في ذكرى مولده الشريف.. رسالة إلى رسول الله

> حسن سعيد دبعي:

> سيدي يا رسول الله..في ذكرى مولدك الشريف أبث إلى مقامك العالي هذه الرسالة أشتكي فيها وضع أمتك التي نعتها الله بأنها خير أمة أخرجت للناس، وما وصلت إليه من بؤس وفرقة وتباعد جعلتها فريسة لأعدائها المتربصين من كل صنف ولون وأمعنوا في إذلالها وتحقيرها إلى مستوى لا يمكن تصوره فقد أحاطوها من كل جانب بسياج من الحصار النفسي والمعنوي دون أن يقابل ذلك أدنى نسبة من المقاومة وإثبات الذات، بل إن هذه الأمة تراخت مقوماتها بشكل مخز وفاضح.. وهل تلك الحالة تترجم ما قلته يا سيدي يا رسول الله من أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً؟

أسمعت بما جرى مؤخراً والذي يشكل أقسى مشاهد الاستهزاء بهذه الأمة، حيث وصل الأمر إلى حد التعرض لشخصك الكريم في وسائل إعلام الغرب الصليبي، إنهم لا يكذبونك ولكن الكافرين بآيات الله يجحدون، إنهم يعرفون أنك فوق تخرصاتهم وأحقادهم ولكن من خلالك يريدون أن يؤكدوا بأن المنتسبين إليك لا يمكنهم تحريك شعرة للدفاع عنك، هم عرفوا هذه النفسية الضعيفة في أمتك التي ارتكنت إلى الدنيا ولم يعد في وسعها أن تعمل شيئاً، فقد باتت أمتك مستعمرة في كل ضرورياتها وخصوصياتها ولم تعد تملك شيئاً يمكن من خلاله أن ترفع الغبن الخبيث الذي يمارسه الصليبيون ومن ورائهم اليهود للتشهير بك نهاراً جهاراً.. هم يعرفون أن الأمة الإسلامية فقدت هيبتها ومكانتها في الساحة الدولية وأصبحت عبارة عن صفر على الشمال، ذلك لأن هذه الأمة ارتضت لنفسها هذا المربع الرخيص من الذل والانحطاط ولم تعد تملك شيئاً يمكن من خلاله أن يكون لها رقم يذكر، ففاقد الشيء لا يعطيه.

سيدي يا أبا البتول..

إن الصليبيين واليهود يعملون في كل الاتجاهات ويشتغلون بإخلاص وسخروا كل الإمكانات المتاحة وهي كثيرة من أجل أن يشوهوا إسلامنا ويخربوا قناعاتنا، فهم أعداء والعدو بطبيعة الحال يتربص للإيقاع بغريمه وليس لهؤلاء غرماء على الكرة الأرضية بعد زوال الشيوعية في الاتحاد السوفيتي إلا الإسلام ولهذا فهم يمعنون في تحقيرنا والتضييق علينا والإساءة إلى قيمنا وأخلاقياتنا التي زرعتها في جنباتنا منذ شرفت بحمل الرسالة، لكننا في المقابل لم نعمل في مواجهة هذه الهجمات شيئاً يذكر، فحكامنا وأغنياؤنا الذين يملكون مليارات الدولارات يشترون ويستثمرون أموالهم في فنادق الدعارة والإباحة والمراقص والملاهي في بلدان اليهود والنصارى ولم يفكروا يوماً في شراء دار نشر أو صحيفة أو أي وسيلة من وسائل الإعلام التي أصبحت هي مرتكز عصرنا الحاضر للتعريف بديننا الحنيف في بقاع المعمورة، أو يستثمروا أموالهم التي حباهم الله بها في بلدانهم أو غيرها من البلدان العربية والإسلامية لتعود بالفائدة والخير على المسلمين لتمكينهم من التخلص من الفاقة والجهل والتخلف، هم يشترون ويؤسسون القنوات الفضائية التي غطت سماواتنا وأصبحت من بؤر الحرب الفكرية وتذويب الشخصية السوية، فالفضائيات التي بيد العرب والمسلمين استغلت في مقاصد غير شريفة ونبيلة وصارت وسيلة هدم وتمييع لقيمنا الفاضلة، فكل القنوات المنتشرة في فضاءاتنا لا تصدر لنا إلا سفاسف الأمور من غثاء تافه وأجساد العاريات والمناظر الفاضحة التي تخدش حياء كل من له شرف ومروءة، لقد أصبحت وسائلنا الإعلامية العربية والإسلامية عاملاً مساعداً لسياسات اليهود والصليبيين لتغريب شبابنا وانسياقه وراء الترهات وإطفاء جذوة الحمية والغيرة الدينية وبعث الوهن إلى نفوسنا والارتكان إلى كل ما يأتينا من فتات الأعداء.

يا حبيبي يا رسول الله..

علماؤنا ودعاتنا يختلفون فيما بينهم حول مبدأ الدفاع عن قدسية شخصكم، فمنهم من يقول إن مواجهة مثل تلك الإساءات التي تتعرض لكم لا تكون إلا بالحسنى واللين، لأن وضعنا غير مهيأ لمواجهتهم بوتيرة أقوى، فنحن محتاجون لهم في كل شيء، ومنهم من يحبذ الذهاب إليهم لمحاورتهم بشأن ديننا ونقدم لهم المعلومات والانطباعات الجميلة عن الإسلام.. بل جميعهم متفقون أن سلاح المقاطعة لبضائعهم ومنتجاتهم وعدم التفاهم معهم هو ضرب من الانتحار لأن الأمة الإسلامية على حد قولهم لا تملك من مقومات معيشتها شيئاً، في حين أن الذي نعرفه وتربينا عليه أن نواجه مثل هذه الإساءات بشدة وتفرد عملاً بقوله تعالى: {فضرب الرقاب} و{اقعدوا لهم كل مرصد} وعدم المماهاة في مثل هكذا ظروف، لكننا مع الأسف اختلفنا حول طريقة التعامل مع من ينتهكون قدسيتك والتعرض بالبذاءة المفرطة لإنسانيتك الشريفة.. فلقد استكثروا علينا عبارة اعتذار عما بدر منهم ونحن نلهث وراءهم من أجل الحصول عليها ونترجاهم أن يقولوا لنا نحن متأسفون على ما بدر منا وانتهت القصة، لكننا حرمنا حتى من كلمة اعتذار لأنها -على حسب حكامنا وأمرائنا- ستبعد عنهم هذا الحرج الذي وقعوا فيه بسبب عدم قدرتهم على الدفاع عن دينهم وعن نبيهم. فهل هناك أقسى وأمر من هذه الحالة التي نحن فيها؟ هي شكوى نرفعها إليك في هذا اليوم الأغر لتشهد علينا وعلى قلة حيلتنا وهواننا على الناس، فمثلما ابتديت أنت وحولك قلة من الأتباع والأنصار، انتهينا نحن وعددنا يزيد على مليار ونصف المليار مسلم.

يا رسول الله..

صحيح أنهم لن يضروك شيئاً مهما عملوا ومهما حبكوا، فأنت حبيب الله وصفوته وتعاليمك النبيلة فوق ترهاتهم وأحقادهم، لكن العتب على الذين يحسبون عليك، أين ذهبت غيرتهم وحنقهم وما هو مدى حبهم لك ؟ هذا هو السؤال الكبير، أما من حيث الأثر والانتقاص فنحن نعرف أنهم دونك حثالة وأقزام مهما تآمروا وخططوا ومهما كتبوا ورسموا فإنه ضلال مردود عليهم، فأنت لا تحتاج إلى شهادة أو تزكية من أحد، فقد نزلت فيك شهادة من عند خالق السماوات والأرض بأنك الرحمة المهداة والنعمة المسداة {وإنك لعلى خلق عظيم} {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون}.

فسلام عليك في كل وقت وحين رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين، يا من أيدك رب العرش الكريم بقوله:{وتوكل على الله إنك على الحق المبين}.. ولا عزاء للمتخاذلين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى