> الحوطة «الأيام» هشام عطيري:
في شوارع وأسواق مدينة الحوطة بمحافظة لحج، تبرز صورة لافتة لرجل ستيني لم تقعده الشيخوخة عن الكفاح، بل دفعته الظروف الاقتصادية القاسية إلى الاستمرار في العمل على متن دراجة نارية، متحديًا تقاعده وتقدّمه في السن، في سبيل توفير لقمة العيش الكريمة لأسرته.

الحاج أحمد سعيد
أحمد سعيد، البالغ من العمر نحو 60 عامًا، من أبناء قرية الخداد بمديرية تبن، تقاعد قبل سنوات من عمله في القطاع الزراعي، ويعتمد على راتب تقاعدي لا يتجاوز 40 ألف ريال، وهو مبلغ بالكاد يكفي لشراء كيس دقيق في ظل موجة الغلاء وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
رفض أحمد أن يكون التقاعد نهاية لقدرته على العطاء، فقرر منذ سنوات شراء دراجة نارية يعمل بها في نقل الركاب بين مناطق لحج، ليكون بذلك من بين قلائل من كبار السن الذين لا يزالون يمارسون هذا العمل اليومي الشاق.

يبدأ الوالد أحمد يومه منذ الصباح الباكر ويقضي ساعات طويلة في التنقل بين أحياء المدينة وأسواقها، حاملًا الركاب من مكان إلى آخر، متحديًا التعب والظروف الصحية، في سبيل إعالة أسرته التي يعجز راتبه عن تأمين متطلباتها الأساسية.
يحظى أحمد سعيد باحترام كبير من قِبل سائقي الدراجات النارية الشباب، الذين يرون فيه مثالًا للإصرار والعزيمة، ورمزًا للتحدي في وجه الواقع الاقتصادي المتدهور.
ويقول أحمد لـ«الأيام» إن دراجته، التي اقتناها قبل نحو 15 عامًا، أصبحت مصدر رزقه الوحيد، ورغم ارتفاع أسعار قطع الغيار وصعوبة صيانتها، إلا أنه يبذل ما بوسعه للحفاظ عليها، فهي عصب حياته ومصدر دخل أسرته الوحيد.

وتكشف قصة أحمد سعيد عن واقع مرير يعيشه كثير من كبار السن في اليمن، ممن أُجبروا على مواصلة العمل رغم التقدم في العمر بسبب ضآلة المعاشات وغياب المعالجات الاقتصادية. وفي سوق الحوطة، لا تزال مشاهد هؤلاء الرجال العاملين على متن دراجاتهم النارية تذكّر الجميع بأن ضيق الحال لا يفرّق بين شاب وشيخ، وأن الكرامة أحيانًا لا تتحقق إلا بكفاح لا يعرف التقاعد.