> فؤاد يحيى النهاري:

فؤاد يحيى النهاري
فؤاد يحيى النهاري
هل ستكونين أول الضحايا، أم آخرهم يا (أحلام)؟.. أعرف تماماً أن أحلامك أيتها الطفلة البريئة الحالمة تمتد لأكثر من حصولك على شربة ماء تروي بها ظمأ أسرتك، وأنت أيها الملاك الطاهر الذي فارق الحياة تناضلين من أجل الحصول على دبة سعة 5 لتر ماء، لا يصلح للاستخدام الآدمي - طبعاً في أوروبا - ومعك الكثير من فتيات القرية تتزاحمن على بئر مكشوفة في قرية نائية من مديرية نائية (وصاب السافل) أقصى محافظة ذمار، همكن الأكبر تأمين مياه الشرب لأفراد أسركن.

صدقيني يا (أحلام) كم كان خبر سقوطك ووفاتك داخل بئر القرية (بني العزب) مؤلماً لي، ومفجعاً، وباعثاً على الحسرة والحزن والألم، خاصة وأنا أصنع مقارنة لما تعيشه فتيات بلادنا وبالتحديد القاطنات في المناطق النائية والمحرومة مثل وصاب السافل، وما تعيشه فتيات بلدان أخرى من نعيم.

أعلم جيداً أن الشهر الفائت قد سقطت امرأتان داخل بئر في قرية مجاورة لك، والسبب واحد وهو التزاحم الشديد على موارد الماء بسبب شحته، ليضاف سبب آخر من أسباب الموت وهو السقوط داخل آبار مياه الشرب.

هذا هو الوضع الذي نعيشه، وهذه صورة حية من صور معاناة المواطن الوصابي وتحديداً في قرى العطش بمخلاف بني حي، الذي يمثل النموذج الأكثر حرماناً ومعاناة.

وياترى هل يعلم العالم بأن المرأة الريفية في بلادنا ما تزال تقطع عشرات الكيلومترات من أجل جلب دبة سعتها 20 لتر ماء، وهل يعلم المسؤولون في بلادنا أن أكثر من خمسين أسرة وصابية غادرت قراها نحو المدن هرباً من الموت عطشاً وبحثاً عن شربة ماء.

(أحلام).. هذا هو قدرك، وقدر أهل منطقتك العطش والجوع والفقر والمرض، قدرك الموت (عطشاً) وقدر أهلك شرب الماء الملوث، وقدر أبناء منطقتك العناء، بينما قدر (آخرين) التقلب بين مسابح وأحواض وأنهار الماء (المعدني) النقي.

وسنظل يا (أحلام) نحلم بأن يأتي اليوم الذي تصل فيه شبكة المياه إلى كل منزل، ولا ترى فيه أفواج النساء والرجال يحجون إلى مورد الماء..وسنحلم كذلك بوصول التيار الكهربائي وخدمة الهاتف والطريق المسفلت و..و..، بل وستتجاوز أحلامنا أساسيات الحياة والبقاء إلى كماليات الترفيه والترويج..

سنحلم بإقامة الحدائق والمتنزهات والمتنفسات في كل قرية.. سنحلم ونحلم ونحلم.. لأن من حقنا فقط أن نحلم.