قصائد لم تنشر لنزار قباني

> «الأيام» محمد حمود أحمد:

> من المعروف أن الشاعر نزار قباني من الشعراء العرب الذين أثاروا جدلاً واسعاً في الساحة الأدبية وبين أوساط الجماهير العربية في الخمسين عاماً الأخيرة، وكان خلالها نزار من الشعراء المتميزين الذين طرقوا موضوعات جديدة وقضايا سياسية واجتماعية بجرأة من خلال قصائده التي انتشرت وتلقفتها الأسماع وتناقلتها الألسن في كل قطر عربي. حتى أن بعض قصائده فرضت عليها رقابة صارمة للحيلولة دون انتشارها ولم تفلح في محاصرتها كأن قصائد نزار كانت تنتقل في أكسجين الهواء لتصل إلى الناس.

قصائد نزار كانت تجد دوماً من يصل إليها ويستطيب سماعها ويتفاعل مع موضوعاتها بالرغم من بعض التحفظات الواردة على البعض منها واتهامه بالإباحية في بعض الأحيان.

يقول مؤلف كتاب (قصائد لنزار قباني، رفضتها الرقابة) وهو الأديب الصحفي الشاعر المصري محمد ثابت السيد: لقد كثرت الأقاويل حول هذا الشاعر الذي ملأ حياتنا بروائع قصائده وأغانيه التي طالت عنان السماء، فصار كالجبل ولم يستطع أي مدع أو متحامل تحت أي مسمى أن ينال من مكانته. مشيراً إلى أن نزاراً كان يعبر عما في نفسه بصدق وصراحة ووضوح بلا قيود ولهذه الأسباب تفرد نزار قباني بالجرأة التي لا يملكها إلا نزار قباني.

لقد كتب نزار قصائد تعبر عن أحلك الفترات والهزائم والمنعطفات التاريخية التي مرت بها شعوبنا العربية وشن حملة ضد انهزامية الأنظمة العربية، وانتقد سياساتها المتهادنة ووقف إلى جانب حرية المرأة ضد العبودية والتخلف والجهل. وفي قصائد نزار النارية تحريض لحرية الموقف وعدم الخضوع والخنوع:

إني خيرتك فاختاري

ما بين الموت على صدري

أو فوق دفاتر أشعاري

اختاري الحب أو اللا حب

فجبن أن لا تختاري

لا توجد منطقة وسطى

ما بين الجنة والنار

ويقول عن المتنبي:

تستطيع بئر النفط

أن تضخ عشرة ملايين برميل يومياً

ولكنها لا تستطيع أن تضخ

متنبياً واحداً

وقد كتب نزار قباني عن حروبه الجميلة في حربه من أجل تحرير المرأة من الخلفاء غير الراشدين وفي حروبه من أجل المرأة مع شركات تعليب المرأة وفي حربه مع قطاع الطرق الذين يخطفون النساء بغرض تعليبهن يقول:

«كلما كتبت قصيدة ناجحة

بدأ القصف المدفعيّ

علي وعليها

إن أكثر ما يضايقني في الشعر

هو معاهدات الصلح

واتفاقيات الهدنة»

وهو يرد على الناقمين عليه قائلاً:

ويقول عني الأغبياء

أني بأشعاري خرجت على تعاليم السماء

من قال أن الحب عدوان على شرف السماء

إن السماء صديقتي

تبكي إذا أبكي

وتضحك إن ضحكت

وتزيد أنجمها بريقاً

إن أنا يوماً عشقت

ماذا إذا غنيت باسم حبيبتي

وزرعتها في كل عاصمة

كغابة كستناء؟

وفي منطق الشاعر نزار يرى العالم ببراءة ومنطق الصغار ويعبر عن نفسه قائلاً:

خطيئتي

أني أرى العالم يا صديقتي

بمنطق الصغار

وأنني أقدر في بساطة

أن أرسم النساء في كراستي

بهيئة الأشجار

وأجعل النهد الذي اختاره

طيارة من ورق

أو زهرة من نار

وفي رسالة عاجلة إلى صلاح الدين يشكو نزار حالة الانهزام وضعف المقاومة التي وصل إليها العرب أمام العدوان وانتهاك الحقوق:

من يا ترى خان القبيلة

وارتضى حزن الجليلة

وادعى فينا الزعامة

وارتضى ذل اليمامة

من باع دين الله في هذي البقاع

سقط القناع

وتقدم الغربُ الصراع

والليث يقبع في عرينه

بين المهانة والضياع

العرب في الطرقات تلهو

بالسفينة والشراع

أقصى أمانيهم هوى

أقصى أمانيهم ضياع

قد ماتت الأوطان وانتهت القضية

والسيد المسؤول يرفعُ إصبعيه

معلناً حسم الصراع

ولازالت أشعار نزار قباني تثير حولها جدلاً إلى اليوم ويعده النقاد واحداً من الشعراء الكبار الذين أشعلوا روح المقاومة والغضب، ولازال صوته مجلجلاً في الأسماع والوجدان وتحظى قصائده التي تحولت الى الغناء بالإعجاب المتزايد في ساحة الغناء العربي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى