الجور الذي يتمنطق في قصة (الشهيد باطلي عبدالحق)

> «الأيام» مازن سالم صالح:

> الإهداء: إلى روح الفقيد محسن علي صالح المرقشي..باطلي عبدالحق الشهيد الحي.. او الحي الشهيد من أصحاب المآثر البطولية في تمجيد الذات في القصص الحياتية أو قصص الواقع كما يسميها النقاد وفقاً للاتجاه التكاملي في النقد الأدبي، الذي ينظر إلى العمل الأدبي - أي عمل أدبي كان - بوصفه ظاهرة حضارية فنية ووسيلة جمالية يفصح بها الأديب عما يشغله.. ويشغل بيئته من قضايا مجتمعية ومواقف حياتية على كافة الصعد.

وقد استخدم القاص د. عيدروس نصر ناصر، كاتب هذه القصة، الدلالة الجمالية لعكس القيم الأخلاقية والاجتماعية المتردية في المجتمع واستعان بشخوص رمزية لتشكيل بنية النص السردية لهذه القصة.. أو المادة البنائية بحسب التعبيرات النقدية.

وتأتي معطيات النص سريعة متتابعة.. تشد القارئ وتجذبه في تواصل حميم.. حيث الحدث سريع والمشهد كذلك.

«خذ هه .. كمل الاجراءات .. بس بسرعة فأنا مستعجل جداً.

أحس الموظف سعيد الفالح بشيء من الاستياء جراء هذا التصرف المتعجرف والعنجهية الواضحة من قبل صاحب الملف (باطلي عبدالحق)».

ونلمس هنا التركيب الرمزي في ثنايا السرد.. بملامح تجيز التبدي والظهور، وتمتنع عن المواربة كما في شخصيتي النص الرئيسيتين، والأخيرة هي عنوان هذه القصة.

في حين تتوالى المفردات ذاتها بجملها الفعلية ولزومياتها السردية بين الشخصيتين المحوريتين في هذا النص.. وهما سعيد الفالح الموظف المختص بدائرة رعاية أسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية.. و(باطلي عبدالحق) صاحب ملف (المعاملة) لدى هذه الدائرة.

«تناول الأستاذ سعيد الملف وسط همهمة وهمس من المنتظرين الذين لم يتردد بعضهم من الجهر بتضايقه من تصرف الرجل صاحب الملف والمطالبة بالالتزام بالدور.

لكن صاحب الملف نهرهم بغرور وعنجهية واضحين:

- قلنا اهجعوا.. اهجعوا يا خضعان!»..

طبقاً للملاحظات المتجلية من الحدث الدرامي.. كما هو واقعاً وليس تخيلاً: يفضي السرد إلى نهاية حتمية كما هي في الحياة اليومية للمجتمع بأن يترك سعيد الفالح مقر عمله والدائرة كلها.. بعد تقديمه الاستقالة الكتابية لأنه لم يكن فالحاً في الأصل.. بحسب المواصفات الحالية لمجتمع اليوم في «عصر ما بعد الحداثة».

فيما يتم اعتماد ملف باطلي عبدالحق كحالة جديدة في قوام الشهداء والمناضلين بالدائرة المذكورة مع أنه ينعم بالصحة والعافية وطبقاً للتوجيهات العليا التي تقول:

«نظراً للدور النضالي الكبير، للسيد باطلي عبدالحق، عليكم إدراج اسمه ضمن قائمة شهداء الثورة اليمنية، وصرف مستحقاته كاملة أسوة ببقية الشهداء والمناضلين.. نفذوا بدون نقاش».

ويفلح الباطلي بن عبدالحق، بحق مكتسب بالباطل، وتبطل اعتراضات سعيد الفالح على بيانات الملف المتباينة التي تفيد أن الشهيد باطلي قد استشهد في عام 1967م مع أنه من مواليد 1969م ولا يزال حياً يرزق.. كما رأى سعيد الفالح بأم عينيه ذلك.

وتبرز الدلالة التصويرية، بصورة نمطية.. عندما يغادر سعيد الفالح مقر عمله للمرة الأخيرة.. ويطالع اللوحة المعدنية التي نصبت أعلى واجهة المبنى وطليت أحرفها بماء الذهب وتقول سطورها:

«اطمئنوا أيها الشهداء فدماؤكم لم تذهب هدراً.. إنها دين في أعناقنا على مر الأجيال».

وتنتهي القصة بهذه اللوحة السيكودرامية مع أن التراجيديا تقفز على حين غرة بحضور متنام في الأسطر الثلاثة الأخيرة التي تقول:

«لم يدر سعيد الفالح هل كان كاتب هذه اليافطة يسخر منه ومن موقفه!.. أم أن في ذلك وعداً بإنصافه وإنصاف موقفه ممن لوثوا شرف النضال وقداسة الاستشهاد».

من مجموعة (أقسمت أن أبتسم) للقاص

د. عيدروس نصر ناصر

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى