعشرين ألف ريال بسند ضرائب وفوقه خمسون الفاً حق ابن هادي أو المعلوم كما هو متعارف على تسميته.

ومحصلو الزكاة ومقدرو الضرائب بعد هذا لن يحرموا من زكاة رمضان وإكرامية العيد والجعالة للجهال والهدية المخصومة من عطر وثوب ابيض وشماغ اصلي وصندل او جزمة من الجلد الخالص.

وبالرغم من معرفة هؤلاء الجباة برأسمال هذا التاجر وحجم نشاطه ومبيعاته ومجمل وصافي ربحه، إلا ان هذه الامور لا تهمهم في شيء ولا يضعون ادنى حساب لما سيذهب إلى خزينة الدولة كبر او صغر ولن يستطيع احد محاسبتهم على هذا التقصير لامتلاكهم حججاً وثغرات في القانون يدافعون بها عن أنفسهم بالنسبة للزكاة يفيد محصلوها بأن هذا التاجر حلف يمينا وحدد رأسماله بمبلغ مليون ومائتين ريال وحصلنا منه على ثلاثين الف ريال وبالنسبة للضرائب لا يوجد لديه حسابات منتظمة وبالكاد قدرنا على تحصيل هذا المبلغ.

وفي ظل التوجيهات والاجراءات التي سبق ذكرها في بداية هذا الموضوع هل يستطيع هذا التاجر أن يسدد ما عليه من زكاة او ضرائب عن طريق البنك اليمني او عن طريق البريد بعد اضافة 10% الى ما سبق ربطه عليه من زكاة وضرائب؟ لن يستطيع القيام بذلك لسببين!

الأول أن هذا التاجر احتال على الدولة ورشى موظفيها واستطاع ان يفرض شروطه لتحديد الربط الواجب عليه كزكاة وضرائب وموظفو الجباية يدركون حجم رأس ماله ونشاطه التجاري.

في هذه الحالة فهم يهددونه بمقدرتهم على اعادة تقدير هذا الربط ورفعه الى عشرة اضعاف، والقانون في هذا الامر في صفهم والمسألة بسيطة إذا استدعى الامر لذلك ولن يتطلب تحقيق مثل هذا سوى ارسال موظف آخر من الواجبات او الضرائب بدلا عن المقدر للربط الاول وسوف يتحججون بأن الموظف السابق قد اقدم على عملية تضليل لهذه الجهات في تقديراته السابقة وسوف تتخذ الاجراءات القانونية الصارمة ضده وهات يا زبيج وكذب وتهديد .

ومن اجل تفادي هذا الامر يقوم التاجر بدفع المعتاد مثل كل سنة دون نقص وهذه المسألة تعد ثغرة قانونية ينفذ من خلالها هؤلاء المفسدون حيث لا يوجد سند قانوني يقف في صف هذا التاجر ويجعل الربط السابق المقدر لسداد الزكاة او الضرائب ربطا نهائيا غير قابل لمضاعفته عدة مرات حتى ولو تم الاكتشاف لاحقا بأن الموظف المسؤول عن تقدير هذا الربط قد ارتشى من هذا التاجر وضلل الجهات المسؤولة عن ايرادات الدولة عند تقدير الربط.

اما السبب الثاني الذي يجعل هذا التاجر عاجزا عن تخطي موظفي الواجبات والضرائب عند سداد الضريبة والزكاة الى البنك او البريد لوجود ثغرة أخرى بيد موظفي الجباية وتتمثل في عدم اعطاء هذا التاجر المستندات النهائية لسداد ما عليه من مستحقات للدولة، رغم انه قد سدد المبلغ المربوط عليه، فموظفو هذه الجهات يتحايلون على ها التاجر فنجده مثلا مسدد ما عليه لمدة اربع سنوات مضت ولكن المستندات التي بيده لهذا السداد تفيد بأن المذكور سدد جزءا من المستحقات التي عليه وهو في الواقع مسدد بكامل الربط الذي عليه وليس هناك اي متأخرات عليه، ولكن هناك وثيقة مستندية اخيرة تعطى للدافع تفيد باخلاء طرف هذا المكلف من اي مستحقات أخرى وهذه الوثيقة لا يتم إعطاءها لمسدد الزكاة والضرائب اذا كان لا يعرف بهذا الامر. ولعدم وجود هذه الوثيقة بيد المكلف يقوم موظفو الجباية باستخدام هذه الثغرة لاسلوب للابتزاز وتهديد المكلف بانه سيتعرض للمحاسبة من جديد عن السنوات السابقة، وسوف يقوم بدفع كل الفوارق عند تعديل الربط عليه الى مبالغ مرتفعة وقد يكون التقدير الجديد لما يجب ان يدفعه يعادل خمسة اضعاف اوعشرة اضعاف للربط السابق، ولهذا نجد هذا التاجر عندما يعرف بهذه الامور ينقاد لمطالب موظفي الجباية ويدفع لهم المعلوم مثل كل سنة لان امتناعه عن عدم الدفع سيعرضه لفتح ملفه من جديد وبالتالي تقدير الربط الواجب عليه والذي سوف يخضع لامزجة وتخمينات موظفي الجباية.

ولمعالجة هذه الاشكالية يجب ان يكون هناك نص قانوني يفيد بأن المكلف اذا قام بسداد الربط المقدر عليه بالكامل من زكاة او ضرائب فيعتبر هذا المكلف قد سدد ما عليه من مستحقات للدولة ويخل« طرفه بموجب المستندات التي اعطيت له سواء كانت نهائية أو غير نهائية ولا يحق لجهات الجباية بعد ذلك مطالبته بتعديل ما سبق ربطه عليه من زكاة او ضرائب خلال سنوات مضت.. ونحن لا ندافع عن مثل هذه النوعيات من التجار والمكلفين ولكن هناك نوعيات أخرى تستحق الوقوف بجانبها، وتعاملاتها في هذا الجانب سليمة جدا، وهي التي تقع فريسة للابتزاز والسلب من قبل جباة الواجبات والضرائب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى