قصة فصيرة بعنوان (هواءٌ وهوى)

> «الأيام» ياسين علي عولقي:

> تهندمت.. وضعت اللمسة الأخيرة لتظهر بكامل أناقتها، رائحة العطر الكازانوفي الفواح تملأ أرجاء الغرفة، شدت من قامتها، نظرت نظرة أخيرة إلى المرآة، تركت خصلة من شعرها مدلاة.. نظرت إلى الساعة، كانت تشير إلى منتصف الليل. لقد حان وقت خروجها لتعيث في الارض الفساد، تبيع الهوى على قارعة الطريق، تنتقي أشخاصاً لا قيم لهم ولا مبادئ ولا وخز ضمير، يشبعون غرائزهم على استحياء، كانت تشاركهم في ذلك مقابل حفنة من المال.

أخذت تتمايل في مشيتها، الكعب العالي جعلها تتمايل أكثر.. اتكأت على جانب سيارة واقفة، أخذت تتفقد هندامها وفتنتها، اخرجت مرآة صغيرة نظرت من خلالها إلى وجهها الذي يزداد فتنة ولمعاناً.. زخّت ما تبقى من العطر الكازانوفي على جسدها من جديد. لمحت شخصاً آتياً من بعيد تبدو عليه ملامح الوقار، اقترب منها فتح باب سيارته التي كانت تتكئ عليها.. «اصعدي إلى السيارة» قالها بكل غلظة وصرامة.. استجابت له، جلست بجانبه في مقدمة السيارة وهي تنظر إليه وإلى لحيته الكثة.

أفي المنزل أم في السيارة؟! قالتها بكل أنوثة طاغية لتحرك مكامن الشهوة لدى الشاب الجالس بجنبها. بل في المنزل. قالها أيضاً وبكل صرامة.. وصلا إلى المكان المحدد.. فتح لها باب المنزل.. تلكأت في دخولها.. طمأنها بأن تدخل.. وما أن ولجت باب المنزل حتى رأت نسوة محتشمات يشكلن حلقة يرتلن فيما بينهن كلام الواحد الأحد.

تسلل إلى سمعها وبكل خشوع قوله تعالى{قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي}.. احمر وجهها خجلاً وأخذت تذرف الدموع، دموعاً ساخنة تعلن فيها ندمها.. وتوبتها.. وأخذت نفساً عميقاً لتستنشق هواءً نقياً لا غبار فيه.. ومضت لتكفر عن أخطاء الماضي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى