المكتبة الوثائقية التلفزيونية في القناة الثانية (عدن)

> «الأيام» عامر علي سلام:

>
عامر علي سلام
عامر علي سلام
ليس من السهل على أحد أن يكتب التاريخ كما ينبغي له الكتابة فيه، أو كما تشتهي رغباته الفكرية أو قناعاته الذاتية، (بما قرأ أو عرف أو شاهد واطلع أو عاش في أي مرحلة منه)، وقد نستطيع كتابة التاريخ بأثر رجعي ولكننا لانستطيع أن نشاهده عبر التلفاز بأثر رجعي، لأننا أيضاً ربما نستطيع إسقاط دور بعض الاحداث وآثارها أو دور بعض الشخصيات التي كان لها إسهام خاص أو فاعل في أحداث تاريخية مرت بها أي أمةّّ، لأننا أولاً وأخيراً نكتب ما نريد أن نكتبه ونلغي ما نريد أن نلغيه، خصوصاً إذا كانت الاحداث أو المراحل التاريخية دموية النتائج أولها آثار سلبية على واقع الاحداث.. أو لا زلنا نفكر بثقافة وفكر المنتصر أو الحاكم.. الذي يملك السلطة والقرار!!

مع ذلك تظل المنعطفات التاريخية لأي أمة هي محطات للذاكرة أو إعادة قراءة ذاكرة التاريخ، ولكني هنا بعيداً عن كل ذلك فقط أشير إلى واحدة من أهم الوثائق التاريخية التي يمكننا من خلالها رصد حركة المجتمع ومراحل تطوره والتي تدخل في منظومها الخاص (بالتوثيق الإعلامي الرسمي) وهي الوثائق التلفزيونية العلمية من برامج وثائقية أو رصد أحداث وشخصيات رسمية رفيعة المستوى كان لها دور ريادي أو قيادي استطاع التلفزيون بإمكانياته التسجيلية (من صوت وصورة) التوثيق لها بحكم أنها كانت في سدة القيادة أو الحكم.

ونتساءل: ماذا لو بحثنا في المكتبة الوثائقية التلفزيونية في تلفزيون عدن عن:

1- وثائق الثورة اليمنية .. 14 أكتوبر 1963م مرحلة الكفاح المسلح (1963-1967م).

2- شريط الوفد اليمني المفاوض في استقلال عدن عن الحكم البريطاني (وعودة الوفد إلى عدن).

3- خطابات وأحاديث الرؤساء اليمنيين الذين حكموا في فترات سابقة (قحطان الشعبي، سالم ربيع علي، عبدالفتاح إسماعيل، علي ناصر محمد، علي سالم البيض).

4- المؤتمرات السياسية للتنظيم السياسي للجبهة القومية وقيام الحزب الاشتراكي اليمني.

5- ما بعد استقلال الجنوب اليمني .. الحراك السياسي والثقافي والاجتماعي والاجراءات الاقتصادية (المظاهرات، المسيرات الجماهيرية، دور المرأة اليمنية، الحركة الطلابية والتعليمية).

6- البرامج التسجيلية والوثائقية من ستينيات القرن الماضي حتى نهاية عقد الثمانينات.. وغيرها.

سنجد أنفسنا عاجزين تماماً عن الوصول إليها أولاً.. كما أننا عاجزون في الوقت نفسه عن إعادة توثيقها في أشرطة رقمية جديدة.. لنستوضح حقائق التاريخ ونتعرف عليها ونتحمل مسئولياتها، ونتحمل أيضاً تجاربنا فيه بعيداً عن أي انفعالات تعصبية أو شطحات فكرية.. ونعترف بالحق والحقيقة أمام تساؤلات مهمة قد نتخوف منها اليوم أو تأخذنا الخشية في طرحها أو قولها أو الحديث عن ملامحها، لكن الأجيال القادمة لن تتوقف عندها ولن تستثنيها أبداً إذا ما استطاعت أن تفكر بعقول متحررة من الماضي.. وبشفافية عصرية حديثة وجريئة للحوار مع الذات.. ولن تفكر بعقلية المنتصر أو الحاكم أبداً.. لأن التاريخ هو الحاكم.. وأن وثائقه الصوتية أو المسجلة صوتاً وصورة لايمكن إلغاؤها .. لذا فإننا فوق هذا وذاك لم نهتم لأي توثيق تلفزيوني إعلامي خاص بالأحداث التاريخية لبلادنا.. لأننا بكل بساطة لم نتعلم كيف نحافظ على تلكم الوثائق (الأشرطة العلمية).. فماذا حدث لها؟!

بعد تحقيق الوحدة اليمنية (1990م) كان هناك توجيه خاص بطمس الأحداث وإلغاء وشطب الصور والأحاديث التاريخية لقادة النضال أو الرواد للحركات الثورية.. بدعوى أن هذا يميني متطرف أو ذاك يساري انتهازي...الخ من التسميات والالقاب التي كنا ولازلنا من أبرع الناس في إطلاقها.

فماذا كانت النتيجة؟! بعد حرب صيف 1994م تعرضت القناة الثانية (تلفزيون عدن) لعملية نهب لكل ما فيها.. إلا أن مكتبتها الوثائقية ظلت في مأمن بما تبقى فيها.. وتم ترحيل الاشرطة بنوعيتها القديمة إلى (صنعاء) بحجة عدم وجود أجهزة تستطيع ان تنقل المواد الصالحة منها إلى أشرطة جديدة. وهذه مشكلة لازالت قائمة.. (رغم اعتماد أكثر من خمسمائة مليون ريال يمني) لصيانة الأجهزة الهندسية في المؤسسة العامة اليمنية للإذاعة والتلفزيون.

لكن مكتبتنا الوثائقية التلفزيونية أكانت في عدن أو رحلت إلى صنعاء، كما هي أيضاً الوثائقية في تلفزيون الفضائية اليمنية تحتاج إلى لفت نظر من قبل قيادة الإعلام في وزارة الإعلام، والتحقيق فيها وإعادة ما تم نقله أو توثيقه أو تسليمه إلى المركز الوطني للوثائق.. وربما لم نتعلم ونحن نرى القنوات العربية والعالمية تعرض لنا سلسلة من البرامج والأفلام الوثائقية وتوثق لتاريخها الإعلامي.. الذي هو في الأصل تاريخ الأمة (انجازاتها.. تطورها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي) بعيداً عن النقد أو السلب أو الايجاب أو المجد والتمجيد.. وبعيداً عن أي منطلقات سياسية أو فكرية .. كانت.. أو لازالت.. أو تغيرت!

إذن نحن بحاجة إلى إعادة وثائقنا التلفزيونية أو إعادة توثيقها بما يخدم الاجيال القادمة.. وبما نحن فيه من ادعاء للشفافية والديمقراطية.. وأيضاً يعيد الاعتبار للاحداث والشخصيات التي لعبت دورها التاريخي في أصعب مراحل الوطن.. ودفعت لذلك حياتها وسنوات حكمها لتخرج فيه خالية الوفاض.. لا تملك من الدنيا أي مكاسب شخصية، لأننا في الأخير أمام تاريخنا اليمني بكل ما فيه (تاريخ اليمن الحديث والمعاصر) ومن لم يتعلم من دروس تاريخه لن يتعلم من حاضره ولن يستطيع أن يضع مجداً في مستقبله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى