رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> احمد حسين الفضلي: مشوار كفاحي طويل أختتمه في مزرعته الخاصة..السلطنة الفضلية..عرفت أبين بألويتها الثلاثة (قبل الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م) بالسلطنة الفضلية وكانت إلى الشرق من عدن وحدتها العوالق السفلى شرقاً ويافع والعواذل ودثينة شمالاً، فيما شغل البحر حدودها الجنوبية.

التقسيم الاداري للسلطنة
1- لواء المنطقة الغربية وأهم مدنه: زنجبار (العاصمة) والكود، التي ارتبطت بمحلج القطن ومقر دوائر الابحاث الزراعية، ومدينتا الدرجاج ويرامس.

2- لواء المنطقة الوسطى وأهم مدنه: شقرة (العاصمة القديمة) وكانت الميناء الوحيد للسلطنة.

3- لواء المنطقة الشرقية وأهم مدنه: الوضيع وامصرة وأرض المراقشة وأرض اهل حنش.

اعتبرت السلطنة الفضلية ثاني السلطنات الاتحادية بعد عدن في ادخال النظم الادارية وكانت هناك أكثر من (20) دائرة حكومية، تسيرها نظم وقوانين السلطنة، وكان آخر سلاطينها ناصر بن عبدالله بن حسين الفضلي، الذي انتخبه المجلس التشريعي سلطاناً على أهل فضل في صيف عام 1964م، استناداً لقانون الانتخابات الصادر في عام 1963م الذي نص على انتخاب نصف اعضائه من قبل الشعب، وكان السلطان ناصر مولعاً بقراءة الكتب والصحف والمجلات والرسم. (لمزيد من التفاصيل راجع: هذا الجنوب أرضنا الطيبة: عبدالرحمن جرجرة - ص 57).

«صندوق السنت» الذي باركته السماء
دخلت السلطنة الفضلية (ومعها سلطنة يافع السفلى) التاريخ من أوسع ابوابه بعد ما انتعشت زراعة القطن في نهاية اربعينات القرن الماضي في ربوع دلتا أبين المباركة وتم تأسيس «صندوق السنت» حيث يدفع المزارع سنتاً واحداً فقط من قيمة كل رطل من القطن، وباركت السماء ذلك الصندوق، لأنه ارتبط بأهداف واضحة ونوايا حسنة وحقق الصندوق ايراداً طيباً خدم برامج التنمية الاجتماعية في السلطنة، التي كفاها فخراً أن بلغ عدد ابنائها الدارسين في مصر في خمسينات القرن الماضي حوالي 47 طالباً فيما بلغ عدد الوافدين من الكويت إلى مصر للدراسة في نفس الفترة حوالي 37 طالباً.

تمثل العمل الاداري الرسمي والاهلي في تأسيس لجنة تطوير دلتا أبين ABYAN BOARD وفي تأسيس العمل التعاوني الأهلي ومنها «الاتحاد الفضلي (الشرقي) لمنتجي القطن» في يناير 1957م وبلغ عدد أعضائه 1300 عضو و«اتحاد يرامس لمنتجي القطن» في يناير 1957م وبلغ عدد اعضائه 400 عضو.

أحمد حسين الفضلي، مولداً ونشأة
الشيخ الفاضل أحمد بن حسين بن عبدالله بن حسين بن أحمد بن عبدالله بن احمد الفضلي من مواليد باشحارة بالسلطنة الفضلية (أبين) عام 1940م، تلقى دراسته الابتدائية خلال الفترة 1947م - 1951م في مدرسة جبل حديد بعدن، وكانت مخصصة لأبناء الأمراء والمشايخ وأسندت ادارتها للتربوي السوداني القدير الاستاذ حسن خريجون.

انتقل إلى زنجبار لتلقي دراسته المتوسطة وأقام في داخلية المدرسة المتوسطة في زنجبار، ومن مدرسيه في تلك المدرسة التربويون الافاضل علي محمد سالم الشعبي وحسن ابوبكر عولقي (رحمهما الله) ومحمد هادي عوض (متعه الله بالصحة وأطال عمره).

تلقى الشيخ احمد حسين الفضلي دراسته الثانوية في ثانوية الريزميت REGIMENT SECONDARY SCHOOL (ثانوية لطفي امان حالياً ومن زملاء دراسته سعيد جامع عبدي.

نشأ الشيخ احمد حسين الفضلي في كنف والده المغفور له السلطان حسين بن عبدالله الفضلي، نائب السلطنة (شقيق السلطانين السابقين احمد بن عبدالله الفضلي وناصر بن عبدالله الفضلي متعهما الله بالصحة وطول العمر)، وقد كان السلطان حسين «حاكماً عادلاً ووطنياً وصاحب شخصية مهابة في بلده ولدى أسرته والمواطنين جميعاً» (لمزيد من التفاصيل عن هذا السلطان العادل راجع: صفحات من الذكريات : محمد مرشد ناجي، ص 29).

الشيخ أحمد حسين يشد الرحال إلى بريطانيا في دورة شرطوية
غادر الشيخ احمد حسين بن عبدالله الفضلي بلاده عام 1956م إلى بريطانيا لتلقي دورة طويلة في اساسيات العمل الشرطوي في مدينة لندن وكان من القلائل الذين التحقوا بذلك النوع من الدورات، التي تؤهل خريجيها للعمل ضابطاً في بريطانيا.

عاد الشيخ احمد حسين الفضلي إلى بريطانيا في دورة شرطة اعالي البحار OVERSEAS POLICE COURSE لمدة 6 أشهر ومن زملائه السيد علي وكان قد انخرط في دورة محلية في مدرسة الشرطة المسلحة ARMED POLICE .

ومن زملائه في الدورة العقيد عبدالله صالح سبعة (أول قائد للأمن في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بعد نيل استقلالها في 30 نوفمبر 1967م) وقاسم بن عبدالله العوذلي، وارتبط الشيخ احمد بعلاقات زمالة مع عدد من الشخصيات الصاعدة آنذاك ومنهم الشيخ صالح فريد العولقي (عضو مجلس النواب حالياً) وذلك في معسكر شامبيون (معسكر النصر حالياً) عام 1959م، كما ارتبط بالشيخ علي بن احمد، (قائد الجيش اللحجي قبل عام 1967م) في مهمة عمل مشتركة في لحج عام 1958م.

الشيخ احمد من رجل الامن الى رجل المحلج
حدث تراكم في المعرفة والخبرة في مجال الامن لدى الشيخ احمد حسين الفضلي، الا ان الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، حيث صدر قرار سلطاني عام 1965م بنقله مديراً لمحلج القطن بالكود وبرر قرار النقل بانه قد اكتسب خبرة في المحلج، عندما بدأ يتعامل مع تلك المؤسسة الاقتصادية الصغيرة والحيوية عام 1955م حيث بدأ العمل فيه «كاتب وزن» وتدرج حتى اصبح «مشرف عمل».

تحمل الشيخ احمد حسين الفضلي مسؤولياته الادارية على أكمل وجه خلال الاعوام 1965م، 1966و 1967م وارتبط اثناء تلك الفترة وقبلها بالارض وخبر اسرارها وترك فيها بصماته التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.

الشيخ احمد حسين الفضلي وطيب الاقامة في السعودية
غادر الشيخ احمد حسين الفضلي العاصمة زنجبار في اغسطس 1967م وأخذت الاوضاع في التدهور في ارجاء المنطقة واستحالت عودته الى بلاده فقرر تغيير مسار رحلة العودة من بيروت الى المملكة العربية السعودية، وهي قدر اليمنيين شمالاً وجنوباً.

شمر الشيخ أحمد عن ساعديه والتحق بأول وظيفة له في السعودية مع مؤسسة بن لادن بالدمام ثم عمل مع مؤسسة احمد سعيد باسمح بالمنطقة الشرقية واستقر في نهاية المطاف في مؤسسة عبدالرحمن علي التركي في فرع شركة «إكسبريس الشرق والغرب» بالدمام وانتقل بعد ذلك مديراً لها في الرياض، وهي شركة متخصصة في الشحن.

تنامت الثقة بالشيخ أحمد حسين الفضلين حيث اصبح ممثلاً للتركي لدى شركة «بري ماكنزي» وهي شركة متخصصة في الموانئ. جاب الشيخ الفضلي خلال فترات عمله في تلك المؤسسات عدة اقطار عربية واوربية ابرزها لندن في مهام عمل.

الشيخ احمد حسين الفضلي يرابط في معشوقته الارض
يعود الشيخ احمد حسين الفضلي الى ارضه وارض آبائه وأجداده بعد قيام دولة الوحدة في 22 مايو 1990م. عاد الى أبين والعود أحمد، لقد اثبتت السنوات المنصرمة ان الشيخ احمد حسين عاشق للأرض وأعطاها جل وقته وكل ماله وطاقته.

ان الزائر للشيخ احمد في مزرعته بأبين سيجده يطوف بالارض يتحسس تربتها ويتلمس ماءها ويتفقد طاقة الآبار العاملة. سيجده في وقت راحته جالساً على كرسي وامامه طاولة صغيرة تحت احدى اشجار الليمون مستظلاً تحت سقفها النباتي.

لقد غبطت الشيخ احمد كثيراً عندما رأيته مسترخياً تحت أشجار الليمون وهو ينعم بالهواء النقي الطري ويسعد بالهدوء الذي تتخلله اصوات العصافير، وفي تلك الاجواء وجدت القطط والكلاب في تعايش سلمي جسدته شراكة الطعام من صحن واحد.

الشيخ احمد حسين الفضلي ومنغصات الاستقرار
الشيخ احمد حسين الفضلي محدث لبق وكيس وفطن، فهو صاحب مخزون من المعرفة والخبرة وذكريات الماضي والحكايات الظريفة يحدثك في اساليب الزراعة، ما لها وما عليها وعن اصناف النباتات التي تمر عليها في مزرعته ويحدثك عن الجوانب المكملة للزراعة بكل تفاصيلها ويحدثك عن مشوار ربع قرن من الكفاح في منفاه الذي ارتضته له ظروف قسرية عصفت بالبلاد والعباد.

الا أن دائرة الاستقرار البيضاء تعكرها بقع سوداء صنعها غياب النظام والقانون، وهل يعقل ان عجلة التاريخ تدور الى الوراء ومن سنتها الدوران الى الامام ولمصلحة من ابهات وإضعاف قوة قرارات القضاء وبخس الناس اشياءهم؟ لقد عز علي وأنا اصغي لحديث هذا الرجل الذي لا يفصله عن السبعين، الا اربعة اعوام فطلبت منه الدخول في تفاصيل معاناته. قال الرجل:

عندما تكون خارج الوطن تكون أسير هواجس العودة إليه بعد ان حرمتك ظروف سياسية من التمتع بدفئه. كم يحز في النفس ان تتجشم معاناة الانتظار لاعوام في ساحات القضاء املاً في انتزاع حقوقك، التي ينصرها القضاء بدرجاته الثلاث (ابتدائي واستئناف وعليا). القرار بيدك ولكن لا نجد من ينفذه، فيختلط الحابل بالنابل ويسود الخوف اوساط اهل الحق ويتراكم الاحباط وتتفاوت ردود الافعال ويضطرب السلام الاجتماعي.

اضاف الرجل الفاضل: برز المنغص الآخر على خلفية متابعتي لارضي التي آلت (بالمصادرة) الى مركز الابحاث الزراعية بالكود ودخلت قضيتي عامها الحادي عشر عندما بدأت مراسلة المركز بخصوص ارضي وطرحت ثلاث بدائل: 1- الشراء أو 2- الاستئجار، أو 3- الاعادة، واختار المغفور له د. أبوبكر المعلم، المدير العام السابق للمركز البديل الثاني (الاستئجار) وذلك في عام 1997م الا ان قضاء الله حال دون ذلك بانتقاله الى جوار ربه.

الحق يعلو ولا يعلى عليه، لان الحق من اسمائه الحسنى سبحانه وتعالى، وحتماً سينعم الشيخ احمد حسين الفضلي وأهل الحق كافة بكامل حقوقهم، اليوم أو غداً.

الشيخ احمد حسين الفضلي وزينة الحياة الدنيا
انعم الله على الشيخ احمد حسين الفضلي بعشرة اولاد، الذكور منهم ستة وهم: 1- حسين، 2- عبدالقادر، 3- ناصر، 4- حيدرة، 5- عبدالله، 6- محسن، وإحدى الاناث الاربع: د. هند، طبيبة اسنان لديها مشاريع طموحة منها التحضير لدرجة الماجستير في طب الأسنان ومشروع خيري في طب الأسنان لغير القادرين في محافظة أبين، لأن هؤلاء البائسين يفضلون قلع اسنانهم، لانهم لا يملكون كلفة «الحشو».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى