التوثيق والقرارات السيادية

> «الأيام» عبدالله باكدادة:

> كثيرة هي الآراء التي تصف الشرق بالعاطفي، والانفعالي، والرومانسي، برغم أن هذه الصفات لا يخلو منها الغرب المتصف بالعقلانية، والعلمانية، والفكر المادي,ويردُّ الكثيرون تلك القرارات الصائبة في المجتمع الأمريكي والمجتمع الغربي التي تأتي لتحديد مصائر شعوبهم إلى أن حكام تلك البلدان يستندون في اتخاذ القرارات السيادية لتحديد مسيارات مجتمعاتهم إلى مراكز التوثيق ومراكز الدراسات والبحوث التي تقرأ ماضي وحاضر ومستقبل بلدانهم فتأتي مفردات كلماتهم وصياغات قراراتهم قائمة على أرض صلبة بعيداً عن الأهواء والمزاجات ولحظات الانفعال التي تتصاعد بتصاعد حرارة التصفيق و التهاب الأكف التي تتوهج كلما سعى المجتمع إلى الاشتعال المؤدي إلى احتراق السنوات واحتراق الشعوب، في صفات لا يتم إطلاقها إلا على مجتمع الشرق.. مجتمع (اللبان والصمغ والبخور)، مجتمع ألف ليلة وليلة، ومجتمع شهرزاد وشهريار.

والمتابع لمعظم الإصدارات التي تتحدث عن تاريخ اليمن سيجد أن الوثائق الداعمة بالكلمة والوثيقة والصورة لا تأتي إلا من بلدان غير اليمن، ومبعث ذلك اهتمام الغرب بتراثنا، لذلك لا تستغرب إن وجدنا أكثر من مليوني وثيقة يمنية موزعة بين مكتبات عالمية كالامبروتريات ومكتبة الفاتيكان في إيطاليا، ومركز التوثيق البريطانية ومكتبات تركيا وألمانيا وغيرها.

ومنذ قيام الوحدة اليمنية بدأ الواقع في اليمن يعي هذه المسألة الخطيرة التي جعلت من تراثنا يتبعثر خارج حدود البلاد فاستندت قراراته السيادية على حالة الانفعال والقراءة الآنية غير الممتدة إلى أقرب الأبعاد، فكانت الفكرة إنشاء المركز الوطني للوثائق الذي تلاه قانون حفظ الوثائق.

وأتذكر قبل سنوات عدة حينما كنت حاضراً إحدى فعاليات هذا المركز أن سمعت أحد الدبلوماسيين البريطانيين يتحدث قائلاً: إن نظام العمل في المركز الوطني للوثائق بصنعاء لا يختلف عن عمل مراكز التوثيق في أوروبا وبريطانيا تحديداً.

وقد كان قرار رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح، باعتبار عام 2005م عاماً للتوثيق في اليمن كفيلاً بأن يعبَّر عن اهتمام بلادنا بأهمية التوثيق الذي يمكن أن تستند عليه بلادنا في اتخاذ مساراتها وتفسير محطاتها المهمة وليس أدل على دور هذا المركز في مواجهة نتائج حرب صيف 1994م أو احتلال جزيرتي حُنيش وزقر، ونجد دور هذا المركز في إقامة معرض الصحافة اليمنية خلال شهر مارس ليستعرض الإصدارات اليمنية على مدى (130) عاماً والذي أكدَّت الدراسة فيه أن اليمن تعتبر سابع دولة عربية من حيث إصدارات الصحف وقد بدأ هذا المركز بافتتاح أول فرعين له في عدن وحضرموت يليهما فروع أخرى يمكن من خلالها أن يقف على أساس توثيقي لبلد عريق يساهم من خلال ذلك عرض الوقائع المهمة في تحديد مسار البلد لقمة السلطة في اليمن يمكن من خلالها اتخاذ قرارات سيادية تساهم في الارتقاء بالواقع، بعيداً عن ردود الفعل وليالي ألف ليلة وليلة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى