مع الأيــام..تقييم .. إلى المنحدر!

> حسن علي أحمد كندش:

>
حسن علي أحمد كندش
حسن علي أحمد كندش
تستدرجنا لحظة توهان مخيفة إلى دوامة لا نهائية.. وذلك حين تستدعي السلطة أو إعلامها أي تقرير أو دراسة أو ما شابه ذلك صادر عن أي جهة دولية.. حتى ولو كانت تعنى بشئون الديناصورات.. للبحث عن شهادة ما تثبت انجازاتها المحلية في مختلف المجالات.

وبالمقابل تبحث المعارضة عن أي تقرير أو دراسة أو ما شابه ذلك صادر عن أي جهة دولية حتى ولو كانت تعنى بشئون المومياءات.. للبحث عن تقييم يحط مما تدعيه السلطة وإعلامها.

لم هكذا؟! وما هو السبب في ذلك يا ترى؟!

هل هو ناتج عن غياب المؤشرات الحقيقية والعملية والعلمية للتقييم الوطني المحايد.. ومن ثم يتم التسلح والاستعانة بأي تقييم خارجي يمنحنا درجات الامتياز ونقيس به إخفاقاتنا ونجاحاتنا؟! هل هذا ناتج عن غياب المصداقية المحلية من قبل السلطة والمعارضة معاً.. وبالتالي اصبح الهم الأساسي لديهم الرصد والاستقواء كل على الآخر من خلال تقييمات الخارج والبحث فيها عن المصداقية.. أم هذا ناتج عن انعدام الثقة في أنفسنا فلم نعد مؤهلين حتى لمعرفة ما إذا كنا ناجحين أو فاشلين.. أو إذا كنا على خطأ أم على صواب.. وبالتالي نبحث عمن يمنحنا صكوك الغفران أو الذنوب؟! مرة أخرى لماذا هكذا إذا.. وما سبب وصولنا إلى هذا المنحدر؟! حيث لم نعد نفرق بين الفضيلة والرذيلة تماماً مثلما اختلط علينا الحلال بالحرام.. لم نعد نعرف بدايتنا من نهايتنا.. ربما تعثرنا وتاهت خطواتنا ليكون اللقاء عند المنحدر.. لقد تداخلت فينا أشياؤنا الصغيرة مع أشيائنا الكبيرة والعامة.. ولم نعد نفرق بين اشياء ذات قيمة أو أشياء بلا قيمة أو معنى.. وأضحينا عيونا بلا نظر وعقولاً بلا تفكير تتقاذفنا أسطر أو تصريحات في صفحات تكتب هناك أو هنا تارة بإهمال.. وتارة أخرى باستهتار.. وفي كثير من الأحيان بلا شعور حتى إنساني.. أو ربما قد تكون في لحظة من اللحظات بهدف نبيل.. لا يهم.. ولكن الحقيقة المرة أننا ننظر إلى دواخلنا بعيون الآخرين.. ونكتشف اتجاهاتنا وسلوكياتنا من خلال تقييم الآخرين لنا.. بل ونفتش في أنفسنا.. عن أنفسنا.. بأصابع الآخرين.. نقدس الباطل.. ونسفه الحق لمجرد مصالح ذاتية.. ونغرق في التزييف حتى منتهاه.. وندوس على الموضوعية والحقيقة بالرجلين في طرقات نعتقد وهماً أنها ستوصلنا إلى مبتغانا.. بينما نحن اصلاً نهرول إلى المجهول.

يا إلهي! ماذا يعني ذلك؟ لقد سقطت المعايير.. وانهارت المقاييس.. وانهالت عليها أتربة داكنة قادمة من فساد القيم الأخلاقي.. ليتجسم التزييف.. ونصل ببساطة شديدة إلى انعدام الأهلية في التقييم الموضوعي المحايد فينا.. حتى لأنفسنا.. إزاء أي فعالية أو نشاط سياسي أو اجتماعي أو أقتصادي أو ثقافي.. أو حتى إنساني.. وفي كثير من الأحيان تصل المبالغة في التقييم لدينا إلى درجة تغيب الوعي.. وتارة أخرى تصل إلى حد العدم.. ويجد الكثيرون منا أنفسهم في مثل هذه الحالة منساقين إما وراء أوهام تصيبهم بالازدواجية.. وإما خلف ضياع يصل حد اليأس.. وفي كلتا الحالتين المتقابلتين تزداد الضحايا.. وتدور الرحيّ تسحق بالباطل الحق.. لتذره الريح على أحلام تتبعثر في الفضاء وترتد إلينا في نهاية الأمر غباراً من هزائم بيولوجية ونفسية واجتماعية.. تمنعنا بل تفقدنا القدرة حتى على التمييز بين «السلم والثعبان».

إذن يتجاذبنا إعلام عربي عام مشوه ويرمينا بين فكي كماشة تردينا صرعى مثل المخبولين أمام قضايا مصيرية تتطلب منا استحقاقات (رأي عام) ضاغط عقلاني.. بينما نحن نترنح نحو من يتلقفنا للمزايدة.. أو نهوي في بحر لا تدري أبياض زبد الموج فيه أكثر أم زرقته.. وبعدها لا نغوص فيه ولا نطفو.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى