عبدالرحمن باجنيد.. تجربة إعلامية وفنية رائدة عمرها (9) سنوات!

> «الأيام» مختار مقطري:

> ذكرني صيف هذا العام بتلك المشاعر الدافئة التي ميزت لقاءاتي القليلة بالإعلامي الكبير والفنان القدير عبدالرحمن باجنيد في الصيف الماضي، ورغم أنه كان لقائي الأول بهذه الشخصية الفذة إعلامياً وفنياً، ولكن الباجنيد الإنسان لا يجعلك تشعر بأنك غريب عنه أو بأنه غريب عنك لتواضعه الشديد وروحه الحلوة، رغم أن انبهاري الشديد بشخصيته الإعلامية والفنية بدأ منذ منتصف ستينات القرن الماضي ولم ينته حتى بعد لقائنا في الصيف الماضي، فهو واحد من أبناء عدن الذين أسهموا في ازدهارها ثقافياً وفنياً وإعلامياً وشرفوا اسمها تشريفاً كبيراً وازى ما بلغته عدن من مستوى راق ومزدهر في تلك المجالات ومجالات أخرى وكانت منارة للفكر والإبداع في تلك الحقبة على مستوى الجزيرة والخليج العربي، ثم بدأت شعلتها تحتضر لأن الباجنيد وكثيراً من أبنائها المبدعين الكبار كان جزاؤهم جزاء (سنمّار) لأسباب رفض الباجنيد الإفصاح عنها في حوار أجريته معه ونشر في «الأيام» بالعدد 4503 في 9 يونيو 2005، فاحترمت رغبته، ولكنها أسباب لم تعد اليوم مجهولة أو خافية على احد.

وكنت أنوي منذ نشر حواري مع الباجنيد في الصيف الماضي أن أكتب عنه لأعبر عن اعجابي الكبير به كإعلامي كبير وفنان قدير، فذكرني هذا الصيف بتلك المشاعر الدافئة، فاندفعت للكتابة عن تجربته الاعلامية والفنية الرائدة التي لا يزيد عمرها الحقيقي في تقديري عن (9) سنوات فقط! وهي تجربة ناجحة لموهبة خلاقة أهملتها للاسف الشديد أجهزة الاعلام اليمنية بدلاً من تعميمها لتقديم النموذج الامثل والقدوة الحسنة للمبدعين الشباب، لانشغالها بالترويج لأنصاف وعديمي المواهب الحقيقية.

ولمن يرغب في معرفة تفاصيل التجربة الرائدة للباجنيد في مجالي الفن والإعلام يمكنه العودة للحوار، وكل ما أود تسجيله هنا هو دهشتي من ذلك النجاح الكبير في مجالي الإعلام والموسيقى والغناء الذي حققه عبدالرحمن باجنيد في تسع سنوات فقط (1960-1969م) ففي الإذاعة والتلفزيون كان مذيعاً متألقاً وقارئاً متمكناً لنشرات الاخبار باللغتين العربية والانجليزية، وأكد مقدرته الفذة في الترجمة الفورية في مسلسل (الهارب) كما نجح في تقديم عدد غير قليل من البرامج التلفزيونية ضمن برامج المنوعات تحديداً -معداً ومقدماً - والبرامج الخاصة بالأطفال، وبعد أن كان مجرد عازف على آلة الكمان في فرقة أحمد قاسم التجديدية نجح في أن يكون شخصية فنية مستقلة في مجال الموسيقى والغناء، فليس في ألحانه أثر لأحمد قاسم فلا تسمع فيها الجملة الموسيقية الطويلة ولكن ألحانه تعتمد على الجملة الموسيقية القصيرة الرشيقة التي تطرق أذن المتلقي بخفة نغم نابع من روحه المتناغمة نشاطاً ومشاعر وعذوبة، فقدم عشرات الاغاني التي مازالت قادرة على إطراب قلوب الجماهير والتي ربما تحاول أجهزة الاعلام حجبها لأنها ألحان تجديدية، وربما للهجة كلماتها (العدنية)، وأذكر منها على سبيل المثال فقط: أنا خايف من حبك، خلي الدلع يا جارنا، طير من وادي تبن، متى تزور مغرماً (أقرب الى الموشح)، يا قمري الوادي، بندر عدن، اذكريني، الليلة فرحتنا يا حبايب (خاصة بالأعراس)، راجعوه، حبيبي أنت، في السحر، خليك رياضي (أغنية رياضية)، كما قدم (الدويتو) مع الفنانة القديرة فائزة عبدالله ومع المطربة الاذربيجانية زينب خانوف (هجرت جيراني) وفيه وظف الآلات الموسيقية الأذرية توظيفاً جميلاً في أغنية يمنية، وفي اقل من 48 ساعة نجح في تلحينه وتلقين كلمات النص للمطربة زينب خانوف التي لا تتكلم اللغة العربية، كما نلاحظ تنوع المواضيع في أغانيه فلم يكتف بالاغنية العاطفية فقدم الأغاني الخاصة بالمناسبات الاجتماعية والدينية كما قدم الأغنية الرياضية، صنف الى ذلك اهتمامه بأغنية الطفل فقدم اشهر الاعمال الفنية الى اليوم الخاصة بالأطفال مثل: بيع التيس، فك البوك، تفاحة وغيرها .. كل ذلك وغيره كثير قدمه الباجنيد في تسع سنوات فقط لأنه عرف أهمية التثقيف في حياة المبدع الذي يسعى للنجاح إلى جانب موهبته الكبيرة وإصراره على النجاح وصبره على المعاناة وعشقه الكفاح، والأهم من ذلك حبه واحترامه للناس، وأنا أراهن هنا أن لا أحد اليوم من فنانينا الشبان وممن سبقوهم بسنوات قادر على أن يفعل ما فعله الباجنيد ولو في 20 عاماً، لأن الباجنيد لم يفوت دقيقة واحدة في الشكوى والأنين أو الغيرة المدمرة ولم يدّعِ الاستاذية يوماً وهو جدير بهذا اللقب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى