إنهم ينحرون القلم

> غسان سالم عبدون:

> لم نعد نقوى على الصمت .. انهزمت في دواخلنا (التي نحسب أنها منيعة محصنة) قوى (السكوت لغة) وجيوش (دعمهم وما يكتبون)! هزيمة ساحقة .. ماحقة .. نعم .. لكن أمام من ؟ أمام ضجيج التمادي في الانحراف برسالة الكلمة .. أمام فوضى الخروج بأمانة القلم إلى مهالك الضياع ومهاوي التمرد وقاع الزيف !!

كنا ومازلنا وسنظل - مادام في العمر بقية وفي المجال متسع- ننادي بأعلى أصواتنا وبقنينة مدادنا وورق ترجماننا: نعم لحرية الصحافة .. أجل لتوسيع فضاءاتها .. نرفض التضييق والاستهداف بمختلف أطيافه لرفقاء الكلمة وزملاء الحرف المناضلين في جبهة الانتصار للديمقراطية وحرية الرأي وترسيخ دعمائمها.

كلنا ندعي وصلا بليلى .. كلنا نحتمي بمتاريس الحق القانوني والملك الدستوري المكفول .. كلنا (معشر الصحفيين والكتاب) يصر الواحد فينا على أنه المقتفي خطى قيم الرسالة الصحفية مهما تعددت الأفكار وتنوعت الآراء وتباينت الأهداف وطرائق الطرح وهوية المادة!

لكن هل هذا (الكل) يصل حقا بشرف المهنة وثوابت الأمة وسلامة المبتغى؟! ذلك (الكل) هل حقا يسهم بفعالية في تجذير السلوك الحر ويسكب (أحباره) على بياض القضية العادلة والمرام النبيل والمصلحة العامة؟ ثم هل وجّه (قاذفات) نقده وطرحه صوب المكان المناسب الاعتمال الملائم لينتصر لرسالته ووطنه الذي نكافح جميعا وننافح لتطهيره من دنس الفساد والمفسدين وتحريره من أغلال مرحلة المعيشة الصعبة والانطلاق به من التجربة الديمقراطية الناشئة إلى نظام حياة نتشمم عبيرها ونستبق به غيرنا من البلدان؟!!

الواقع إن ثمة صيغة (توحدية) شافية لكل ما سلف مفادها: نعم، الغالبية من أرباب القلم والورقة وقبلهما الطرح والفكرة تسلك المعبر الصحيح المؤدي إلى ضفاف العناق المنشود بين ألم الأمل وحرارة التجسيد على الواقع والترجمة بلغة الممارسة .

لكن (القلة) منهم يأبون الا نحر رقاب أقلامهم (بمديات) المحرك النرجسي أو المناطقي أو الحزبي .. أبوا إلا أن يذبحوا نحور رسالتهم الصحفية والإعلامية بسكاكين الحقد الدفين واستعداء العمل الناجح ومن صنعوه وفي هكذا حال يستوجب الوقوف ويستلزم الاصطفاف لتضميد جراح هؤلاء بمشارط النصيحة والتبيين و(إبر) الإرشاد والتفنيد لما وقعوا فيه من خطأ فادح يمس أفراد الأسرة الصحفية كافة ومسار التجربة الناشئة وثوابت الوطن الواضحة، هذا إن أرادوا أن تخضع عقولهم وأبصارهم للعلاج .. أما وإن واصلوا مسلسل الانحراف والمبالغة والأحقاد وتضييع الحقيقة في (جُب) التجاهل والكبرياء (الأعمى) الذي يدفع بصاحبه إلى مزالق الاستقواء بالخارج .. فإيقاف عجلتهم يعد هدفا عظيما لكل من ينتمي إلى هذا الوطن وبالوسائل القانونية المشروعة طبعا وليس بالتسرع في توزيع صكوك الخيانة والانفصالية والعمالة.

ما الذي نريد أن نقوله؟ باختصار نود أولا أن لا يفهمنا البعض بأننا من أنصار تكميم الأفواه وستر عورات الفساد وجحور المفسدين وتضييق الخناق على حملة الأقلام ومنابر الإعلام .. لا بالعكس نحن أول من يجرم ذلك الفعل الأخرق .. بيد أننا في الوقت نفسه أول من يعادي متعسفي الحقائق ودخلاء المهنة الذين حولوها إلى ميدان ابتزاز واسترزاق ودونية، بعيدا عن الأمانة والموضوعية والدقة والصدق.

هذا الحال يدفعنا إلى ضرب أكف الأسف، وما يعمق الحسرة والأسى أن يصبح أولئك (النفر) وتلك المنابر التي حولها إلى حلبات تتصارع فيها أهواء الذات ونزوات التعصب ومطامع الكسب غير المشروع .. لتسقط الحقيقة صريعة مضرجة بدماء الإدانة وضحك الشر (المبكي)! هم من تسمع (جعجعاتهم) وتزدهر تجارتهم بالمهنة هذه الأيام!!

ويبقى من القول المنصف أن ندعوهم إلى مطالعة صفحات كتاب تجربة وحياة أحد منابر إعلامنا المحلي، وهي هذه الصحيفة (الأهلية) الغراء .. التي تجبر القارئ والمتابع المتحفظ وبقناعة ذاتية على تحية مؤسسها وعميدها المغفور له بإذن الله تعالى الوالد الأستاذ محمد علي باشراحيل ونجليه الوفيين هشام وتمام، اللذين يمضيان بـ «الأيام» نحو مرافئ النجاح وشطآن الإعجاب على سفينة ثوابت المهنة ونصرة الحق وموضوعية التناول والنقد المبني على أسس الأدلة والإقناع وإتاحة الفرصة للمادة المكتوبة، بعيدا عن الأسماء والأعمار، وتحملها الشجاع تبعات هذا النهج الرصين.

أقول قولي هذا .. بصدق ونقاء خال من شوائب المجاملة وأدران المغالطة و(كدر) المزايدة!!

والله نسأل الهداية لنا جميعاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى