أغانينا .. إحقاق حق وليس رد اعتبار!

> «الأيام» محمد حمود أحمد:

> التراث الإنساني ملك لكل شعوب المعمورة، لأنه ملك البشرية وهي التي صنعته عبر تاريخها الطويل، ومن الطبيعي أن يجري التأثر والتأثير المتبادل بين الشعوب لأن ذلك من أهم محفزات وعوامل دفع عجلة التطور والإبداع والتجديد والتحديث للحياة بمختلف مجالات النشاط الإنساني والإبداع العلمي والفني. غير أن هذه العملية الطبيعية لا تجري بعيداً عن القواعد المرعية والأصول والأعراف وحفظ الحقوق.

وقد بدأ الاهتمام الدولي بهذه العملية أكثر فأكثر في ظل التطورات الدولية المتسارعة ومع اتساع شبكة العلاقات التجارية الدولية، بدأت تهتم بحق الملكية الفكرية ووضع قواعد منظمة وشروط وأسس لحماية حق الملكية الفكرية لكثرة السرقات التي انتشرت للإبداعات العلمية والفنية والاختراعات والأعمال الفكرية والمصنفات الخاصة كالتسجيلات الصوتية والمرئية - أي الأعمال السينمائية، بما في ذلك الحقوق المجاورة لحق المؤلف، كالمؤدي والملحن، وكاتب الكلمات وعلى وجه الخصوص بعد سريان منظمة (الجات) عام 1948م وإدماج حقوق الملكية الفكرية في مجال التجارة الدولية، وفرضت المنظمة على الدول الأعضاء تضمين حقوق الملكية الفكرية في قوانينها المحلية وتشريعاتها.

وكذلك استحداث اتفاقية (التربس) التي تتناول غالبية فروع الملكية الفكرية وذلك لمكافحة الممارسات غير التنافسية في العلاقات التجارية وحماية حق الدول والشعوب والأفراد الفكرية والإبداعية بما في ذلك اتخاذ تدابير تضمن هذه الحماية، ويشير الدكتور المحامي يحيى قاسم سهل الباحث في مجال القانون:«لقد قبلت اليمن عضواً مراقباً في منظمة التجارة الدولية (الجات) عام 2000م ومن المعروف أن اليمن قد أصدرت قانون رقم 19 لعام 1994م الذي أوضح أنواع المصنفات الواجب حمايتها والابتكار ونوعه وطريقته ونوع المصنف فردي، جماعي، حقوق المؤلف، أو الهيئة المشرفة عليه، بما في ذلك المصنفات الجماعية كالموسوعات وضمان الحقوق المعنوية والمادية للمؤلفين، كالحق في النشر والترجمة إلى لغة أخرى أو إعادة الطبع وسواها من الحقوق والشروط والإجراءات المتبعة للحماية».

وأضاف د. يحيى في محاضرة ألقاها مؤخراً في منتدى باهيصمي «أنه في المرحلة الحالية وفي ظل استشراء السرقات الفنية وانتحال الأعمال التراثية وتسريب التسجيلات والتجارة بحقوق الآخرين، لابد من تفعيل هذا القانون والتطبيق الخلاق لمواده، ليس على المستوى الداخلي فحسب، بل وعلى نطاق الخارج وتفعيل دور اليمن في الهيئات والمنظمات والمؤسسات الدولية العربية والعالمية التي تهتم بحقوق الملكية الفكرية وحماية التراث والإبداع الفردي والجماعي».

ولابد من الإشارة إلى أن غياب دور اليمن عن هذه المؤسسات والمنظمات المعنية يفوت الكثير من الفرص للاستفادة من وجودها في هذه المؤسسات والتعاون معها والحصول على الكثير من المزايا والخبرات والمساعدات وثمرات التعاون الثقافي والفني التي تتيحها عضوية اليمن في مثل هذه المنظمات والمؤسسات. لقد صار من الحقائق المألوفة والمعروفة انتشار كثير من الأعمال الغنائية والتراثية اليمنية خارج القطر اليمني ليشمل الخليج والجزيرة العربية وسائر الأقطار، وذلك دون شك عامل قوة وقدرة وتميز وتأثير فاعل لتراثنا الأصيل وإبداعاتنا الغنائية واتساع انتشارها وجماهيريتها بين شعوبنا العربية، وينبغي أن نحرص على ذلك دائماً فذلك عامل من عوامل الازدهار والتفاعل الحضاري بين شعوبنا، ولكن حين يتعلق الأمر بصيانة الحقوق واحترام حق الغير والإبداع الفردي فلا ينبغي أن نتهاون إزاءها، ولعل ما جرى من قبل مع الشاعر اليمني الكبير حسين أبوبكر المحضار، الذي كسب قضية رفعها أمام القضاء الكويتي بصدد لحن إحدى أغانيه الشهيرة (ولا ذى الأوله منك ولا ذى الثانيه)، والذي قضى باستحقاقه لحق الملكية للحن والحصول على تعويض عادل، لعل ذلك يقوم بمثابة الدليل القاطع والقدوة التي ينبغي أن نقتدي بها في مثل هذه المواقف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى