قصة قصيرة بعنوان (هــروب)

> «الأيام» عبدالإله سالم الضباعي:

> الوقت بعد منتصف الليل، الفصل شتاء، الجو ملبد بالغيوم، البرد قارس جميع المسافرين يرتدون الملابس الشتوية. يصعد الجميع إلى الطائرة الأيرباص المتجهة إلى فرانكفورت، تغلق أبواب الطائرة. جميع الركاب أخذوا مقاعدهم.

لا يزال راكب واقف لم يأخذ مقعده، يطلب منه المضيف بطاقة الصعود (البردنج) يحمل مقعده الرقم (A 14) درجة سياحية لكن هناك من يحتل المقعد.

يتقدم المضيف إلى الشخص الذي يحتل المقعد، وعندما اقترب منه تسمر المضيف في مكانه: يا للهول! ما هذا؟ أصابته الدهشة وانتابه الخوف والهلع. اقشعر بدنه وقال في نفسه: ما هذا؟ راكب غريب لم أعهد في حياتي أن أرى أو أشاهد له مثيلاً، مختلف عن كل من شاهدتهم أو عرفتهم من البشر، شكله مخيف بل مرعب طويل القامة، طوله غير مألوف رأسه صغير له منخار طويل كمنقار النسر.. أسنانه بارزة وطويلة بشكل أنياب حادة ومخيفة. جسمه هزيل. ملابسه رثة ومتسخة، وشعر رأسه كثيف. يتراجع المضيف إلى الخلف ويتجه مسرعاً إلى الكابتن وهو يرتعد من شدة الخوف، تصطك أضراسه ببعضها من الخوف والهلع وهو يحدث الكابتن الذي استطاع بالكاد أن يفهم ماذا يريد أن يقول المضيف. حاول أن يهدئ من روعه. ينهض الكابتن من مقعده خلف مقود الطائرة يخرج من كبينة القيادة ويترك المضيف فيها، يذهب باتجاه الشخص المخيف الذي يحتل المقعد.

يصل إليه يلقي عليه التحية لكن الراكب لم يرد، كان شارد الذهن، طلب منه الكابتن بطاقة الصعود إلى الطائرة للتأكد من رقم المقعد، يلتفت إليه الراكب ويرد عليه بصوت شاحب وحزين وعيناه تذرفان الدموع ويقول: أرجوك يا كابتن كل ما فيني يكفيني لا تزد همي، ألم تشاهد أن حالتي حالة وقد نحل جسمي من شدة الحزن والأسى والجوع ولم يبق إلا جلد فوق العظم.

خلوا لي حالي اتركوني أغادر، أنا طفشان من وضعكم هذا؟ ا تركوني أهرب منكم ما عاد لي حاجة للبقاء هنا ولا رغبة اتركوني أغادر أبحث عن وطن آخر أعيش فيه بأمان واطمئنان أجد فيه نفسي وأمارس فيه أعمالي ومهامي، هنا عندكم توجد عصابة أخذوا مني كل شيء تركوا أعمالهم ومهامهم وأخذوا وظائفي وتخصصاتي، التي لا يستطيع القيام بها غيري، فهم أخذوها مني وأتقنوها بل تفوقوا علي، أنا حزين لأنني فشلت فشلاً ذريعاً وهزمتني هذه العصابة وأصبحت خائفاً على نفسي منهم حيث وصلوا إلى ما لم أصل إليه ووصلت أنا إلى هذه الحالة التي تراني عليها. قال له الكابتن من أنت عرفني بنفسك؟ قال له: ألم تعرفني بعد؟ قال له الكابتن: لا. قال: أنا الشيطان يا كابتن!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى