(أصحابي) .. الذي رحل

> د. سعودي علي عبيد:

> لقد رحل عنا ذلك الإنسان الذي تتركب عليه كل الصفات والخصال الرائعة الجميلة.. إنه شخص واحد، ولكنه يساوي مجموعة من الاشخاص، إنه شكيب عوض سعيد، ذلك الإنسان الذي شكل على الدوام، حالة مركبة من المواهب والابداعات التي من النادر أن تجتمع في شخص واحد، إلا إذا كان هذا الشخص هو فقيدنا العزيز شكيب عوض سعد، الشهير بـ «شكيب عوض». إنه بحق حالة نادرة من الصعب تكرارها. ولذا فضلت أن اطلق عليه بـ «الأصحاب» وهو جمع «صاحب» لأنه كذلك بالنسبة لي ولكل من عرفه.

لقد جُُمع فيه عدد كبير من الوظائف الابداعية فهو الاعلامي وهو الصحفي وهو الفنان وهو الموسيقي وهو الموسوعي وهو الذاكرة الحية وهو المثقف وهو الاستاذ وهو فوق ذلك وقبله، الانسان ذو الاخلاق الرفيعة.

إنه الاعلامي الألمعي المتمكن من هذه الوظيفة. وفي لقاءاته التلفزيونية أو الاذاعية او الصحفية تجده متحرراً وغير متكلف كما تجد نفسك حراً طليقاً أمامه.

وهو الصحفي الممسك والمستوعب بمهارة لمتطلبات هذه المهنة، فمن خلال كتاباته في بعض الصحف والمجلات استطاع أن يتناول قضايا حيوية كثيرة، تهم قطاعات مختلفة في المجتمع. وبرغم محدودية ذلك العمود الصحفي أو ذاك، الا أن الفقيد الاستاذ شكيب عوض رحمه الله، كان بارعاً جداً في تناولاته الصحفية تلك حيث استطاع أن يستغل هذا الحيز الصغير لمعالجة قضايا كبيرة بواسطة ما يسمى بالتكثيف.

وهو الفنان والموسيقي، ليس فقط من حيث المعلومات والمعارف الضخمة في كميتها، التي كان يمتلكها هذا الانسان، بل ونجده موسيقياً بارعاً في ترديد الكثير من الأغاني الخاصة بالمطربين اليمنيين وغيرهم بشكل جيد وراق، حيث تسمعه في كل مقابلاته التلفزيونية والاذاعية مع العديد من المطربين، وهو يردد بإتقان وأريحية هذه الاغنية او تلك مصاحباً لهذا المطرب أو ذاك، بل ولا نستغرب عندما نجده يصحح لهم أغانيهم عندما تخونهم ذاكرتهم، فهو صاحب الذاكرة الحية.

وهو الموسوعي الذي يكتنز في خزائنه وارشيفه الضخم، معلومات عن الفنون بأنواعها من موسيقى وسينما ومسرح، وعن الفنانين والمطربين والممثلين، بل وعن تاريخ هذه الفنون وسير حياة المشتغلين فيها وإبداعاتهم.. وكذلك كان في مجال الصحافة والصحفيين.

كما كان يمثل بحق وبدون منازع الذاكرة الحية لمواقع وتطور الفنون والابداعات المختلفة التي أتينا على ذكر بعضها، وللصحافة كذلك .. فاطلب ما شئت تجد عند الاستاذ شكيب عوض ما تريد من معلومات، في الصحافة والموسيقى والسينما والمسرح ...إلخ.. لذا يحق لنا ان نعلن بصوت عال أن هذه المواهب والابداعات قد اتت اليه رغم أنفها، ولم يهرول اليها كما فعل الكثيرون، ذلك لأنه اهل لها.

إن إنساناً بهذا المستوى والدرجة من المعرفة، وامتلاك الموهبة، وهذا الاتقان والمهارة لهو جدير بأن يكون مثقفاً متكاملاً.

كما أن إنساناً بهذا المستوى من الثقافة الشاملة لجدير به أن يكون استاذاً، ولا يحق لنا إلا أن نكون تلاميذ في مدرسته.

ويحق لنا أن نقر بأن فقيدنا الاستاذ شكيب عوض باعتباره إعلامياً ألمعياً وصحفياً جاداً، وموسوعياً شاملاً، ومخزناً للذاكرة الحية، ومثقفاً متكاملاً، وبالتالي استاذاً، لم يكن كذلك إلا بفضل مجموعة من الصفات والخصال الاخلاقية العالية التي كان يتمتع بها فقيدنا العزيز.

لقد كان الفقيد انساناً طيب القلب، وكان نقي الروح، وكان متواضعاً ومتسامحاً، وكان متفانيا في عمله دائماً.. لقد كان رجلاً بكل المقاييس وكان معتزاً بنفسه يحترم ذاته، فكان حرياً بالآخرين أن يضعوه في منزلة عالية من درجات التقدير والاحترام.

رحم الله فقيدنا العزيز الاستاذ شكيب عوض سعيد، وأسكنه فسيح جناته وألهمنا وجميع أفراد أسرته وأهله الصبر والسلوان.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى