كيف يتم تعطيل المشاريع التنموية المرصودة بالموازنة مركزياً ؟

> عدنان غالب العامري

> الجميع يعرف بأنه يتم اعداد الموازنة العامة من قبل الحكومة وتقديمها للبرلمان بعد النصف الأول من العام المالي الذي يبدأ من 1/1 وينتهي في 31/12، يتم مناقشة الموازنة بالبرلمان والمصادقة عليها من قبل رئيس الجمهورية قبل نهاية العام السابق.

ولهذا يكون من الواجب على وزارة المالية سرعة ابلاغ الجهات بالمشاريع التي اعتمدت لها والمبالغ التي رصدت لكل مشروع ويكون تنفيذ هذا في بداية السنة المالية يناير، وعلى الجهات الحكومية المركزية التي ابلغت بهذا الأمر سرعة ابلاغ مكاتبها بالمحافظات وهذه بدورها تقوم بسرعة ابلاغ مكاتب المديريات والتوجيه باتخاذ الاجراءات التنفيذية فوراً، أي أنه خلال شهر يناير تكون كل الجهات على علم ودراية بما تم اعتماده لها من مشاريع، وفي الوقت نفسه يجب على البنك المركزي اليمني ابلاغ جميع فروعه باعتمادات هذه الجهات الخاصة بالمشاريع التنموية المرصودة لها اعتمادات من الموازنة مركزياً.

وعلى الجهات المخول لها بالتنفيذ الشعور بالمسؤولية والبدء باتخاذ اجراءات التنفيذ بصورته الأولية، والتي عادة ما تكون بالإعلان عبر الصحف الرسمية بهذه المشاريع، ودعوة المقاولين لتقديم عطاءتهم خلال فترة محددة لا تزيد عن أسبوع، والعمل بجد واجتهاد والشعور بالمسؤولية تجاه هذا الوطن وتحقيق مصالح ابنائه، بعد ذلك يتم فتح المظاريف بحضور المقاولين أو من يمثلهم، وتحديد العرض الفائز بهذه المناقصات، وتوجيه المقاول الذي رسا عليه العطاء، باستكمال بقية الاجراءات لاستلام وثائق المشروع وإبلاغ الجهات المشرفة بذلك، ومتابعة عملية التنفيذ اولاً بأول بحسب الزمن المحدد لإنجاز المشروع وتسهيل اجراءات استلام المخصصات المالية للمقاولين، وبالتالي عدم اعطاء المقاول أي فرصة لتأخير العمل بذلك المشروع من خلال تقييده بشروط موضوعية دقيقة يجب الوفاء بها من قبل الطرفين حرصاً على إنجاز هذه المشاريع كما هو مخطط لها، وعدم تعريض اعتماداتها للترحيل، إذا انتهت السنة المالية ولم ينجز المشروع أو المراحل الواجب انجازها خلال السنة المالية.

وإذا اتخذت هذه الخطوات المتمثلة في سرعة ابلاغ الجهات بالمشاريع المعتمد لها وقابلها شعور بالمسؤولية لتنفيذها في اسرع وقت لتحقق لأبناء هذا الوطن الكثير من المشاريع التنموية الضرورية المعتمدة في الموازنة العامة خلال السنة، وسوف يتم استغلال نسبة تتجاوز 90% من الاعتمادات المرصودة لهذا الغرض ولكن ما هو قائم الآن وجار العمل به، لا ينفذ من هذه المشاريع المعتمدة بالموازنة مركزياً إلا الشيء القليل وبنسبة لا تتجاوز 50% أو أقل من ذلك وباقي اعتمادات هذه المشاريع كما تزعم الحكومة ترحّل، إلا أنه وكما هو مفضوح وممارس علانية وقبل انتهاء السنة المالية تقوم الحكومة بحصر المشاريع المعتمدة ونسبة المنفذ منها وتقدير المبالغ المرصودة والمنصرفة والمتبقي من هذه الحسبة يضاف إلى المبالغ التي تطلبها الحكومة كاعتماد إضافي قبل نهاية كل عام.

والاسباب التي تعود إلى تعطيل هذه المشاريع يمكن إيجازها في السطور التالية:

تباطؤ وزارة المالية في عدم ابلاغ الجهات بالمشاريع المعتمدة بالموازنة مركزياً إلا بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر بحجة عدم وجود الفائض بين تدفق الايرادات العامة وصرف النفقات، فإذا وجد الفائض في جانب الايرادات يعني ذلك وجود القدرة على صرف نفقات هذه المشاريع .

والجهات المركزية عندما تبلغ بهذه المشاريع لا تقوم بإبلاع مكاتبها، ومكاتب المحافظات تقتدي بمن هم أعلى ولا تبلغ المديرية إلا بعد فترة وربما يكون قد مر النصف الأول من السنة.

وعملية تنفيذ هذه المشاريع تمر بعراقيل لا حصر لها، أولاً بعد الاعلان عن هذه المشاريع يتقدم المقاولون بعطاءاتهم مختومة بالشمع الاحمر، الا أن موعد فتح المظاريف يؤجل من فترة إلى أخرى بحجج واهية حتى يهرب المقاولون الأصليون وأصحاب الكفاءات والمشهود لهم بالالتزام، حتى يبقى ثلاثة منهم، يكون واحد منهم متفقاً مع الجهات ومنسقاً معها في كل الامور والاثنان الباقيان كمحارم للمقاول الأول لتمرير العملية بواستطهما، وبعد فتح المظاريف وإرساء العطاء على من سبق الاتفاق عليه تبدأ عملية الجرجرة والمساومة لهذا المقاول، ويعرف القاصي والداني ان هذا المشروع تم إرساؤه على المقاول فلان باتفاق مسبق فيترصد له الجميع، ثم تأتي شروط العقد مهلهلة واهية وعباراته مطاطة تحتمل أكثر من معنى والثغرات كثيرة تمكن المقاول من التلاعب بالوقت المحدد لانجاز المشروع، وعلى الطريقة نفسها يتعامل المقاول مع الجهة المشرفة ويسخّر الجميع لخدمته فيتم التغاضي عن المواصفات المطلوبة، وعند إقدام المقاول على استخراج المستخلصات بمستحقاته المالية يجد صعوبة بالغة وبعد جهد وضياع وقت وإيقاف للعمل بالمشروع، وبعد سلوكه كل الطرق الملتوية المتعارف عليها في تسهيل اجراءات المعاملة يحصل على مخصصاته المالية، ويذهب بها لجهة العمل لاتمام اجراءات الصرف وقطع الشيكات بالمبلغ ويجد عراقيل كثيرة، أضف إلى ذلك الإشكاليات التي يلاقيها المقاول مع الاهالي أصحاب المصلحة من المشروع فكل واحد يريد شيئا لنفسه من المقاول كتعويض أو ما شابه ذلك بالرغم أن المشروع ذونفع عام ومصلحة عامة، وهنا يأتي دور المشايخ في التدخل وأصحاب الوجاهات والادارات الامنية. وبهذه الأساليب غير الواعية يعرقل سير تنفيذ المشروع وتقترب السنة المالية من الانتهاء.

فالمشروع الذي يجب إنجازه خلال سنة أو أقل ويمثل مرحلة واحدة لا ينجز منه سوى النصف، والمشاريع الكبيرة الواجب انجازها على عدة مراحل لا ينجز منها إلا النصف أو أقل من ذلك وبعضها يعترضها الكثير من العراقيل وتمر السنة كاملة دون أي تنفيذ ولو 10% من المشروع كأساس لإدراج ذلك المشروع في السنة القادمة بالموازنة للاستكمال. وهكذا تنتهي السنة المالية والناس في غفلة من أمرهم ولم يجدوا من يبصرهم بمصالحهم وكيف يتم التعامل مع مثل هذه الامور، والمسؤولون القائمون على تنفيذ هذه المشاريع عديمو المسؤولية، وهناك بعض المتضررين من تنفيذ مثل هذه المشاريع يعملون على تأجيج الاختلاف بين الاهالي وزيادة الاشكالات، فيمضي الوقت وتنتهي السنة المالية وترحّل اعتمادات هذه المشاريع، والترحيل هنا كما سبق الإشارة إليه، تقوم الحكومة بتقييم الانجاز لتلك المشاريع وتحدد نسبة هذا الانجاز، ثم تقوم بسداد المستحقات المقابلة لقيمة هذا العمل المنجز والباقي يرصد ضمن طلب الاعتماد الاضافي، وبالتالي يتم التصرف بهذه الاعتمادات في اغراض أخرى ولو أحسن الاستغلال لهذه الاعتمادات ووجدت المسؤولية لدى المنفذين لما ترحّل ريال واحد من اعتمادات هذه المشاريع.

اكتفي بهذا التوضيح، والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى