> هل فكرت يوما في تحويل رحلة ذهابك إلى عملك وإيابك منه الى فيلم تسجيلي؟ بالنسبة لي المسألة اصبحت عادة يستعصي علي التخلص منها فلا تكاد الحافلة تغادر محطة المنصورة صوب مدينة كريتر - طبعا بعد ما نختنق من الحر في انتظار امتلائها بخمسة عشر راكبا- حتى أبدأ في تصوير مشاهد هذا الفيلم التسجيلي في ذهني.

(. . . .)
> وبالأمس لم تكد الحافلة تسير حتى بدأ فيلمي التسجيلي ككل يوم مع اختلاف أن الطريق - طريق المنصورة عدن - كان مليئا هذه المرة بيافطات حاولت قراءة ما فيها مستغلا نزول راكب أو صعود آخر فإذا بها - أي اليافطات - تتحدث عن مواطنين مرفوعي الهامات حاولت البحث عنهم في وجوه الهائمين في الشوارع فلم أجدهم فالكل مطأطئ الرأس، الكل سحقته الأوضاع المعيشية المتردية، الكل داس على هامته الفساد.

(. . . .)
> حاولت إدخال - ولو القليل - من البهجة على هذا الفيلم التسجيلي خاصة عند مشاهدة الأضواء الملونة والمجسمات التي (زهنقت) بها الشوارع الرئيسة لكن حديث مواطنين الى جواري في الحافلة عن معاناة انقطاع الكهرباء عن مساكنهم سلب كل قيمة جمالية أو معنوية يمكن ان تضفيها تلك الأنوار والزينات.. فعلا ماذا يجديني كمواطن هذا الديكور المضيء فيما حياتي ظلام ممزوج بحر ورطوبة خانقين والنهار ظلمات من الظلم؟

(. . . .)
< عزائي الوحيد في هذه العادة التي أدمنتها أن فيلم رحلة العودة الى البيت في المساء غالبا ما يكون جميلا وساحرا فمنظر البحر - وبالأحرى ما تبقى منه - يكون في الليل ساحرا مع النسمات العليلة ويمنح النفس فرصة لتغتسل من الهموم.. أدعوكم للتجربة.