دوعن.. الوادي الجميل.. الأيمن نموذجا

> «الأيام» سالم علي بن زقر:

> عنوان كتيب صغير عن دوعن الأرض والإنسان والتاريخ والطبيعة والجمال، صدر عن دار حضرموت للدراسات والنشر للمؤلف الشاعر الشفاف سالم عبدالله بن سلمان صاحب ديواني (العشق في حضرة الكلمات) و(أهازيج) على ربى دوعن) الصادرين عن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين عامي 2003 و2004م.

وهو عبارة عن محاولة متواضعة لرؤية شخصية يتحمل المؤلف قصورها وتبعاتها وحده، فقد استطاع من خلال جهد المقل وبما وقع تحت يده من نص وثائقي ومعرفي ومصادر ومراجع عامة ودوريات متنوعة موضحة ومثبوتة في ثنايا هذا البحث، أن يرسم صورة لهذا الوادي القابع خلف الصمت والنسيان تدفع بمن هو أقدر منه همة وعلماً وزاداً وثقافة في المستقبل القريب إلى رسم الصورة كاملة ووهاجة.

لقد استهوتني كثيراً فكرة الكتابة عن هذا الكتيب الصغير حجما، الكبير نفعا ومنفعة بما يختزنه من معلومات مهمة دقيقة مثبوتة في ثناياه استغرق جمعها فترة زمنية تزيد عن نصف عقد من الزمن هاجساً وبحثا وتتبعاً، قراءة وكتابة بلا كلل أو ملل، حتى استطاع المؤلف إتمامه على الوجه الذي ارتضاه وتمناه.. فقد احتوى الكتيب على (166) صفحة من الحجم الصغير مع ملحق بالخرائط والصور، يوضحان وادي حضرموت وأهم روافده وكذا المدن والقرى والطرق في مديرية دوعن، موزعة على خمسة فصول هي كالآتي:

في الفصل الأول الذي حمل اسم دوعن المكان وحقيقة دلالة هذه التسمية (دوعن) حيث تضاربت آراء من كتبوا عنها، فهناك من يقول إن اسم دوعن مختصر من لفظ أيدعان، وهو اسم جد قبيلة من الصدف واسم جد قبيلة من حضرموت، فسمي الوادي باسمها، وقد أورد الكاتب أكثر من رأي مخالف بخصوص هذه التسمية منها ما جاء في كتاب (النسبة إلى المواضع) للمؤلف محمد الطيب بامخرمة، وكذا كتاب معجم بلدان حضرموت المسمى (إدام القوت) وكتاب (الموارد الهنية من الرحلة الدوعنية)، للسيد أحمد بن حسن العطاس، وهناك العديد من غير هذه الآراء بالإمكان التعرف عليها من ثنايا الكتيب لتحديد حقيقة هذه التسمية ودلالتها لوادي دوعن.. أما الفصل الثاني المعنون بـ (دوعن الزمان) فقد احتوى على دوعن من خلال النقوش والنصوص في العهود الغابرة قبل الإسلام، ودوعن في مرحلته عند ظهور الإسلام، وفي العصور الحديثة، كما جاء في هذا الفصل الكثير من الدلائل والأبحاث الميدانية التي تشير إلى أن وادي دوعن موغل في القدم، منها ما قامت به البعثة اليمنية السوفيتية من أبحاث ميدانية في الأعوام (1983- 1989م) بالإضافة إلى الطريق التجاري الذي يمر حول وادي دوعن والذي يصل حضرموت بالطرق التجارية الرئيسة من الساحل إلى شبوة.

هذه الآثار القديمة بدوعن وغيرها تدل دلالة واضحة على ارتباط هذه البلاد بالجنس الإنساني منذ أقدم العصور، كما أشار في هذا الفصل إلى فترة الصراع الذي ذاق في ظله الناس صنوفا من الأذى والخوف والقهر والقلق كغيره من بلدان حضرموت، ثم توالت الحملات فيما بعد على دوعن من أصحاب الطموح بدءاً من السلطان بدر بوطويرق الذي هاجم الشيخ عثمان العمودي واستيلائه على دوعن التي لم يقم فيها طويلاً بل عجل بهزيمته ودحره منها بكاملها وتم بعدها استيلاء الكسادي ثم سيـطرة القعيطي سيطرة كاملة على دوعن.

أما الفصل الرابع فقد تحدث فيه المؤلف عن جذور الإنسان في دوعن وأول من سكن من القبائل فيه بعد عاد الأولى، ودور الإنسان في دوعن الذي تنامى وتجسد على مر العصور في إنشائه لهذه المدن والقرى التي تمتد على طول الوادي، كما استعرض أنواع الأنشطة الاقتصادية التي تنتشر على ضفتي الوادي الأيمن والأيسر على السواء والتي وفرت له على مر السنين حضورا تجاريا في الأسواق المحلية وقليلا في مدن الساحل، كما أورد في هذا الفصل أيضا أهم المدن في وادي دوعن وما لعبته بعضها في الحياة السياسية والاقتصادية والدينية. في حين استعرض الفصل الخامس والأخير أعلام وادي دوعن في مجال الفقه والتصوف والتاريخ والأدب والشعر والإدارة وشئون السياسة، وقد أورد الكاتب عددا من الكتب في هذا الشأن ككتاب (بشرى الكريم) في علم الفقه للفقيه المحقق سعيد محمد باعشن وكتاب في الحديث ثبت في الأسانيد للشيخ عبدالله محمد باسودان وغيرهم.

أما فيما يخص الأدب والشعر فنكتفي بذكر بعض شعراء دوعن الذين ذاع صيتهم في ذلك الوقت كالشاعر محمد بن ظفر بن عمير الكندي وعلي بن عقبة الزيادي وأحمد بن محمد علوي المحضار، وعبدالقادر باسندوة وغيرهم كثير ولعل الكاتب بهذا الشيء القليل الذي وضع تحت يديه حاول وبقدر المستطاع أن يسلط ولو ضوءاً خافتا على سيرة هؤلاء الأعلام من خلال هذه التراجم لهم، وأعطى لهم وبتواضع جم بعض حقهم من الفضل الذي تفاخر دوعن به ويشرئب عنقها نحو عنان السماء أسوة ببقية الأعلام في حضرموت خاصة واليمن عامة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى